هددت الصين حكومة جنوب السودان بوقف التعاون النفطي وكافة المجالات الاستثمارية معها حال تعرض عدد من منسوبيها لعملية اختطاف بواسطة عناصر من الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان. وقالت أنباء من العاصمة الجنوبيةجوبا – الأحد الماضي – إن قادة صينيين رفيعي المستوي أجروا اتصالات وصفت بأنها (هامة جداً وعاجلة) مع قادة جنوبيين كبار طالبوا فيها الحكومة الجنوبية بضمان سلامة الصينيين المختطفين محمِلين جوبا كافة التبعات المترتبة على العملية. وتشير متابعات (سودان سفاري) فى العاصمة الجنوبيةجوبا أن القادة الصينيين ربما لم يكتفوا بهذه الاتصالات المبدئية الساخنة وأن بكين تفكر جدياً فى إبتعاث مسئول رفيع لمتابعة تداعيات الأزمة عن كثب. وتمثل هذه العملية مأزقاً حرجاً للغاية للحكومة الجنوبية كونها ولسوء الحظ وربما سوء التدبير المعروف عن جوبا تأتي فى ظل أزمة متفاقمة بين الخرطوموجوبا بدأت تتطاير وتؤذي بكين على الرغم من أن بكين ما كان ينبغي بحال من الأحوال أن تتأذي من هذه الازمة، وتبدو أزمة جوبا أكثر تعقيداً من عدة أوجه. فمن جهة أولي فإن التحذيرات التي أطلقتها بكين ووجهتها مباشرة الى جوبا بوقف التعاون النفطي وضرورة ضمان سلامة المختطفين أشارت ضمناً الى أن بكين (على علم تام) بأن جوبا تعبث بأمن السودان وأن يديها ممتدة لزعزعة أمن واستقرار السودان عبر دعم المتمردين أو بطريق مباشر ذلك لأن حادثة الاختطاف هذه كما هو معروف وقعت فى ولاية جنوب كردفان وما من شك أن ولاية جنوب كردفان ليست ضمن حدود دولة جنوب السودان ومعني هذا أن بكين تدرك ان (الفاعل الأصلي) ومن يقف وراء العملية هو حكومة جنوب السودان عبر أياديها العابثة فى السودان ويُستفاد من هذه النقطة أن جوبا مجابهة بإتهام مثبت ليس من السهل عليها نفيه أو إنكاره. من جهة ثانية فإن جوبا (مضطرة) بضمان سلامة المختطفين وضرورة الكف – ولو مؤقتاً – عن دعم المتمردين فى جنوب كردفان بعدما افتضحت هذه العملية بواسطة قوة دولية ذلك أن من الصعب تماماً ونحن نعلم ان الصين من الأعضاء الدائمين الخمس فى مجلس الأمن أن تمرّ حادثة كهذه فى منطقة من أهم مناطق نفوذ الصين الاقتصادي مروراً سهلاً، إذ على الأقل ستحاول الصين تجنب مثل هذه الحوادث عبر إجراءات (ثقيلة) الوطأة على جوبا. من جهة ثالثة فإن جوبا تسببت فى إحراج واشنطن أمام بكين، حيث ظلت واشنطن ومن سنوات تتحاشي الاصطدام بالصين فى هذه المنطقة، بل إن واشنطن تحاول جاهدة إخراج الصين رويداً رويداً – وليس عن طريق القوة أو الاصطدام – من المنطقة على المدي الطويل، وهى بهذا الصدد – أى واشنطن – طرف طالب حيال الصين وليس طرفاً مطلوباً، وقد تسبب تصرف جوبا هذا فى جعل واشنطن طرفاً مطلوباً. وعلى أية حال وأياً كانت سياقات ما ستؤول إليه الأزمة، فإن جوبا انحشرت حشراً فى أخمص أظافرها ولسوء تقديرها جاءت هذه الورطة فى سياق تداعيات أزمة النفط بينها وبين الخرطوم، إذ من المؤكد أن هذا التنافر بين جوباوبكين فى هذا التوقيت بالغ السوء على جوبا فسوف تعمل بكين على التعامل مع جوبا بحذر شديد ليس من مصلحة جوبا علي الإطلاق.