طالب مجلس الامن الثلاثاء بوقف الاعمال العدائية والهجمات في المناطق الحدودية بين دولتي السودان وجنوب السودان. وطالبت دول مجلس الامن ال 15 السلطات السودانية بالسماح بوصول المساعدات الانسانية الى ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق، وهما ولايتان سودانيتان تقعان على الحدود مع جنوب السودان وتشهدان مواجهات عسكرية بين القوات السودانية الحكومية ومتمردين. واعرب مجلس الامن في بيان تلاه سفير بريطانيا لدى الاممالمتحدة مارك ليال غرانت، الرئيس الحالي لمجلس الامن، عن 'القلق العميق' ازاء تزايد التوتر بين البلدين و'طالب' الطرفين ب'وقف العمليات العسكرية في المناطق الحدودية' بينهما. وادى تعرض حقل النار النفطي في جنوب السودان للقصف خلال غارة جوية الاسبوع الماضي الى تفاقم التوتر بين دولتي الشمال والجنوب اللتين استأنفتا الثلاثاء في اديس ابابا مفاوضات شاقة حول تقاسم الثروة النفطية. وامام حفرة خلفتها احدى القنابل التي استهدفت الحقل النفطي الواقع على بعد حوالي 20 كلم عن الحدود مع الشمال، قال محمد لينو بنجامين مدير عام وزارة النفط في جنوب السودان خلال جولة تفقدية ان هذا القصف 'يرسل اشارة واضحة قبل المفاوضات'. غير ان الخرطوم نفت اي مسؤولية لها عن الغارة التي وقعت الاربعاء الفائت في ولاية الوحدة في جنوب السودان. ومنذ استقلال جنوب السودان عن الخرطوم في تموز (يوليو) الماضي لا ينفك التوتر يتزايد بين الطرفين اللذين يتهم كل منهما الاخر بدعم حركات تمرد في الجهة الاخرى من الحدود. واثر انفصال جنوب السودان عن الشمال بموجب اتفاق السلام الموقع في 2005 والذي انهى حربا اهلية استمرت عقودا، باتت الدولة الوليدة تنتج ثلاثة ارباع اجمالي ما كان ينتجه السودان قبل الانفصال (حوالي 350 الف برميل يوميا). لكن جوبا لا تزال تعتمد على الشمال لتصدير هذا النفط، ويدور الخلاف حاليا بين الطرفين على الرسوم المتوجب على الجنوب دفعها للشمال مقابل السماح له بتصدير ذهبه الاسود. وفي هذا السياق ارتأت الخرطوم ان تقبض مباشرة الرسوم المتوجبة على مرور النفط الجنوبي في اراضيها عبر اقتطاع كميات منه، الامر الذي اغضب جوبا التي ردت بوقف تصدير الذهب الاسود. ويقول زاخ فيرتين المحلل في منظمة انترناشونال كرازيس غروب ان 'التوترات الحدودية، يضاف اليها الخطابات النارية، تضيق المساحة اللازمة لتقدم المفاوضات' حول تقاسم عائدات النفط. واضاف ان 'كل طرف بحاجة الى الاتفاق على على تصدير النفط ولكن كل استفزاز يؤدي الى التشدد في المواقف علما ان الثقة جد محدودة اصلا'. ومن المقرر ان يجتمع وفدا البلدين الثلاثاء في اديس ابابا في مقر الاتحاد الافريقي لاستئناف المفاوضات التي انتهت في اواخر كانون الثاني (يناير) الى طريق مسدود. اما في موقع الغارة الجوية في النار فيعمد السكان الى جمع شظايا القنابل التي استهدفت الموقع، ويقول شيخ القرية مياكول لوال ان 'الطائرات كانت تطير بسرعة كبيرة وتحلق باستمرار. اطلقت قنبلتان اسفرتا عن قتل الكثير من الابقار'، مضيفا ردا على اسئلة الصحافيين ان الطائرتين جاءتا من جهة الشمال الشرقي اي من السودان. من جهته يقول شوم جواج نائب رئيس مجموعة 'جنبوك' المسؤولة عن الحقل النفطي ان الخرطوم ارادت من وراء هذا القصف ارسال مجرد تحذير من دون ان تستعرض 'كل قوتها'. واشار في هذا المجال الى ان الغارة لم تستهدف منشأة استراتيجية لمعالجة النفط الخام تقع على بعد اقل من كيلومتر واحد من موقع الغارة. وفي الواقع فان الخرطوم مضطرة الى قياس تحركاتها بدقة متناهية ذلك ان اي هجوم واسع النطاق من شأنه ان يؤدي الى رد مماثل يطال منشآته النفطية الواقعة على الجهة الاخرى من الحدود، فضلا عن ان من شأن هكذا هجوم ان يثير غضب الصين، الحليفة التقليدية للخرطوم، والتي باتت 5 بالمئة من وارداتها النفطية تأتي من جنوب السودان. من جهته يقول مراقب دولي مطلع على سير المفاوضات بين الطرفين، طالبا عدم الكشف عن هويته، ان الغارة الجوية 'هي اقرب الى خطوة تأنيبية منها الى محاولة (تخريب) متعمدة، ولكن هذا يقرب الطرفين المتخاصمين الى الدخول في حرب سيمنى فيها كل منهما بخسارة هائلة'. ويضيف الخبير 'اذا قسنا الوضع الحالي على مقياس من عشر درجات، من واحد الى عشرة، فنحن اليوم عند الدرجة السابعة او الثامنة'. وعلى الارجح فان الخرطوم غضبت خصوصا من الجهود الحثيثة التي تبذلها جوبا لوقف اعتمادها على الشمال في تصدير النفط وتوقيعها في هذا الاطار اتفاقا مبدئيا في نهاية كانون الثاني (يناير) مع كينيا لبناء خط انابيب نفط يصل الى ميناء لامو المقرر بناؤه على المحيط الهندي. المصدر: القدس العربي 7/3/2012م