هل حسب والي النيل الأزرق السابق مالك عقار أن استمراره في موقعه كوال بعد الانتخابات القادمة عام 2014م سيكون مستحيلاً باعتبار أن إعلان فوزه في الانتخابات الفائتة جاء من باب المجاملة السياسية التي تقتضيها سياسة المؤتمر الوطني تجاه الأمن والاستقرار؟! هل هذا «الحساب السياسي» هو الذي شجّع عقار على أن يستجيب لنداء التآمر من الحركة الشعبية في جوبا ويزهد في منصب ناله مثلما نال من قبله منصب وزير الاستثمار قبل الانتخابات وبعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا؟ أم أنه يريد أن يحقق الوصول إلى منصب أعلى من منصب الوالي مثل منصب «النائب الأول» مثلما تبوأه جون قرنق وسلفا كير قبل انفصال الجنوب؟! الآن مالك عقار انتُخب رئيساً للجبهة الثورية التي تضم إلى جانب حركته حركات خليل وعبد الواحد ومناوي، وكأنه يريد إنتاج سيناريو الحركة الشعبية قبل انفصال الجنوب، فيقوم بواسطة قوات هذه الحركات بإشعال حرب واسعة تجعل الدولة السودانية تعيش مأساة مماثلة للتي بدأت بتمرد كاربينو وقرنق وتدفع كذلك فاتورة باهظة كما فعلت منذ عام 1983م إلى عام 2002م بعد ذلك يستوي طبخ المؤامرة بالدخول في مفاوضات مرعية من المجتمع الدولي والإيقاد قد يكون تقرير المصير من ضمن أجندتها، وقد تخلص إلى أن يكون منصب نائب الرئيس أو النائب الأول من نصيب الجبهة الثورية ليتقلده مالك عقار رئيسها، وبعد ذلك يقول «ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين» كما قالها الملك ريتشارد. وإذا أرادت الحكومة في الخرطوم أو أية حكومة تأتي بعدها إذا قدّر الله إذا أرادت أن تتحصن من إعادة إنتاج أزمة الحركة الشعبية بقيادة قرنق وسلفا كير، فليس أمامها إلا أن تولي استحقاقات الدفاع والأمن أكبر اهتمام بقدر الإمكانات، ولهذه المهمة تفاصيل فنية يفهمها أهل الشأن. المهم في الأمر هو أن مالك عقار لعله يرى استمراره في منصب الوالي المُهدى له سيكون حتى إعلان نتيجة الانتخابات القادمة أي بعد عامين تقريباً، وأن فرصة أخرى لمثل هذه الهدية ستكون مستحيلة. نعم هي مستحيلة كما يبدو، والظروف السابقة بالطبع ستختلف عن الظروف القادمة والفرق شاسع بين الجمهورية الأولى والجمهورية الثانية. وكل هذا ربما أدركه عقار ثم قارن بين جدوى الاستمرار في المنصب الهدية وركوب موجة مؤامرة لنيفاشا جديدة حول جنوب «جديد» كما يسميه من باب العزاء ومواساة الذات ياسر عرمان الذي لا يضع عصا النضال عن عاتقه؟ انتخاب عقار رئيساً للجبهة الثورية يجعله يسبح في بحر الأحلام «الظلوطية» ويتأمل ويفكر في أن يأتي يوم تستقبله الجماهير في الساحة الخضراء كما استقبلت قرنق من قبل بعد أن يوقع اتفاقاً نهائياً مع الحكومة ويعود وبرفقته عرمان يلوّح للمرة الثانية بعلامة النصر. لكن الحقيقة التي قد تكون فائتة على عقار هي أن حركات التمرد الدارفورية لها ظروفها الخاصة، وما أهمية مثل عقار بالنسبة لها إلا أنه تعويض عن إطاحة نظام القذافي وقبله سد الباب التشادي وعدم الرغبة الأوربية في الاستضافة والدعم الكافي لتحويل الجبهة الثورية إلى مستوى الحركة الشعبية أكبر حركة تمرد إفريقية.. إن قادة حركات دارفور لا يحتملون دفع استحقاقات التوحد والتضامن حتى داخل الحركة الواحدة، وإذا كان القرآن يقول «تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى»، فإن قادة حركات دارفور المتمردة هم شتى وقلوبهم شتى، ولا تجمعهم إلا المصائب ولولا تغيير الأوضاع في ليبيا لما انضمت «العدل والمساواة» إلى عقار والحلو وجنودهما.. لا يمكن تكرار جون قرنق ويوسف كوة وخليل إبراهيم، لا يمكن.. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 22/2/2012م