(لا وجودنا داخل المعارضة.. لا وجود حزب الأمة سيؤثر علي الثورة صدقني)! وردت هذه العبارة ضمن حوار أجرته صحيفة (التيار) السودانية مع زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن عبدا لله الترابي السبت الماضي, العبارة وردت علي لسان الترابي في معرض ردّه علي محاوره بشأن ما إذا كان وجود حزب الأمة داخل التحالف المعارض ضروري لعمل المعارضة. ولعل أقرب سؤال من الممكن أن يتبادر إلي الذهن – بسرعة البرق – إزاء هذه الإجابة هو.. لماذا إذن, (قامت دنيا المعارضة) ولم تعقد حين إشتدّ الخلاف والتلاسُن بين الترابي والمهدي وأُضطر الزعيمان تحت ضغط قوي اليسار للرضوخ لمصالحة (قسرية) بدار أحد الأحزاب اليسارية كان واضحاً إن الهدف الأساسي منها هو تجميل وجه قوي المعارضة وإظهارها بمظهر القوي المتماسكة؟ إن من المفروغ منه في هذا الصدد أن قوي المعارضة - بإجماعها - لا تزن وزناً سياسياً يجعل منها شيئاً تهاب منه السلطة أو تعمل له ألف حساب. والآن د.الترابي – في إقرار نادر – يؤكد علي نحو قاطع أن وجود الحزب الذي يتزعمه أو حزب الأمة داخل قوي المعارضة أو خارجها لا أثر له علي عملية إسقاط الحكومة ؛ بمعني أكثر شمولاً ووضوحاً فإن الترابي يقلل تماماً من دور الأحزاب المعارضة ويعتقد أنها عديمة الأثر والجدوى في قيادة ثورة لإسقاط الحكومة السودانية وقد كان حديثه هذا مسنوداً بما أورده من أمثلة ونماذج في ثورتيّ أكتوبر1964وأبريل1985، غير أن الرجل - ولأسباب معروفه - تحاشي التعرض لطبيعة النظامين في تلك الثورتين ومقارنتهما بالسلطة الحاكمة حالياً. ومن المؤكد أن الترابي لم يشأ القول إن السلطة الحالية تختلف جوهرياً عن نظامي نوفمبر ومايو في أنها تضم قوي سياسية – بما في ذلك الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني وحوالي (15) حزباً! في الوقت الذي كانت فيه أنظمة نوفمبر ومايو مجرد أنظمة ديكتاتورية وغير منتخبة! بل إن مؤدي هذا الحديث - الذي من المؤكد أنه سيغضب بقية قوي التحالف حتى ولو أسرّته في نفسها ولم تبدهِ - إن القوي المعارضة الرئيسية لا وزن لها ومن ثم فإن من باب أولي أن القوي اليسارية الصغيرة الأخري داخل التحالف هي الأخري لا وزن لها مما يقودنا إلي نتيجة فحواها إن الترابي ليس له أدني تعويل علي التحالف لفعل شئ. ويُستفاد من هذا أيضاً أن الرجل - بعد غياب زعيم حركة العدل والمساواة ونشوب الخلاف بضراوة بين خلفائه- فقدَ الأمل في فعل شيء ولذا راح يبخس قوي المعارضة أشيائها علناً. لقد كان واضحاً أن د.الترابي قد تملّكه يأس وقنوط حاد ولا يرجو من حلفائه شيئاً, وأن كل الذي جري في ظهيرة الاثنين قبل الماضي بدار (حق) بالعمارات من مصالحة بينه وبين المهدي لم تكن سوي (صور تذكارية) حرصت عليها قوي التحالف وحرصت عليها بصفه خاصة زعيمة حق كشأن النساء في الغرام بالصور التذكارية والمناسبات العالية الضجيج, المتنوعة الألوان. وعلي ذلك فإن هذه القناعة السياسية التي ربما لم تلفت إنتباه بعض حلفاء الرجل في قوي المعارضة تؤشر إلي أن تحالف القوي المعارضة – حتى ولو كان يُرجي منه إحداث أثر - فهو لا يستطيع - بحكم هذا التنافر والتدابر - فعل شيء مؤثر وهو ما يزيد من قناعة جماهيرية متصاعدة في السودان أنها لن تمنح الفرصة لهذه القوي - عديمة الوزن والجدوى - لكي تتسلق أسوار الحكم علي أكتافها بحال من الأحول!