الاستجابة السريعة للحكومة لقرار مجلس الأمن الداعي لوقف العدائيات بين دولتي السودان وجنوب السودان قرار حكيم وعقلاني يجب دعمه لان الأصل في الإسلام هو السلام والحرب مهما كانت دواعيها ومهما تطاولت فهي ليست غاية وإنما وسيلة لرد العدوان وإحقاق الحق. واتفاق نيفاشا بسلبياته وايجابياته جاء بعد أن احتلت قوات الجيش مدينة توريت لتحسين موقفها التفاوضي ولكن حينما تم تحرير توريت في وقت وجيز تبين للحركة الشعبية أن الطريق الوحيد لنيل المكاسب هو السلام وليس القتال والآن ورغم أن الاعتداء على هجليج كان من دولة أجنبية وليس حركة متمردة فان هناك تشابهاً في المواقف. وإذا كان احتلال توريت كان لتحسين موقف الحركة التفاوضي وقتها فان احتلال دولة الجنوب لهجليج كان محاولة لإضعاف السودان اقتصادياً حتى لا ينطلق من جديد ويعيد بناء اقتصاده على القطاعات الحقيقية وهي قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية. ومهما كان قرار مجلس الأمن قاسياً وهو يساوي بين المعتدي والمعتدى عليه فإن قدرات الدبلوماسية السودانية وذكاء مفاوضينا يمكن أن يحول كثيراً من المطبات إلي مكاسب خاصة وان السودان يدخل المفاوضات وفي يده كرت جديد هو كرت تعويضات خسائر هجليج وعدم وفاء الطرف الآخر بالتزاماته السابقة. والحديث عن عدم إعطاء الملف الأمني الأولوية ليس دقيقاً لان القرار نص على ضرورة وقف العدائيات بين البلدين وعلى طاولة المفاوضات يمكن وبسهولة تقديم هذا الملف واشتراط السودان بان التوصل لحلول في قضية النفط مربوط بطرد حكومة الجنوب للحركات المسلحة التي تأويها. وإشارات البعض بأن القرار فيه بعض الاشتراطات التي يمكن أن تعيدنا لاتفاق باقان نافع لا يمكن النظر إليها من باب إن الاتفاق رفض سواء كان ذلك من المكتب القيادي للحزب أو من قيادة المؤتمر الوطني ولكن يمكن النظر إليه من باب أن الاتفاق الذي وجهت له مدفعية ثقيلة لم يكن كله خطأ وإنما فيه كثير من الايجابيات التي يمكن البناء عليها وفيه عدد من السلبيات التي يمكن تجنبها. ومع ذلك فان وفدنا المفاوض يحتاج إلى إستراتيجية جديدة تعينه على الاستفادة من الزمن والظروف التي تعيشها دولة الجنوب حتى نحول قرار مجلس الأمن إلى مكاسب تعيد لنا كل حقوقنا التي فقدناها بسبب أن الطرف الذي مضينا معه كل الاتفاقات السابقة طرف غير أمين. نقلاً عن صحيفة الوفاق 8/5/2012م