يفتتح الرئيس حسني مبارك الأحد المقبل اجتماعات المؤتمر الرابع لمنتدي التعاون بين الصين وإفريقيا بمدينة شرم الشيخ بمشاركة49 دولة إفريقية والصين. وسوف يلقي الرئيس بيانا شاملا في الجلسة الافتتاحية للمنتدي, والتي يشارك فيها رئيس وزراء الصين الرئاسة المشتركة للمنتدي, ويحضرها عدد من رؤساء الدول الإفريقية , وكذلك الرئاسة الحالية والسابقة للاتحاد الافريقي ورؤساء الدول التي تتولي حاليا رئاسة التجمعات الاقتصادية والاقليمية بالقارة السمراء. ويناقش المؤتمر خلال جلساته عددا من الموضوعات الرئيسية التي تهم الجانبين الافريقي والصيني, وتأتي في مقدمتها قضايا الأمن والسلم, وتحقيق أهداف التنمية الشاملة والسبل الكفيلة لتعزيز التعاون والمشاركة بين الصين وإفريقيا للتعامل مع المتغيرات والتحديات التي تواجهها دول القارة في ضوء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الحالية وتداعياتها علي جهود التنمية في هذه الدول مع التركيز بشكل خاص علي ملفات البنية الأساسية والزراعة باعتبارها الركيزة الأساسية والرئيسية اللازمة لإيجاد مناخ موات لتشجيع الاستثمار من ناحية, وتحقيق الأمن الغذائي, وزيادة نصيب إفريقيا في حجم التجارة العالمية من ناحية أخري. ويستعرض المؤتمر خلال مناقشاته مسيرة عملية المشاركة بين إفريقيا والصين منذ إنطلاقها عام2000, كما يجري تقييما شاملا للإنجازات التي تحققت لدعم التعاون بين الجانبين من خلال تنفيذ إعلان وخطة عمل بكين التي اعتمدتها قمة المنتدي التي عقدت بالعاصمة الصينية, وشارك فيها الرئيس مبارك في نوفمبر2006. ومن المقرر أن يعتمد المشاركون في ختام أعمالهم إعلان وخطة عمل شرم الشيخ متضمنة برنامجا تفصيليا ومحددا لأنشطة المنتدي ومشروعات التعاون, والمشاركة بين الصين وإفريقيا خلال السنوات الثلاث القادمة ولحين انعقاد المؤتمر الخامس ببكين عام2012. وبالنظر إلي العلاقات الصينية المصرية نجد أن مصر من أوائل الدول التي كان لها تمثيل دبلوماسي مع الصين, وذلك عام1938, كما كانت من أوائل الدول التي بادرت بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية عام1956, كما كان للصين الشعبية موقف رافض تجاه العدوان الثلاثي علي مصر, فضلا عن تقارب التوجهات السياسية للبلدين في دعم سياسة عدم الإنحياز, بالاضافة إلي تأييد الصين للقضايا العربية. وبفضل مكانة مصر عربيا وإفريقيا وإسلاميا فتح ذلك الباب أمام الصين لإقامة علاقات رسمية مع كل من الدول الافريقية وكذلك العربية, ومرت العلاقات المصرية الصينية خلال الخمسين سنة الماضية بثلاث مراحل شهدت خلالها تطورا متواصلا, إلا أن المرحلة الثالثة مع بدء عقد الثمانينيات وتحديدا مع بدء عمل حكم الرئيس مبارك دخلت علاقات التعاون مرحلة جديدة وشهدت تطورا شاملا وسلسا, فقد أكد الرئيس مبارك مرارا أنه يكن مودة خاصة للصين, وأن مصر والصين ترتبطان بعلاقات ودية مميزة, ولهذا السبب احتلت العلاقات مع الصين مكانة مهمة في السياسة الخارجية المصرية, وشهدت العلاقات تطورا كبيرا وشاملا وأصبحت نموذجا للتعاون بين الجنوب والجنوب, وتوالت خلال حقبة الثمانينيات الزيارات المتبادلة بين الطرفين والتي ركزت في مجملها علي سبل تعزيز العلاقات لتشمل جميع القضايا المختلفة. وكانت حقبة التسعينيات من القرن العشرين فترة بالغة الأهمية في العلاقات المصرية الصينية, حيث تكثفت التبادلات علي جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية, وزادت حركة السفر والسياحة بين البلدين, وصولا إلي إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية خلال الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس حسني مبارك إلي الصين في الفترة من الخامس إلي التاسع من أبريل عام1999, والتي وضعت خلالها الأسس للعلاقات المصرية الصينية في القرن الجديد والتي شهدت إعلان بيان إقامة علاقات تعاون إستراتيجي بين البلدين. وعقب المحادثات قام الرئيسان مبارك وجيانغ تسيه مين بالتوقيع علي البيان المشترك بين جمهورية مصر العربية, وجمهورية الصين الشعبية, حول إقامة علاقات تعاون إستراتيجية, كما وقعا علي إتفاق نوايا حول التعاون في مجالات مختلفة, وكان أهم البنود التي ركز عليها البيان هو ضرورة بناء نظام سياسي واقتصادي دولي جديد علي نحو عادل ومنطقي, وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية, وتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية, وضرورة إصلاح مجلس الأمن لتحقيق التوازن الإقليمي مع مراعاة التمثيل العادل للدول النامية, وأهمية تحقيق السلام الشامل العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط بما يتفق مع المصلحة الأساسية لشعوبها, ويخدم أيضا السلام والتنمية في العالم والالتزام الكامل والتنفيذ الأمين للاتفاقيات الموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل والتي شهد عليها المجتمع الدولي بأسره, وضرورة العمل الدولي علي سيادة مفاهيم نزع السلاح, خاصة أسلحة الدمار الشامل بحيث تشمل شتي مناطق العالم دون استثناء أي دولة أو أي منطقة, وإدانة الإرهاب بشتي أشكاله والتعاون في مجال مكافحة الأعمال الارهابية الدولية. وقد وضعت الزيارات واللقاءات المتتالية, إضافة إلي زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتنسيق في المحافل الدولية أسسا متينة لعلاقات البلدين في القرن الحادي والعشرين في ظل التغيرات التي شهدتها الساحة الدولية, وأثبت أن العلاقات المصرية الصينية قادرة علي مواكبة تطورات العصر, ومواجهة تحدياته واغتنام الفرص الجديدة السانحة. وبحلول القرن الحادي والعشرين دخلت العلاقات المصرية الصينية مرحلة جديدة قائمة علي التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين, فما حدث في عام1999 من توقيع لاتفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين هو علاقة فارقة في علاقات الدولتين التي اتخذت أبعادا جديدة سياسية واقتصادية وبرلمانية وثقافية وسياحية وشعبية وحزبية, فقد بات التفاهم والتنسيق السياسي بينهما شاملا, وتجسد ذلك في اللقاءات والزيارات المتعددة لكبار المسئولين, إضافة إلي اللقاء السنوي الدوري لوزيري خارجية البلدين علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المحافل الدولية الأخري.