تظهر الانتخابات المصرية التي بدأت أمس 24 – 25 مايو الجاري حيوية المجتمع المصري المدني والسياسي بعد 3 عقود من القمع وانعدام الحريات السياسية انتهت بسقوط نظام حسني مبارك في 25 يناير من العام الماضي تشهد الانتخابات تنافساً حقيقياً بين 13 مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية ولا تظهر استطلاعات الرأي العام في مصر فوارق ملحوظة بين مرشحي الرئاسة ولكن ثمة إجماع على أكثر المرشحين حظوظاً بحسب وسائط الإعلام المصري هم مرشح حزب العدالة والتنمية الواجهة السياسية لجماعة الأخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي والإسلامي المستقل د. عبد المنعم أبو الفتوح إلى جانب مرشحي التيار العلماني وهم عمرو موسي واحمد شفيق ومرشح اليسار حمدين صباحي. تحظي انتخابات الرئاسة في مصر باهتمام العالم كونها أول انتخابات تجري بعد الربيع العربي في أكبر دولة مركزية في المنطقة ويتوجه أكثر من 51 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس الجمهورية ويراقب العملية 49 منظمة محلية إضافة إلى 3 منظمات دولية منها منظمة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والمعهد الانتخابي للديمقراطية المستدامة في أفريقيا إلى جانب 93 سفارة ومندوبين من 48 دولة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأفريقي وأكثر من 28 ألف صحفي. تجري الانتخابات وسط أجواء مشحونة بالتوتر لذلك تبقي احتمالات أن تشهد العملية أعمال عنف في بعض المناطق في البلاد واردة بدرجة كبيرة ولا يبدو الطريق إلى قصر عابدين مفروشاً بالورود أمام مرشحي الرئاسة الخمسة الأكثر حظوظاً في الفوز بالسباق وتواجه مصر مسألة الدستور التي لم تحسم ولم ينته الجدل حولها بين القوى السياسية حتى دخول البلاد في عملية الانتخابات. الفقر والبطالة وتدني أداء مؤشرات الاقتصاد المصري الذي يعتمد على السياحة والمعونات الخارجية وهي أهم المشاكل التي تواجه الرئيس المقبل ويري مراقبون أن الشارع المصري لا ينظر كثيراً لانتماءات المرشح السياسية بقدر اهتمامه بالبرنامج الانتخابي للمرشح وقدرته على تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي للبلاد. ينقسم المصريون حول الخمسة مرشحين الأكثر حظاً في الفوز بكرسي الرئاسة وتشير استطلاعات الرأي إلي فوارق ضئيلة بين المرشحين الخمسة وبرغم فوز مرشح جماعة الأخوان المسلمين د. محمد مرسي بالنسبة الأكبر من أصوات المصريين في الخارج خلال انتخابات الرئاسة التي جرت في 11 مايو الجاري الا أن ذلك لا يعني احتمال فوزه بالرئاسة في الانتخابات الحالية في الداخل التي يتوقع لها أن تشهد جولة إعادة يومي 16/17 من الشهر المقبل في حال فشل أي من المرشحين في الفوز بأكثر من (50%+1) من جملة أصوات الناخبين ولكن في المقابل يرجح كثير من المراقبين فوز مرشحي التيار الإسلامي د. محمد مرسي ود. عبد المنعم أبو الفتوح بكرسي الرئاسة قياساً على اكتساح الإسلاميين للانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر ويناير من العام الماضي. لكن كيف تنظر القوى السياسية والمجتمعية في مصر لمسألة صعود التيار الإسلامي لمؤسسات الحكم في مصر يتخوف قطاع واسع من المصريين من احتمالات صعود قوى إسلامية متشددة للحكم في بلاد تعتمد في دخلها القومي بنسبة 70% على النشاط السياحي وبحسب مراقبين فان صعود التيار الإسلامي سيدفع بالأمور لمزيد من التعقيد في حال افتقار الجماعات الإسلامية لبرنامج سياسي شامل يخاطب الاحتياجات العصرية للمجتمع المصري في القرن الحادي والعشرين. لا يمكن التنبؤ على وجه الدقة بالرئيس القادم لمصر في ظل وجود عملية انتخابات ديمقراطية مراقبة دولياً وبعيدة عن احتمالات التزوير التي طالما وصمت الانتخابات في عهد حسني مبارك الذي ظل يصعد للحكم عقب كل انتخابات مزورة وعلى ثلاث دورات متعاقبة كانت الأخيرة قبل الإطاحة بنظامه بفترة قصيرة وعلى أي حال أتت النتيجة بفوز التيار الإسلامي أو الليبرالي فان مصر ودعت عهود تزوير إرادة الناخبين إلى عصر التنافس الحر وفق البرنامج الانتخابي الذي يخاطب قضايا الناس وهموم معاشهم وأعمالهم. نقلاً عن صحيفة الوفاق 24/5/2012م