كنا شهوداً لندوة حاشدة أقيمت قبل سنوات في صحيفة الصحافة لمناقشة قانون الصحافة الذي كان مطروحاً وقتها، وقد تركز حديث المتحدثين الذين كانوا أغلبهم من أصحاب الصحف، حول زيادة رأس المال ليصبح تعجيزياً، واعتبروا ذلك محاولة لقفل الطريق أمام صحف جديدة، وهتف الحاضرون ضد هذه التغيرات مع أنها كانت في غالبها تصب في مصلحة الصحافيين!! وأذكر أنا ومجموعة من الصحفيين الذين يجلسون إلي جواري، تناقشنا علي هامش الندوة حول أن زيادة رأس مال الصحف ، وإيداع مبالغ مالية في حساب الصحف التي تنوي الصدور، كلها ضمانات لتبني صحف ذات قدرة مالية، تجعلها تقيم مؤسسة صحفية مهيكلة ومنظمة، وكان بعض من شاركوا في النقاش ممن كانوا يعملون في صحف توقفت دون تمنحهم حقوقهم!! وما حديث أمين عام مجلس الصحافة الأخير، إلاّ (بيان عملي) لما يحدث حقيقة وسط صناعة الصحافة فالرجل وصف الصحف السودانية بأنها مجرد (كناتين) وهي التجارة الفردية في أوضح صورها في الذاكرة الشعبية عند السودانيين، وليس في ذلك سب من بعيد أو قريب للصحفيين ولا حتى للناشرين أصحاب هذه (الكناتين)، شكر الله سعياً في تحملهم المشاق!! ووجود هذا الكم من الصحف المملوكة لأفراد جعل الصحفي أكثر المهنيين تشرداً وبؤساً، ولا يقلل هذا من اجتهاد بعض مالكي هذه الصحف بأن يسعوا جاهدين لأن (يعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه)، وهناك نمازج استثنائية مضيئة لمن يقدمون مصلحة الصحفي علي مصلحة أسرهم، وكل ذلك لا ينفي أبداً أن تكون التجارة في العمل الصحفي تجارة فردية!! أما ناشرو الصحف فأحق أن يثبتوا ما قاله العبيد مروح،ويطالبوا بأن يرفع عنهم القانون والمجتمع والدولة والحكومة كاهل مطاردة هموم الطباعة والورق والتدريب والتأهيل، ولن يكون منطقياً لدولة أن تتدخل حتى تدعم الورق والطباعة والنشر، ثم لا يظهر المردود الاقتصادي علي الصحفي واقتصادياته، بينما يظهر جلياً علي وجوه ومحيا أصحاب هذه الصحف!! وبدلاً من احتجاجات الصحفيين هنا وهناك، ومحاصرة أصحاب بعض الصحف بحثاً عن المرتب الغائب، يجب أن ينادوا بالمؤسسية!! و(أنت ما عارف صليحك من عدوك)!!. نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 3/6/2012م