السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من سيحكم مصر ومستقبل العلاقة مع السودان... محمد أحمد عيسى دفع الله


بسم الله الرحمن الرحيم
إستقراء المستقبل من ودائع الماضى ووقائع الحاضر
المصريون فى طريقهم لإختيار رئيسهم عبر إرادة شعبية حرة لأول مرة فى تاريخهم فقد يعلن الفائز بنهاية هذا الشهر إذا حقق النسبة المطلوبة من الجولة الأولى أو يتأخر إلى الإعلان عنه إلى الأسبوع الثالث من يونيو بعد جولة إعادة بين الحاصلين على أعلى الأصوات، يلح سؤال وسيظل هل ستكتمل الإنتخابات وإن إكتملت هل سيتم التراضى على نتائجها وإن تم ذلك من هو الرئيس القادم وكيف ستحكم مصر من خلال تفاعلات وتجاذبات مراكز القوى مابين الأطراف الفاعلة فى المشهد وتدخلات القوى الخارجية المستترة والظاهرة وكيف سيؤثر كل ذلك على المحيط الإقليمى خاصة السودان مابعد إنفصال الجنوب.
بالضرورة أن إنتخابات رئيس جمهورية مصر مختلفة هذه المرة عن كل ما سبقها من إنتخابات فهى الأولى مابعد ثورة 25 يناير 2011 التى أطاحت بنظام إمتد لنحو ستة عقود من بعد ثورة يوليو 1952 كان فيه السطوة للمؤسسة العسكرية إذ أتى الرؤساء الأربعة خلال هذه المدة منها وهم محمد نجيب وجمال عبد الناصر ثم أنور السادات وأخير حسنى مبارك الذى حكم نصف هذه المدة أى نحو ثلاثين عام، وما أجرى من إنتخابات خلال هذه الفترة كان يسمى إستفتاء الشعب ليقول نعم أو لا للمرشح الواحد والذى هو الرئيس الحاكم ولم يفشل احدهم فى الحصول على أقل من 99% على أية حال.
وفى العام 2005 تحديد فى السابع من سبتمبر جرت إنتخابات منفتحة قليلا حيث سمح بتعدد المرشحين لأول مرة بعد تعديل مفاجئ للمادة 76 من الدستور وهو ما أرتد عنه النظام فى تعديلات دستورية لاحقة فى2007 قيدت الترشح للرئاسة بشكل كبير حيث كان من المفترض أن تجرى فى سبتمبر 2011، فى إجريت إنتخابات الرئاسة فى 2005 وسط تشكيك كبير فى جدواها ربما يكون مؤشره الأبرز المشاركة الضعيفة للناخبين إذ أعلن رسميا أن من بين إثنين وثلاثين ناخب له الحق فى التصويت صوت منهم نحو 23% فقط أى نحو سبعة ملايين ناخب، فى تلك فترشح أيمن نور وثمانية آخرين فى مواجهة حسنى مبارك الذى حصل على أكثر من 88.5% من الأصوات بينما إقتسم التسعة الآخرين 11.5% حاز منها أيمن نور على 7.5% بينما حصل مرشح حزب الوفد على 3% فدخل أيمن نور بذلك التاريخ والسجن فى آن معا.
فى إنتخابات 2012 حسنى مبارك فى السجن وأيمن نور مستبعد من الترشح لأحكام صدرت ضده كجزء من تبعات تحديه السابق لحسنى حيث كانت صدرت ضده أحكام قضائية ربما هذه الحالة تلخص لماذا يتحدث البعض عن أن ما حدث فى مصر حتى الآن نصف ثورة وأنه آجلا أو عاجلا ثمة موجة ثانية فى الأفق تكمل إنتاج ثورة كاملة، على أية حال مع وجود ثلاث عشرة مرشحا فى إنتخابات 2012 من المرجح أن تبتعد النتيجة عن النسبة التى تشير إلى إجماع الشعب على الرجل الواحد وتتجه ربما إلى إنتخابات من جولتين لعدم حصول أى مرشح فى الجولة الأولى على حتى الأغلبية البسيطة ويكفى المصريين حاليا أنهم لايعرفون من هو الرئيس القادم حتى إعلان النتائج النهائية نهاية مايو أو نهاية يونيو.
هذا كله إن أجريت الإنتخابات فى موعدها المضروب وأكتملت ولم تسبقها أية أحداث مؤثرة مثل حل مجلسى الشعب والشورى نتيجة للقضايا المنظورة أمام المحكمة الدستورية أو لم تتحكم لجنة الإنتخابات الرئاسية فى النتيجة بإستخدامها صلاحياتها المطلقة الغير قابلة للطعن وفق المادة 28 من الإعلان الدستورى.
فهل يحدد أثنين وخمسين مليون مصرى يستحق التصويت من هو الرئيس القادم الذى سيؤدى القسم أمام مجلس الشعب فى الثلاثين من يونيو ومن يكون هل هو عمرو موسى أم أحمد شفيق أم حسام خير الله من رجال الدولة السابقين أم هو محمد مرسى أم عبد المنعم أبو الفتوح أم محمد سليم العوا من الإسلاميين أم حمدين صباحى أم أبوالعز الحريرى أم هشام البسطويسى من (العلمانيين).
من سيحكم مصر
ماقبل الثورة غير المتوقعة كانت الإنتخابات الرئاسية فى مصر سوف تجرى فى سبتمبر من العام 2011م وبينما كان الجدل يثور داخل النظام الحاكم وتصطرع أجنحته الداخلية على من يكون مرشح الحزب الوطنى هل هو الرئيس رغم المرض وتقدم السن وهو مايؤيده الحرس القديم فى الحزب بقيادة صفوت الشريف أمين عام الحزب وبين ترشيح إبن الرئيس جمال وهى رؤية الحرس الجديد بقيادة أحمد عز أمين التنظيم فى الحزب بين خيار توفيقى أومرحلى يجد بعض السند الشعبى ممثلا فى عمر سليمان رئيس المخابرات العامة، وأيا كان مرشح النظام لتلك الإنتخابات كانت المعارضة بكل أطيافها تكاد تجمع وتلتف حول الدكتور محمد البرادعى الذى أصبح يقود الجمعية الوطنية للتغيير لينافس مرشح النظام وبذلك إعتقد المعارضون أنهم قدموا إجابة للسؤال المستفز لأركان النظام أنه لايوجد بديل مؤهل فكان البرادعى هو بديلهم ويكفى أنه كان حتى وقت قريب مديرا للوكالة الدولية الطاقة الذرية لأكثر من دورة، وكان العقبات القانونية التى تحول دون ذلك كثيرة وكبيرة فكانت جهود المعارضين معا غايتها تذليل تلك الصعوبات وإزاحة العوائق أمام منافسة حرة. الثورة التى إندلعت قبل الإنتخابات الرئاسية المبرمجة بتسعة أشهر تجاوزت كل ذلك ولم تستمع حتى ببقاء شكلى لمبارك حتى سبتمبر الذى أعلن صراحة بأنه لن يترشح وأن إبنه لن يترشح. من بعد ذلك جرت مياه كثيره فوق وتحت الجسر والبرادعى الذى كان مرشحا وحيدا مؤكدا ضد مبارك أصبح بعد الثورة مرشحا محتملا ضمن آخرين كانوا بالأمس أعضاءا فقط فى حملة مناصرته بل تعدى الأمر إلى ان أصبح أول منسحب حتى قبل بدء الإنتخابات بشهور هو قال لعدم توفر المناخ الديمقراطى المواتى خاصة عدم إقرار دستور جديد قبل الإنتخابات وخصومه قالوا انه تأكد من إنعدام فرصه فى الفوز وحتى قبيل ذلك كان ينظر له كمنافس لعمرو موسى الذى نفى نفيا قاطعا ترشحه للرئاسة ماقبل الثورة وبعدها مباشرة أصبح مرشحا محتملا ثم مؤكدا.
المرشحون المحتملون والقوى الفاعلة:
بدأ منذ أكثر من عام وبمجرد تنحى حسنى مبارك، كثيرون عزموا على الترشح فتم صك مصطلح المرشح المحتمل وصل بعضهم حتى القائمة النهائية للمرشحين مثل عمرو موسى وعبد المنعم أبوالفتوح ومن هذه الفئة حازم أبوإسماعيل الذى أستبعد وأنسحب بعضهم قبل فتح باب الترشح وأبرز هؤلاء محمد البرادعى وناور بعضهم مثل منصور حسن وبثينة كامل وتردد آخرين بعضهم تقدم مثل أحمد شفيق وسليم العوا والبعض الآخر أستبعد مثل عمر سليمان وبعضهم تردد وراوغ ثم أستبعد مثل خيرت الشاطر. الغالبية تدفعها طموحات شخصية و قلة تقف وراءها كيانات سياسية أو جماعات دينية.
خلال هذه المرحلة لم تكن هناك إجابة للسؤال المهم: متى ستجرى الإنتخابات الرئاسية؟ رغم ذلك أصبحت حاضرة بقوة فى الشارع والإعلام الذى كان هو حلبة الصراع الأساسية بين المرشحين المحتملين والقوى والتيارات السياسية التى تدعمهم، فبدا المشهد فى تلك المرحلة كالاتى:
o الإخوان المسلمين: أعلنوا مبكرا قبل يوم من تنحى مبارك وبشكل رسمى بعد إجتماع مكتب الإرشاد فى 10 فبراير 2011م أنهم لن يقدموا مرشحا من جماعة الإخوان المسلمين للتنافس على منصب رئيس الجمهورية، وأستمروا على هذا الموقف الذى بدا واضحا ومهما مرحليا حتى انهم فصلوا أحد قيادات التنظيم عضو مكتب الإرشاد الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح عندما أعلن نيته الترشح للرئاسة كمستقل، وكانت الجماعة تتجه لأن تكتفى بممارسة النفوذ والضغط على من سيشغل هذا المنصب من خلال السيطرة على البرلمان والحكومة ومن خلال تقديم دعم مؤثر لمرشح تؤيده بعد إعلان القائمة النهائية للمرشحين، وعليه ثارت العديد من التكهنات والتحليلات حول وجود صفقة بين الإخوان والمجلس العسكرى لتقاسم السلطة وفقا لما تقدم، وبعد إنتخاب البرلمان تحددت أحجام القوى السياسية ورغم ذلك لم يتمكن الإخوان عبر ذراعهم السياسية حزب الحرية والعدالة تشكيل حكومة من البرلمان لأن الحكومة القائمة لم تستقل أو تقال من المجلس العسكرى وعجز البرلمان عن إيجاد سند دستورى يخوله سحب الثقة منها، فتطور موقف الإخوان من التصريح المباشر بأنهم لن يدعموا مرشحا إسلاميا إلى أنهم سيدعمون مرشحا ذو خلفية إسلامية وأخيرا ماحدث فعلا انهم تقدموا بمرشحين من الإخوان للرئاسة الأول أساسى والثانى إحتياطى.
o القوى العلمانية(الليبرالية-القومية اليسارية):
مرشحها الأساسى كان هو البرادعى الذى إنسحب فى الأخير، رغم صوتهم العالى إعلاميا إلا أنهم لم يستطيعوا توحيد جهدهم لمصلحة مرشح محدد ولم يستطيعوا تجميع صفوفهم فى حزب أو حتى حزبين كبيرين أحدهما يجمع الليبراليين الذين شكلوا مايزيد على ثلاثة أحزاب جديدة أبرزها الديمقراطى الإجتماعى والمصريين الأحرار والعدل. والحزب الآخر يجمع القوميين واليساريين وغالبها أحزاب قديمة مثل التجمع والناصرى والكرامة. إنصب غالب جهدهم فى القلق من سيطرة التيار الإسلامى بقيادة الإخوان المسلمين من جهة ومن سطوة بقايا النظام السابق (الفلول) من جهة أخرى وفى الأخير نتاجا لذلك قدموا عدد كبير من المرشحين للرئاسة مثل حمدين صباحى وأبوالعز الحريرى وهشام البسطويسى وترك إنسحاب البرادعى فراغا كبيرا لدى الليبراليين فى هذا السياق.
o بقايا النظام السابق (الفلول):
وهم مجموعات من القيادات السياسية السابقة ورجال الأعمال وألحق بهم فى التصنيف كبار موظفى الدولة خلال عهد مبارك، تدرج إقتحامهم للسباق الرئاسى من الصمت المبكر حياله إلى تقديم نائب الرئيس السابق عمر سليمان كمرشح فى اللحظات الأخيرة وقبله دخل بعد تردد وزير الطيران ورئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق دائرة المرشحين المحتملين، تعتقد غالب القوى السياسية أنهم يحظون بسند المجلس الأعلى للقوات المسلحة، طوال المرحلة التى سبقت بدء العملية الإنتخابية لعبوا على انهم بديل الفوضى الحاصلة وقدموا أنفسهم كرجال دولة.
o التيار السلفى:
رغم الإعلان المبكر لأحد شيوخه حازم أبوإسماعيل النية فى خوض السباق الرئاسى، لم ينظر إليهم بجدية من قبل بقية أطراف اللعبة السياسية إلا بعد نتائج الإنتخابات البرلمانية التى فأجاتهم أنفسهم قبل غيرهم فأتضح أن لديهم كتلة تصويتية معتبرة ينبغى حسابها ورغم ذلك لم تعلن مكونات هذا التيار مرشحين آخرين ولم تساند غالبها صراحة المرشح الوحيد الذى يمثل هذا التيار إلى أن أستبعد من السباق.
o المجلس العسكرى:
طالما ظل يردد أنه يقف على مسافة واحدة من كل المرشحين وظلت الشكوك تحوم حول نيته تجاه إنتخاب رئيس جديد تارة يُتهم بأنه يعمل على تعطيل إجراء الإنتخابات ليظل فى السلطة حفاظا على مصالحه وأخرى أنه يرغب فى تقديم رئيسه المشير محمد حسين طنطاوى للرئاسة خاصة بعد واقعة نزوله للشارع العام بملابس مدنيه كمواطن عادى وتحيته للجماهير فى وسط البلد وتارة أخرى أنه يدعم مرشحى النظام السابق باكرا أحمد شفيق ولاحقا عمر سليمان، كما يتهم بأنه يعمل على الأقل على إستبعاد مرشحين بعينهم مثل البرادعى وأبوإسماعيل، وتوقف الجميع كثيرا فى محطة الرئيس التوافقى أوالصفقة بين المجلس والإخوان التى تتضمن ذلك وكان أبرز من تردد إسمه وفقا لهذه الترجيحات منصور حسن رئيس المجلس الإستشارى وقتها والذى إنسحب من السباق وصرح وقتها بأن( الإخوان خدعوه) وبدت هذه الصفقة منطقية إذا صح إفتراض بتعادل النفوذ مابين العسكرى والإخوان عليه يكتفى الإخوان مرحليا بالشأن الداخلى عبر الحكومة والبرلمان لتبديد مخاوف العسكر والخارج ولإثبات وجودهم داخليا وتهيئة كوادرهم ويدير العسكرى الملفات السيادية خاصة شئون الدفاع والعلاقات الخارجية عبر نفوذه على الرئيس (التوافقى)، إن كان ماتقدم من زعم صحيح فالواقع أنه لم يتبق فى مضمار السباق وبصعوبة شديدة سوى أحمد شفيق.
قيام الإنتخابات الرئاسية:
أونهاية الفترة الإنتقالية التى يديرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة التى بدأها منذ 11 فبراير 2011 تاريخ تخلى اوتنحى مبارك عن الرئاسة حينها اعلن المجلس أنه سيسلم خلال ستة شهور لسلطة مدنية منتخبة أى قبل سبتمبر 2011م فأختلفت القوى السياسية فى ذلك الوقت حول مدة الفترة الإنتقالية فبينما بدا أن الإخوان المسلمين يميلون لفترة إنتقالية قصيرة مالت القوى العلمانية-الليبرالية إلى فترة إنتقالية أطول حتى تصبح الأحزاب الجديدة قادرة على منافسة الإخوان الذين أعتبروا القوة الوحيدة الجاهزة لخوض الإنتخابات، وكان قصر هذه الفترة ممكنا عمليا إذا ما نتج عن الإستفتاء على التعديلات على بعض مواد الدستور الذى أجرى فى مارس 2011 بقاء دستور 1971 بتعديلاته وفقا للإستفتاء فالغريب أنه رغم قيام الإستفتاء الشعبى على هذا الأساس إلا أن المجلس العسكرى أصدر فى مارس نفسه عقب الإستفتاء إعلانا دستوريا متجاهلا عمليا الإستفتاء وبناءا عليه أصبحت هناك إمكانية لمد الفترة الإنتقالية والتى لمتطلبات إنفاذ الإعلان الدستورى من ترتيبات وإجراءات إنتخابات مجلسى الشعب والشورى ثم إعداد وإصدار الدستور كان يتضح وقتها أن إنتخابات الرئاسة لايمكن أن تجرى بحال قبل حلول عام 2013م ولكن مع مرور الوقت وأنتقال وضعية المجلس العسكرى من الحياد إلى كونه طرف مقابل فى العملية السياسية فى نظر القوى السياسية مماتولدت عنه ملاحظات كبيرة على أدائه تحولت إلى إتهمات ثم إلى إستعداء مما خلق حالة من الإحتقان والإضطراب السياسى على فترات متتالية أدت لتقلص الفترة الإنتقالية مع توالى ضغط الشارع والقوى السياسية خاصة الشبابية التى زادتها المعالجة العنيفة لبعض الإحتجاجات أوخر وبداية العام خاصة فى شارع محمد محمود وماعرف بأحداث مجلس الوزراء، حتى حدد المجلس العسكرى 30 يونيو موعدا نهائيا لأداء الرئيس الجديد المنتخب القسم الدستورى لمباشرة عمله إبتداءا من الأول من يوليو 2012م.
المرشحين للرئاسة:
مع بدء العملية الإنتخابية فى العاشر من مارس 2012م مقارنة بالمرحلة التى سبقتها والتى تمتد إلى نحو ثلاث عشرة شهر سابقة تغيرت معطيات كثيرة حول الترشح للرئاسة فبينما بدا البعض فى وقت من الاوقات وكأنه الأوفر حظا فى الظفر بالمنصب مثل البرادعى وبدا آخرين وكأنهم يحلمون بالمستحيل ولكن فى نهاية المطاف أصبحوا يشكلون منافسا جديا مثل أبوالفتوح وأبوإسماعيل وأحتفظ قلة بوتيرة واحدة هادئة بين المتنافسين الرئيسين وربما صاعدة مثل عمرو موسى وبعضهم ظل عصيا على التقييم مثل أحمد شفيق نتيجة لحالة الصعود والهبوط بشكل حاد ومتتالى فى بورصة التوقعات التنافسية على الكرسى الرئاسى وحتى إعلان القائمة النهائية يخضع هذا التقدير للإنطباع بالمشاهدة لأنشطتهم خاصة الميدانية وما يتناوله الإعلام وبعض إستطلاعات الرأى على ندرتها وما يصرح به المرشحون أنفسهم.
أبرز المرشحين:
وسوف نتناول أربعة من المرشحين ثلاثة مستقلين حصلوا على تأييد مواطنيين عن طريق توكيلات قانونية وواحد مرشح عن حزب وحسب ترتيبهم فى القائمة النهائية هم :
أولا: عمرو موسى:
أعلن عزمه الترشح منذ أيام الثورة الأولى وبعد فتح باب الترشح ترشح مستقلا وقد اعلن حزب الوفد تأييده، تقدم بأوراقه للترشح كخامس مرشح على العموم وأول من إعتمد على التوكيلات من المواطنيين التى بلغ عددها نحو أربعة وأربعين ألف (43.906) توكيل وأستغل جمع التوقيعات كجزء من حملته الإنتخابية منذ وقت مبكر فى كل محافظات مصر السبعة وعشرين غالبها من محافظة القليوبية والقاهرة متجاوزة الثلاثة ألف توكيل فى كل منها ووصلته توكيلات من محافظات الصعيد وسيناء وأضعفها كانت توكيلات مرسى مطروح وجنوب سيناء وأستبعدت إدارة حملته تماما كل التوكيلات التى أتت من من محافظة الأقصر التى ثارت حولها شبهات التزوير.
عانى من تصنيفه كمرشح مرتبط بالنظام السابق إلا أن ظل ينفلت من هذا الحصار بمهارة دبلوماسية مستفيدا من تركه للمنصب الوزارى فى 2001 ومن مواقفه المشهورة تجاه القضية الفلسطينية، متخذا نهجا سياسيا سعى أن لا يستعدى أية حزب اوجماعة او قوة سياسية أوحتى المجلس العسكرى، تصدر إستطلاعات الرأى المحدودة التى أجريت محتفظا بوضعية المرشح المنافس على المنصب قبل إنسحاب البرادعى وبعده ولم يتضرر وضعه ظاهريا إلا عندما أعلن ترشح عمر سليمان حسب إستطلاع رأى أجرى وقتها[1].
ثانيا: عبد المنعم أبوالفتوح:
ترشح مستقلا مؤيدا بلجنة الحكماء اوالمائة التى تضم قيادات ومفكرين وأكاديمين وإعلاميين منهم القيادى الإخوانى كمال الهلباوى والكاتب عمار على حسن وتقدم كسادس المرشحين معتمدا كسابقه على تأييد المواطنيين من خلال التوكيلات إذ حصل على نحو ثلاثة واربعين ألف توكيل (43.066) جاء من كل المحافظات وإن لم يتخط حاجز الالف توكيل فى تسع محافظات الملاحظ أنها المحافظات الطرفية فى الصعيد وسيناء والغرب لذا جاءت معظم التوكيلات من القاهرة والجيزة والغربية التى مثلت نحو ثلث التوكيلات وهذا عكس توكيلات عمرو موسى التى توزعت بشكل متقارب فى غالب المحافظات.
ثالثا:أحمد شفيق:
ترشح مستقلا ومؤيدا بنحو إثنين وستين ألف (62.192) توكيل من المواطنيين وكان ترتيبه الثالث عشر فى قائمة المتقدمين للترشح، لم يتخط عدد مؤيديه فى سبع محافظات حاجز الألف فى السيناء والصعيد والغرب والواضح أن اكثر محافظة لاينشط فيها مؤيديه هى السويس المرتبطة بالثورة بشكل أكبر من غيرها وجاء معظم مؤيديه من القاهرة والغربية والشرقية والقليبوبية والدقهلية إذ تخطى عدد التوكيلات الاربعة ألف توكيل، يعانى من إرتباطه بالنظام السابق أستبعد مؤقتا بسبب تعديل أقترحه مجلس الشعب على قانون مباشرة الحقوق السياسية وإعتمده المجلس العسكرى وعرف بقانون العزل السياسى للمرتبطين بالنظام السابق.
رابعا: محمد مرسى:
مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين وترشح عن حزب ممثل فى البرلمان حسب القانون، وتقدم للترشح فى اليوم الأخير فى إطار ملابسات ترشح خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان الذى تصاعد إحتمالات إستبعاده بعد ترشحه فكان مرسى هو المرشح البديل للإخوان فى حال إستبعاد الشاطر وكان بالتأكيد سيسحب إذا ما أستمر الشاطر.
أبرز المستبعدين:
1. خيرت الشاطر:
ترشح مستقلا شكليا ومؤيدا بمائتين سبعة وسبعين (277) نائب فى البرلمان وترشحه كان غير متوقعا إلا أن التفاعلات السياسية مثل تشكيل حكومة من البرلمان وإعداد الدستور غيرت فى لحظة شكل السباق الرئاسى فمع تزايد توتر وتدهور العلاقة بين الإخوان والعسكرى دفع الإخوان بعد مخاض عسير بمرشح للرئاسة حين أعلنوا فى مؤتمر صحفى قبل عشرة أيام من غلق باب التراشح أى فى يوم 31/3/2012 عن تقديمهم لنائب المرشد خيرت الشاطر مرشحا للرئاسة والمخاض كان عسيرا بسبب الموقف المسبق المعلن بعدم تقديم مرشح للرئاسة وأخيرا وافق مجلس الشورى على تقديم الشاطر مرشحا عن الإخوان بدلا من ان يدعم مرشح من خارج الجماعة والمخاض كان عسيرا لأن التصويت على ذلك أظهر تباينا كبيرا إن لم يكن خلافا او إختلافا إذ صوت لصالح القرار 56 عضو مقابل 52 عضو وبعد ثلاث إجتماعات لمجلس الشورى إذ لم يمرر القرار فى الإجتماعين الاولين وبأى حال حدثت حالة إستقطاب داخلى ربما يكون لها ما بعدها فى مقبل الأيام، أخيرا أستبعد الشاطر لأسباب قانونية إذ يلزم لكى يمارس المحكومين السابقين السياسة حكم قضائي برد الأعتبار وهو مالم يحدث فأتضحت العجلة فى القرار بترشيح الشاطر حتى وإن كان تكتيكيا لأجل الضغط على المجلس العسكرى أوالحفاظ على كيان الجماعة من جر شبابها لتأييد أبوالفتوح المفصول من الجماعة والذى يمثل تاريخيا التيار المقابل للتيار الذى ينتمى إليه الشاطر داخل الجماعة والذى يسير الجماعة الآن فبينما يمثل الاول التيار المنفتح الذى قاده المرشد العام الثالث للإخوان عمر التلمسانى والذى يعتبر أبوالفتوح من تلاميذه المقربين إلى جانب أبوالعلا ماضى ومختار نوح ومحمد حبيب، يمثل الثانى التيار القطبى(نسبة لسيد قطب) الذى قاده المرشد العام الخامس مصطفى مشهور. على أية حال ظهرت الكلفة السياسية والتنظيمية الباهظة لهذا القرار عندما دفعت الجماعة بمرشح آخر عرف إعلاميا بالمرشح الإحتياطى وهو الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة والذى لا يشكل حضورا وقبولا قد يجذب نحوه الأصوات سوى ربما الإخوانية.
2.عمر سليمان:
مع تقديم الإخوان لمرشح للرئاسة بشكل مباغت وكرد فعل عملت قوى وجهات عديدة للدفع بمرشح مقابل يحفظ التوازن فتم الإعلان ترشح عمر سليمان نائب الرئيس السابق ومدير المخابرات السابق أيضا وكان لافتا أن الخبر الذى ورد حول ذلك فى صحيفة الأهرام أدرج فيه الرقم الوطنى الذى يتحتم معرفته لعمل التوكيلات اللازمة من قبل المؤيدين لترشحه وهو ما مكن حملته من جمع مايزيد عن العدد المطلوب بكثير من المؤيدين وقلب دخوله السباق جميع الموازين وتصدر قائمة المرشحين فى إستطلاع رأى وحيد فى تلك الفترة متجاوزا عمرو موسى الذى ظل يتصدر مثل هذه الإستطلاعات ولاحقا إستبعد من السباق كما أستبعد الشاطر ولكن لسبب مختلف وبسيط إذ لم يحصل على العدد المطلوب من المؤيدين فى محافظة واحدة هى أسيوط وبفارق 31 توكيل فقط فبينما المطلوب 1000 توكيل وكان قد تقدم 1026 توكيل إستبعدت بعض التوكيلات من لجنة الإنتخابات وأعلنت أن عدد توكيلاته الصحيحة فقط 969 توكيل؟! نتذكر هنا خبرا ورد فى صحيفة الأهرام قبل شهور عن ضغط شعبى لترشيح عمر سليمان وجهات وقوى داخلية وخارجية طلبت منه عدم الترشح؟!.
3.حازم أبوإسماعيل:
ترشح مستقلا ومؤيدا بنحو مائة وثلاث وخمسين ألف (152.835) توكيل وكان موجودا فى ميدان التحرير منذ أيام الثورة الاولى ومبكرا أعلن عن نيته الترشح وخط سيره فى رحلة الترشح للرئاسة يشبه عبد المنعم أبوالفتوح إلى حد بعيد، إذ لم يأبه له أحد فى البداية ولكن مع مرور الوقت إستطاع أن يصنع له شعبية متصاعدة من خلال تمثيله للتيار السلفى الذى إتضح لاحقا إنتشاره فى المجتمع المصرى هذا بالإضافة لشخصيته التى تتمتع بالصراحة فى المواقف وهو ما أعجب الكثيرين و من الصفوف الخلفية للمرشحين فى إستطلاعات الراى المحدودة التى أجريت ومن خلال تحليلات الكتاب ووسائل الإعلام شق طريقه إلى مقدمة قائمة المرشحين المحتمليين ليزاحم عمرو موسى والبرادعى وأبوالفتوح وليأتى قبيل فتح باب الترشح فى المرتبة الثانية وذلك بدفع من نتائج الإنتخابات البرلمانية التى جعلت التيار السلفى القوة السياسية الثانية رغم عدم إجماع الجماعات والأحزاب والقيادات السلفية عليه، وتأكد كل ذلك من خلال المسيرة التى نظمها أنصاره يوم أن ذهب إلى مقر لجنة الإنتخابات لسحب أوراق الترشح ومرة أخرى فى عدد الذين أيدوا ترشحه إذ كان عدد توكيلاته أكثر بقليل من ثلاثة أضعاف ما حصل عليه عمرو موسى أو أبوالفتوح بل يساوى مجموع ما حصلا عليه معا زائدا ما حصل عليه أحمد شفيق، وكانت هذه مؤشرات على كونه منافس جدى على الرئاسة بيد انه فى نهاية المطاف كان أحد المستبعدين من الترشح بسبب حمل أمه للجنسية والجواز الامريكى وهو مايمنعه القانون وشغلت هذه القضية الرأى العام كثيرا وأتهم انصاره المجلس العسكرى وامريكا بالتآمر لإبعاده ورغم تشكيك أبوإسماعيل فى بداية الامر فى الأوراق إلا انه إكتفى لاحقا بالطعن فى صحة الإجراء من ناحية قانونية مستفيدا من خبرته كمحامى دون نفى أو تأكيد الواقعة ولاتزال تداعيات تلك القضية مستمرة بأكثر من شكل منها طعنة فى دستورية المادة 28 التى تحصن قرارات لجنة الإنتخابات الرئاسية.
السؤال المهم هو هل سيدعم أبوإسماعيل مرشحا بعينه وبالتالى تتوجه الأصوات المؤيده له أم لن يفعل وفى هذه الحالة أيضا من هو المستفيد من إستبعاده، الواضح أن ذلك يأتى فى صالح المرشحين الذين يمثلون التيار الإسلامى بالدرجة الأولى.
نماذج من إستطلاعات الرأى:
هذه أربعة إستطلاعات رأى نظم مركز الاهرام ثلاثة منها بينما نظمت المؤسسة المصرية لإستطلاعات الرأى-بصيرة- واحدا ويشكك كثير من المحليين فى الإستطلاعات التى تجرى خاصة من الأهرام بإعتبارها مؤسسة حكومية ولم تنجو من الإتهام بصيرة التى يديرها وزير سابق والملاحظة الأساسية هى أن إستطلاعات الأهرام أظهرت أن غالب العينة قررت لمن ستصوت بينما يظهر إستطلاع بصيرة أن 38% من العينة لم تقرر لمن ستصوت وهذا أقرب للمنطق على بعد شهرين من الإنتخابات ونلاحظ أيضا أن عينة إستطلاع بصيرة ضعف عينة الأهرام كما إستطلاع بصيرة يوفر بيانات تفصيلية عن العينة ، وعلى أية حال تظهر إستطلاعات الأهرام إرتفاع حظوظ عمرو موسى بنسبة تتجاوز 30% فيما عدا الإستطلاع الذى أجرى عندما كان عمر سليمان 32%مرشحا فجاء خصما على عمرو موسى 22% وفى المرتبة الثانية حازم أبواسماعيل بنسبة أعلاها 29% وأدناها 21% فى الإستطلاع الذى أجرى أيضا بعد ترشح عمر سليمان وكان أكبر المتضررين من ترشحه أحمد شفيق حسب إستطلاعات الأهرام إذ إنحدرت نسبته من 7.5% إلى 3.4%.
*إستطلاع مركز الأهرام 7-10 ابريل
جاء إستطلاع بصيرة مفصلا ومن عينة أكبر وأظهر نتائج مغايرة فى معظمها لإستطلاعات الأهرام خصوصا الذى أجرى بعد ترشح عمر سليمان أى أن الإستطلاعين أجريا فى نفس الفترة، إذ بينما أتفق مع نتيجة إستطلاع الأهرام فى أن النسبة الأعلى كانت لعمر سليمان وإن إختلفت فبينما كانت فى إستطلاع الأهرام 32% جاءت فى إستطلاع بصيرة 20% تلاه عبدالمنعم أبوالفتوح 12.4% ثم حازم أبوإسماعيل 11.7% وبعدهما عمرو موسى 6.4% وفى كلا الإستطلاعين لم يحز خيرت الشاطر على نسبة كبيرة إذ تراوحت مابين 3% إلى 5%.
*إستطلاع بصيرة[2]
الرئيس القادم
المعطيات الموجودة تقود إلى أن الإنتخابات الرئاسية ستجرى فى موعدها ولكن مع ما يخبو تحت الرماد من أزمات قابلة للتحريك تبقى كل الإحتمالات واردة فهناك فرضيتان كالآتى:
o الفرضية الأولى: أن تؤجل الإنتخابات.
ولن نسهب فى هذا السيناريو ولكن نقول أنه إذا لم يطمئن المجلس العسكرى إلى إنتخاب رئيس غير مقلق له وللأمن القومى المصرى والإقليمى حسب فهمه لذلك أى لم يترجح فوز أحمد شفيق أو على الأقل عمرو موسى فسوف يعرقل إكتمال الإنتخابات فى أى مرحلة وبأى وسيلة وربما بأى ثمن فمن غير المتصور ان يقبل المجلس العسكرى بعبد المنعم أبو الفتوح أو محمد مرسى رئيسا، وعوامل إشعال الموقف لإيقاف مسيرة الإنتخابات كثيرة منها:
1. حل مجلسى الشعب والشورى لعدم دستوريتهما إستنادا على حكم قضائي إذ لاتزال هناك قضية منظورة أمام القضاء بهذا الخصوص.
2. إيقاف الإنتخابات لعدم دستوريتها من أى ناحية مثل حتى إستبعاد أى مرشح حتى لوكان أبوإسماعيل خاصة وأن عدة قضايا لاتزال منظورة أمام القضاء فى هذا الصدد.
3. إستغلال مهضلة الدستور قبل الرئيس أم العكس.
4. أى أحداث شغب أو إنفلات أمنى مصطنع.
ووفق هذه الفرضية ستحكم مصر إما بواسطة:-
o المجلس العسكرى نفسه.
o أو من خلال مجلس رئاسى مدنى أو رئيس مدنى مؤقت يتم التوافق حوله.
o الفرضية الثانية: إجراء الإنتخابات
وهو المرجح طالما المادة 28 موجودة وهى التى تحصن لجنة الإنتخابات الرئاسية ضد أى طعن على قراراتها مهما كان.
وفى هذه الحالة علينا النظر فيمن تبقى من المرشحين لنقترب أكثر من الإجابة على سؤال من سيحكم مصر وفق هذه الفرضية الثانية ووفق المعطيات الناتجة عن تفاعلات الواقع السياسى المصرى منذ الثورة وحتى الآن وبالوضع فى الإعتبار الثقافة السياسة للمواطن المصرى-الناخب، فالسؤال الأهم هل سيحتفظ ثلاثين مليون ناخب مصرى بنفس توجهاتهم الإنتخابية عندما صوتوا فى الإنتخابات البرلمانية الأخيرة فإن كانت الإجابة نعم فلاشك أن الرئيس القادم سيكون من المرشحين الذين يمثلون التيار الإسلامى أى إما محمد مرسى أو عبد المنعم أبوالفتوح أومحمد سليم العوا الذين سيحصلون على أصوات الإخوان والسلفيين معا ولكن ألا يؤثر عددهم فى تكتل الأصوات لمرشح واحد أى يحدث تشتيت لأصوات الإسلاميين فتعطى فرصة لمرشحين يمثلون توجهات أخرى، هذا مع مراعاة الفوارق بينهم فبينما يصنف أبو الفتوح من ناحية أخرى أقرب إلى التيار الثورى الراديكالى يصنف محمد مرسى أقرب إلى البراجماتية العملية فى السياسة خاصة وأن الفارق الأساسى أن الأخير يمثل تنظيما أوحزبا سياسيا يحكم خيارات مرشحه بينما الأول مستقل فهو أقل تحفظا وأكثر إندفاعا وميلا لإعلان مواقف مبدئية قاطعة قد ترقى لدرجة التصادم الذى قد يؤثر علاما يؤثره الناخب المصرى فى هذا الوقت وهو الركون للهدوء والإستقرار بدلا عن إستمرار حالة الشد والجذب، فإيهما سيختار الناخب إن إختار إسلاميا هل سيختار المحافظ أم الثورى؟ الإجابة ليست بهذه السهولة إذ تتداخل عوامل أخرى بعضها معقد مثل تصور الناخب لإنعكاس فوز أحدهما على علاقات مصر الخارجية مع الولايات المتحدة مثلا التى تقدم عونا إقتصاديا منتظما أو مع إسرائيل التى ستدخل مع مصر فى حرب باردة أو مشتعلة فى هذه الحالة. والناحية الثالثة هى الجاذبية أو الكاريزما الشخصية التى لاشك أنها تتوفر لدى أبوالفتوح أكثر؟ هل وفق كل ذلك ستحدث إنسحابات من مرشح لصالح آخر؟ من المحتمل أن ينسحب العوا أوحتى مرسى إذا أعاد الإخوان حساباتهم أو نجحوا فى إنتزاع رئاسة مجلس الوزراء لكن من المستبعد جدا إنسحاب أبوالفتوح الذى جمع حتى الآن بين تأييد المتشاكسين الإسلاميين بمافيهم بعض الإخوان وعدد مقدر من السلفيين ومابين تأييد العلمانيين-الليبرالين فقط تبقى له الأهم وهم المواطنيين العاديين.
أما إذا صح إفتراض أن تصويت المواطن المصرى لإنتخاب رئيس الجمهورية يختلف عن تصويته لإنتخاب النائب البرلمانى بناءا على إختلاف الأدوار والتبعات السياسية الداخلية والخارجية والإقتصادية والأمنية وقلنا بالإضافة لذلك ان الثقافة السياسية المركوزة فيه تبحث عن القيادة الكاريزمية(الفرعون) فلاشك أن حساب من سيفوز بالرئاسة سيختلف وفى هذه الحالة وفقا لقراءتنا نرجح أن يحصد عمرو موسى المنصب أو أبوالفتوح مع ترجيح كفة الاول بإعتباره رجل دولة تتوفر لديه خبرة معتبرة وعلاقات عربية ودولية واسعة هذا بالرغم من أنهما من تيارين مختلفين، وفى هذا الإتجاه سيستبعد الناخب أحمد شفيق المرتبط بالنظام السابق إذ أن وصوله لسدة الحكم سوف يجعل حالة عدم الإستقرار مستمرة لأسباب داخلية كما سيستبعد محمد مرسى لنفس السبب لأسباب خارجية، عليه عمليا ستنحصر المنافسة الجدية بين المرشحين عمرو موسى وعبد المنعم أبوالفتوح من خلال جولة إعادة تجمعهما معا إلا إذا حدثت إنسحابات ودعم مؤثر لأحدهما مثل أن يقتنع حازم أبوإسماعيل بالإستبعاد ويوجه جهوده لدعم أبوالفتوح وهو شيئ وارد أو أن ينسحب محمد مرسى فى هذه الحالة تجتمع أصوات الناخبين الداعمين للتيار الإسلامى والناخبين الداعمين للتيار الثورى والليبرالى-العلمانى لأبوالفتوح.
الرئيس القادم...والسودان:
وفق ماتقدم نتصور أن ينحصر الرئيس المصرى القادم بين خيارين نحاول إستقراء العلاقات بين مصر والسودان بناءا على ذلك:
أولا: عمرو موسى:
قد تبدو دوافعه للوصول لكرسى الرئاسة ليست جذرية ترتبط بتحقيق برنامج سياسى أو مشروع إقتصادى بقدر ماهو طموح شخصى قد يكون شكلى بان يضيف إلى تاريخه المهنى السياسى لقب رئيس جمهورية لكن بصفة ناجح ويبدو أنه الأوفر حظا فى الظفر بمنصب الرئاسة فى مصر لما ذكرنا سابقا وهو رجل دولة خبرته بالأساس فى مجال العلاقات الخارجية من السلك الدبلوماسى المصرى إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وعليه من المتوقع أن يسعى لترك بصمة مميزة ولكن بأقل تكلفة سياسية دون مقامرة بأن يحاول أن يسترضى الجميع فهو لم يكن متصورا أن يكون مرشحا مفضلا لأى تيار على حدا سواء الليبراليين أو الإسلاميين أوحتى داعمى النظام السابق على عكس جميع بقية المرشحين الذين وصلوا القائمة النهائية ولكن هو الوحيد الذى يمثل منطقة وسط قد تلتقى عندها كل تلك التيارات إذا ما أرادت أن تتفق على مرشح واحد ووفق ذلك نعدد بعض مميزات وملامح فوزه بالرئاسة:
o ربما يكون هو المرشح الوحيد الذى يستطيع أن يحتفظ بمسافة واحدة من كل كل القوى والتيارات السياسية بمافيها المجلس العسكرى وشباب الثورة ويرجع ذلك لأدائه خلال الفترة مابعد الثورة وحتى بدء الإنتخابات بالإضافة لخبرته كدبلوماسى.
o لن تتعرض مصر نتيجة لفوزه لضغوط خارجية كبيرة خاصة من أمريكا والدول الغربية وإسرائيل.
o سوف يحظى بدعم الدول العربية خاصة دول الخليج العربى.
o سوف يحتفظ بمعادلة السلام مع إسرائيل وإبقاء القضية الفلسطنية هى القضية المحورية لمصر.
o سيمثل مرحلة إنتقالية هادئة مابين نظام مبارك وعهد آخر ربما يكون للإسلاميين بعد سنوات قليلة هى مدة فترة رئاسية واحدة له بحكم ماوعد وإن لم يف بوعده بحكم السن.
o لن تشهد السياسة المصرية الخارجية ولا الإقتصاد المصرى تحولات كبيرة أو حتى متوسطة.
o قد تتفجر فى عهده أزمات داخلية عنيفة إذا ما أصر على تنفيذ اللامركزية التى وردت فى برنامجه بشكل عاجل دون حسابات دقيقة خاصة وأنه يستخدم عبارات مثل المهمشين والمناطق المهمشة.
العلاقات السودانية المصرية فى عهده إذا ما فاز لن تشهد تدهور أو تطورا كبيرا فستظل تتحكم فيها المؤسسة الأمنية المصرية أى ستدار بعقلية الدولة القديمة هذا على مستوى الواقع ولكن إعلاميا ستبدوا العلاقات مميزة ومتقدمة ومتطورة والأكثر فائدة للسودان-الحكومة- هو أن قنوات الحوار مع الغرب خاصة أمريكيا سوف يرتفع مستواها إذ من المتوقع أن تتم الإستفادة منه فى هذا الإطار.
ثانيا: عبد المنعم أبوالفتوح:
يمثل أبوالفتوح مشروعا وبرنامجا أكثر من كونه يمثل طموح شخصى رغم أنه يخوض الإنتخابات مستقلا وبل مفصولا من تنظيم المشروع الذى يمثله، لاشك انه يمثل المشروع الإسلامى-الإصلاحى المنفتح فى مصر والذى إحتوى بذلك كل دعت له ثورة 25 يناير وبهذا المعنى يحمل فوزه تغييرا جذريا فى تكوين الدولة المصرية وبنيتها السياسية والإقتصادية ومناهج وسبل تعاطيها مع الخارج وقضاياه وهو سيتطلب هزة داخلية ستؤدى للإصطدام بأطواد وثوابت عديدة أولها المؤسسة العسكرية والأمنية والمتنفذين من رجال الأعمال خاصة المنتمين للنظام السابق خاصة وان أبو الفتوح لديه رؤى واضحة وأراء صريحة يغلفها الحماس والإستعداد لتحمل المصاعب والتحديات مهما كانت غير انه لايتوفر على خبرات كبيرة إلا أنه يعتمد على الإستعانة بالخبراء والمستشارين ومن غير المتوقع ان يتنازل عن نهجه أو وعود قطعها عليه ترتسم أهم مميزات وملامح رئاسته إن فاز بالآتى:
o تغييرات جذرية فى المناهج التى تدار بها الدولة سواء كانت سياسية ،إقتصادية أوأمنية.
o التصادم مع مؤسسات الدولة المؤثرة مثل الجيش والمخابرات وبالتالى إستمرار الأزمات الطبيعية والمفتعلة.
o جمع القوى والتيارات السياسية المتباينة حول برنامج واحد.
o دور مصرى مؤثر فى قضايا المنطقة العربية وإستثارة حفيظة دول الخليج خاصة.
o إحياء القضية الفلسطينية وإعادتها للواجهة .
o تغيير التوازنات فى المنطقة عبر فتح حوار وعلاقات جيدة مع إيران.
o تضييق غربى-أمريكى على مصر حتى ضمان عدم تفلتها نتيجة فوز أحد الإسلاميين بالرئاسة.
العلاقة مع السودان ستتسم بالتقلب بعدا وقربا، فيقترب من السودان عندما يتعاطى معه كعمق إستراتيجى للأمن القومى تحديدا فيما يلى ملف مياه النيل وأيضا كجزء من مشروع الإحياء الإسلامى وعلى النقيض من ذلك عندما يكون المنظور هو قضايا التحول الديمقراطى وحقوق الإنسان سواء كان من الناحية السياسية أو عندما يتعلق الأمر بدارفور إذ ستكون القوى الليبرالية-العلمانية التى تدعمه أعلى صوتا وتأثيرا فى هذه الناحية ومعلوم مواقفها من الحكومة السودانية.
إن نجح فى إدارة علاقات بناءة مع الغرب سيساعد هذا السودان كثيرا وسيمتص عنه عبء سياسى وأمنى وإقتصادى كبير وسيمثل جدارا عازلا بينه والضغوط الغربية التى ظلت تمارس ضد وفى هذه الحالة فقط من مصلحة السودان أن يفوز أبوالفتوح.
على العموم مهما كان الفائز فى هذه الإنتخابات فليس من المتوقع أن تشهد الأربعة أعوام القادمة التى تمثل مدة بقاء الرئيس فى الحكم تغيرات جوهرية فى العلاقات السودانية المصرية إذ من المتوقع أن تنصرف مصر إلى تحديات الشأن الداخلى فى مختلفة المجالات السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية-الدينية ولا تنتبه للخارج خاصة السودان إلى فى حدود متطلباتها الداخلية وعليه المطلوب من السودان عدم الإستمرار فى التعويل على العلاقات الحكومية فقط بل التخطيط والتنفيذ لنسج علاقات متشابكة رأسيا وأفقيا، تقوى المصالح الحيوية بين البلدين لأجل زيادة فرص ومجالات الإلتحام الإقتصادى والأمنى خاصة مع تدهور العلاقات مع جنوب السودان وهو الشئ الذى سيؤدى بالضرورة إلى خلق حالة إستقطاب إفريقى قد ينحاز لدولة جنوب السودان على حساب السودان.
بأى حال على السودان الإنتباه لوقائع الأحداث الجارية وإستصحاب مامضى من تجارب من أجل إستقراء المستقبل لوضع سيناريوهات موضوعية تمثل خيارات للتعاطى الآنى والإستراتيجى مع مصرحتى لاتستمر حالة الإنجرار وراء الطوارئ أو حتى الإنسياق وراء العواطف عسى ولعل.
*صحفى وكاتب سودانى مقيم بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.