عمرو محمود أبو زيد موسى وشهرته عمرو موسى، أحد مرشحي الرئاسة في مصر المقرر إقامة الجولة الأولى من الانتخابات يومي 23 و24 من مايو الحالي.. موسى الذي بدأ حياته العملية في العام 1958م ملحقا بوزارة الخارجية المصرية، يعول كثيرا على الجفوة التي حدثت بينه وبين نظام حسني مبارك بسبب ما أشيع عن تزايد شعبيته وخوف الرئيس مبارك حينذاك منه، مما أدى (لإبعاده) للأمانة العامة للجامعة العربية بعد أن ظل وزيرا لخارجية مصر لمدة (10) سنوات من 1991م- 2001م.. وزعم البعض أن من مؤشرات شعبيته تلك الأغنية التي تغنى بها الفنان الشعبي الشهير شعبان عبدالرحيم المشهور بشعبولا (أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى).. صحيح أن للرجل مواقف يعتريها بعض التباين من مواقف النخب الحاكمة في مصر (الموالية) للتطبيع مع إسرائيل، لكن الأمر لا يبدو بتلك البساطة.. في أحسن الأحوال، فإن الرجل صاحب السيجار الكوبي الفخم، يتميز بالغموض، ويصعب معرفة موقفه بالضبط من أي قضية، فهو شخصية مثل الحرباء تجيد التلون بكل الألوان.. هذا (التلون) يفسر قدرته الكبيرة جدا على التعاطي مع الأسئلة الصحفية المحرجة، ولمست ذلك عن قرب فقد التقيته عدة مرات في الدوحة قبل سنوات خلت.. العديد من المصريين لا يعتقد أنه بعيد عن أفكار النظام البائد، و(10) سنوات وزيرا للخارجية تكفي لتلبّس الرجل تماما بداء (الواقعية السياسية).. فقد نزل الرجل إلى ميدان التحرير إبان اشتعال الثورة بأمر من أمن الدولة لتهدئة الثوار وحثهم على الرجوع وإتاحة فرصة للرئيس مبارك!!. تذكرون الطائرة المصرية التي أُسقطت قبالة السواحل الأمريكية عام 1999م واتهم الموساد الإسرائيلي بإسقاطها، وفي بطنها خيرة ضباط الجيش المصري الذين تلقوا دراسات وتدريبات عسكرية غاية في الأهمية، يقول وليد البطوطي ابن شقيق جميل البطوطي، مساعد الطيار: (أن عمرو موسى ومسؤولين آخرين يعلمون أسرارا خطيرة عن الحادث لكنهم يلتزمون الصمت)!! ما يثير قلق المصريين مواقف عمرو موسى من إسرائيل، ففي آخر مناظرة مع الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح أحد منافسيه في انتخابات الرئاسة، حول كيفية التعامل مع الكيان الإسرائيلي، شدد أبو الفتوح على أن إسرائيل عدو، بينما أكد موسى أنها خصم يمكن التعامل معه.. كذلك ظهرت وثيقة تدين تورط موسى في عمليه تصدير الغاز لإسرائيل ونشرتها صحيفة اليوم السابع المصرية ولم يستطع إنكارها ورد قائلا: (طالما أن وثائق الحكومة يتم تسريبها فسوف نطالب بفتح الملف بالكامل)!!. سينظر الناخب المصري (لواقعية) عمرو موسى باعتبارها بضاعة مزجاة، والبضاعة المزجاة هي الناقصة وربما الرديئة. كثيرون هم الذين ظنوا لفترة طويلة أن عمرو موسى ليس واحدا من النخب السياسية العربية التي أدمنت الخنوع والركون إلى (مقتضيات الواقع السياسي الدولي).. لعمرو موسى موقف (متخاذل) حين قرر عدم حضور القمة العربية بالدوحة التي خصصت لاتخاذ موقف عربي من حرب إسرائيل على غزة في (ديسمبر 2008 - يناير 2009) وقال عنها إنها ليست قمة وانحاز لمحور بعينه!!. باسم (العقلانية) تابعت الجماهير العربية كيف بقي موسى ملتصقا بجانب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في مؤتمر دافوس الذي أعقب مذابح غزة تلك، بينما قدم له رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان درسا لن ينساه حين خرج من المؤتمر احتجاجا على أكاذيب بيريز.. لقد قال بيريز لأردوغان: (هل كنت ستسكت لو أن أستانبول قُذفت بصواريخ؟!) وكأن إستانبول تحتل أرضاً وتجوع شعباً وتقتل الأطفال والنساء!. لقد غضب أردوغان للغمز واللمز الذي وجهه بيريز للمسلمين، بينما لم يحرك موسى ساكناً. عندما تم بحث قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير، دعا موسى وكان حينها أمينا عاما للجامعة العربية بأن يتخذ العرب موقفا (رصينا) من المحكمة.. وتساءل البعض حينذاك؛ ما معنى الرصانة وما المقصود بها؟. يحسب للرجل أنه زار دارفور وتبختر فيها والذي يتبختر في مكان ما يعني أول ما يعني ذلك أنه مطمئن بل يضرب الأرض بقوة وبخطوات ثابتة وواثقة.. التبختر في اللغة هو البَهْنَسَةُ.. والأَسد يُبَهْنِسُ في مشيه ويَتَبَهْنَسُ أَي يتبختر.. حينها نزلت الزيارة بردا وسلاما على الخرطوم لأن موسى ليس مجبرا على أن يخاطر ويتبتختر في دارفور ما لم يكن متأكدا (مليون في المية) أن الوضع الأمني مستتبٌ ومستقرٌ. المصدر: الشرق القطرية 18/5/2012م