يبدو أن كافة المحاولات المحلية والدولية التي بُذلت للزعم بأن اقليم دارفور لا يزال يشهد مأساة وعنف وابادة جماعية قد باءت بالفشل فقد حاولت مجموعات أنقذوا دارفور وبعض نشطائها في نيويورك وفي باريس، وفي عواصم غربية عديدة انتهاز سانحة الاستحقاق الانتخابي الجاري الآن في السودان لإعادة (تسويق) مأساة دارفور المزعومة ولكن مقالاً صحفياً مطولاً نشرته صحيفة الانترناشنونال هيرالد تربيون الأمريكية كتبه الصحفي (جفري جتلمان) رفع نسبة الإحباط، بل والحياء – اذا جاز التعبير – لدى العديد من مراكز الضغط والبحث التي لا تزال تجري وراء سراب المأساة المزعومة، فالصحفي جيفري خطّ مقالاً وضع له عنوان ذا دلالة واضحة لا تقبل التأويل قال فيه (دارفور في فترة تجميد بين الحرب والسلام)! واستهل الكاتب مقاله بالحديث عما أسماه (تغير الصورة تماماً في دارفور عما كانت عليه قبل سنوات واصفاً الحركات الدارفورية المسلحة التي اشعلت العنف في الاقليم بأنها – بنص تعبيره – ذهبت الى بيات شتوي، مبدياً استغراباً كبيراً حول ما ثبت جلياً أن مجموعات كبيرة من النازحين المقيمين في المعسكرات قد بارحوها طوعاً ومضوا نحو الزراعة ليعملوا من أجل إعادة حياتهم السابقة ما يشير الى أن الوضع بات آمناً. وما من شك أن مقال الصحفي جيفري في هذه الصحيفة الواسعة الانتشار ما كان سيكون على هذا النحو لولا انه حوصر بأدلة وشهادات لجهات مختلفة كلها كانت تصب في مصب واحد وهو انتهاء العنف وعودة الأمن والاستقرار في دارفور. وفي هذا السياق فقد استشهد الصحفي بقائد قوات اليوناميد في دارفور الحالي، الرواندي (باتريك نانيا مفومبا) الذي قال بوضوح ( ان أنسب كلمة لوصف الوضع الحالي في دارفور هي كلمة تجميد، ان الوضع هادئ جداً في الوقت الحاضر. ان المجموعات المتمردة ظلت هادئة خلال العام الماضي 2009 بعد أن أقعدتهم الانشقاقات اللانهائية ولافتقارهم للأجندات السياسية الواضحة. ثم اقتطف المقال أحاديثاً لموظفي الأممالمتحدة قالوا فيه (ليست هناك أدلة كافية لاثبات أن الحكومة السودانية ترعى العنف الاثني والقبلي في دارفور كما سبق وان اتهمت بذلك في الأعوام السابقة)!! ولم يتوقف المقال هنا فحسب وانما اقتبس احاديثاً للناشط الاكاديمي المعروف (ايريك ريفيز) أحد أكثر المتابعين للشأن الدارفوري والمغالين فيه وفي سوئه حيث قال إيريك (لا شك أن العنف قد قلّ بشكل مهم في دارفور خلال فترة العامين أو الثلاثة الماضيين وأن الكثيرين – بما في ذلك شخص – يقول إيريك – قد تباقطؤا عمداً عن الاعتراف بمغزى ومدلول هذا الانخفاض في وتيرة العنف ويورد المقال أيضاً حديثاً في ذات المعنى لمسؤول التنسيق الخاص بالعمليات الانسانية بالاتحاد الافريقي والأممالمتحدة الذي قال بالحرف (ان مطار الفاشر أصبح الآن مكاناً لطائرات جاثمة لا تطير، ولا تقوم بأي طلعات لعدم وجود ما يستدعي ذلك). وهكذا – وبحيثيات واضحة، وأدلة وافادات لأشخاص مسؤولين ومحللين كانوا شديدي التحامل على السودان يثبت صحفي أجنبي على صفحات الهيرالدتيربيون انتهاء أي مظاهر للعنف في دارفور وهي شهادة لم يكن السودان في حاجة لها بقدر ما كان أكثر المحتاجين لها هم الذين يعرفونها ومع ذلك لا يكفوا عن بث الدعايات السوداء المغرضة عن دارفور باستمرار لأجندة خاصة بهم وحدهم لا شأن لأهل السودان ولا أهل دارفور بها.