لا يدري أحد لماذا أثارت أجهزة الدعاية الغربية – وخاصة الصهيونية منها – كل هذه المزاعم والمبالغات حول أزمة دارفور مع علمها – كما حدث بشأن العراق – أن الحقيقة لا محالة ظاهرة في يوم ما مهما عملوا على اخفائها ومداراتها، فقد رأينا في شأن العراق كيف أن دوافع الغزو الظالم ومبرراته الواهية لم تصمد طويلاً حتى قبيل انتهاء الحرب، اذ سرعان ما تساقطت كل الدعاية التي كانت تساق حول الارهاب وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، حيث أقر كل من الرئيس الأمريكي السابق (سئ السمعة) جورج بوش بذلك ثم تبعه رئيس الوزراء البريطاني المطابق له في سوء السمعة توني بلير بذات الاعتراف والاثنان الآن – عاجلاً أو آجلاً – معرضان للمساءلة، كيفما تكون تلك المساءلة. ذات الأمر الآن يجري بشأن دارفور، فقد انجلت الحقيقة بعد أن نشر معه بلجيكي لا يستطيع عاقل أن يزعم وجود مصلحة له أو صلة تربطه بالسودان دراسة مفادها أن الوفيات المدعاة في دارفور وبنسبة (80%) منها وقعت بأسباب مرضية لا شأن لها بالعنف والحرب التي دارت. وقبل أن يجف مداد هذه الدراسة، فإن صحفياً امريكياً كتب مقالاً مطولاً في الرابع من يناير الحالي 2010، كانت خلاصته – بعد أن أورد ما يفوق السبعة إفادات لمسؤولين دوليين وناشطين غربيين – أن العنف في دارفور في الحقيقة انقضى منذ أكثر من عامين وأن كان المعسكرات من النازحين عاد المئات منهم الى مزارعهم وقراهم، وأن مطارات الاقليم تجثم عليها طائرات بلا حراك حيث لا يوجد ما يستدعي تحليق الطائرات، ولا يوجد شن لهجمات أو قصف، كما أن متمردي دارفور أصابتهم حمى التصدعات وباتوا منشغلين بأنفسهم. بل ان أهم شهادة أوردها الصحفي جيفري بصحيفة الهيرالد تبريون الواسعة الانتشار هي شهادة الموظفين الأممين الذين نفوا تماماً وجود أي أدلة على وقوف الحكومة السودانية وراء الصراعات القبلية وما يعرف بتأليب الجنجويد على القبائل الافريقية. هذه الافادات، مقروءة مع شهادة المعهد البلجيكي مقروءة مع تصريحات الموفد الأمريكي الخاص الي السودان (سكوت غرايشن) قبل أشهر التي نفى فيها – رسمياً – وجود أدلة على إبادة جماعية في دارفور، مقروءة مع شهادة مسؤولي البعثة الأممية الافريقية المشتركة (اليوناميد) – رودلف أدادا – وقائد القوات السابق (مارتن لوثر أقواي) والحالي (باتريك نانيا مفومبا) والتي اتفقت جميعها في انتهاء كافة مظاهرات العنف والصراع هي شهادات ليست (جديدة)، ولا شهادات سعى السودان لها، ولكنها الحقيقة المجردة، ولكنها – وكما حدث في العراق وفقاً لما أشرنا – لم تستطع أن تستمر طويلاً ولهذا فإن التفسير القريب لهذا الامر بسيط للغاية وهو أن الحقيقة لا يمكن اخفاؤها، وأن الكذب والمبالغة في الكذب والخداع لا يمكن بأي حال أن يسود الى الأبد!!