مع احتدام حمي الترشيحات للاستحقاق الانتخابي المرتقب في السودان تبدو الخارطة السياسية في هذا البلد المنهك بالحرب وبالقضايا المختلفة, خارطة غير مألوفه الي حد كبير, فالقوي السياسية التقليدية (الأمة القومي) الاتحادي الديمقراطي.) يبدو صوتها خافتاً ولونها باهتاً الي حد كبير, فعلي الرغم من أن بعضها دفع مضطراً بمرشحيه وتردد البعض وهنالك بعض لا يزال يبحث عن وسيلة للمقاطعة والتأجيل الا أن المناسبة الجادة علي مستوي الرئاسة لايبين فيها أثر واضح لهذه القوي, اذ ظان غالب المراقبين والناخبين السودانيين بدأوا يلاحظون أن المناسبة سوف تنحصر غالباً بين مرشح المؤتمر الوطني الرئيسي البشير الأوفر حظاً حتي الان- وبعض المرشحين المستقلين غير المنتمين لأحزاب بعينها. ويقول مصدر سياسي عليم في الخرطوم أنهم لاحظوا احجام القوي السياسية عن المنافسة علي مستوي الرئاسة لأسباب غير واضحة وأن جرأة المرشحين المستقلين تبدو أكثر من نظراتهم المنتمين لقوي سياسية معارضة وحين استفسرنا المصدر عن طبيعة السبب الكامن وراء هذا الموقف أعاد التأكيد علي أنه يستغرب ومعه اخرون هذا الموقف ولكنه استدرك بالقول ان القوي التقليدية في السودان طالتها متغيرات عديدة وانكمشت أوزرانها طوال العقدين الماضيين وتعوزها الثقه في نفسها لولوج حلبه سباق رئاسي غير مضمونة النتائج, ويضيف المصدر وفي الغالب فان قادة هذه القوي السياسية (خافوا)- بنص تعبيره- من السقوط باعتباره سوف يصبح (وصمة) علي جبينهم بعد أن ظلوا يروجون لسنوات أنهم قادرون علي اكتساح أية انتخابات حرة نزيهة. وسالت (سودان سفاري) المصدر عن ما اذا كان احجام غالب قادة هذه القوي السياسية عن الترشيح للرئاسة يعود الي نهج أورؤية جديدة لترسيخ تقديم قيادات شابة وتجيد دماء القيادة. أجاب المصدر أن الأمر ليته كان كذلك فقد ظلت هذه القيادات (السبعينية) علي حد وصفه حتي الان تقود أحزابها وان كان هنالك تجديد فمن المهم أن يظهر التجديد علي المستوي التنظيمي داخل الحزب نفسه قبل أن يخرج الي المنافسة الانتخابية كل ما في الأمر أن هذه القيادات تخشي علي نفسها من (الاحتراق السياسي) اذا دخلت منافسة كهذه وخسرتها وعلي اي حال فان ظهور ظاهرة المرشحين المستقلين الجادين هي بمثابة اضافة لحمي الانتخابات التي اشتد أوارها فهي تضفي دون شك حرارة مطلوبة للتنافس وفي الوقت نفسه ربما تعطي اشارة للناخبيين السودانيين الي أن القوي السياسية التقليدية تتراجع لصالح قوي سياسية ناهضة وهذا ما بدأ يتجلي بوضوح, فالمعاقل القديمة جرفتها تيارات الوعي, والقوالب السياسية العتيقه, تتبلور في مكانها رؤي جديدة تساير روح العصر ولاشك أن الذنب هنا ذنب هذه القوي التي تجمدت وجمدت نفسها ورؤاها في قوالب عفي عليها الزمن وظلت قياداتها تهيمن علي كل شئ بلا نظر للمستقبل ولا برامج جادة حقيقية تلبي حاجة الناخب السوداني.