إن من الأزمات التي ظل يعيش فيها السودان مراراً وتكراراً نتيجة لتعدد جبهات الاقتتال والحرب الأهلية مما دفع بتشكيل واقع جديد ملئ بالصدمات والحالات الإنسانية المتأزمة بان جعل العالم بأسره يشفق جراء هذه الأوضاع والسعي لوجود طوق نجاة لها من خلال منظماته الإقليمية والدولية والتي يشكك في أهدافها ومراميها البعض بأنها لا تعدو كونها ستار لأجهزة استخباراتية تتخذ من العمل الإنساني واجهة لتحقيق أجندة تبدأ من امتلاك معلومات تتصل ببنية الدولة وتكويناتها السكانية، وقدرتها العسكرية، وإنتاجها البشري ومواردها الاقتصادية والسياسية بالإضافة إلى كيفية توظيف الواقع الإنساني لصالحها ومحاولة الخروج به من خارج المحيط المحلي إلى أن تأخذ قاضاياه تلك اهتمام دولي عبر ما ترسله من مؤشرات لهذه الأوضاع وطلب الدعم والمساعدة الدولية والالتفات لها وإدارتها – حيث عاش السودان تلك التجربة بأن فتح أبواب مدنه وقراه في كل من إقليم دارفور وولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق. لهذه المنظمات التي أتسع نشاطها من العام 2003م مع إنطلاقة أول رصاصة في رحم دارفور، وقيام معسكرات النازحين واللاجئين بغرض تقديم المساعدات الإنسانية، والتي كانت كما يقول بعض الخبراء من ذوي الاختصاص بأنها لم تكن إلا وسيلة للدخول للسودان عبر البوابة الغربية بحيث اتضح من مجمل المتابعات إن نشاط هذه المنظمات لم يختصر في تقديم المساعدات الإنسانية حسب ما عرفت به من مهام وصيغ، تم السماح لها من قبل جهات الاختصاص في الدولة وهو ذاته ما دفع بالسيد رئيس الجمهورية باتخاذ قرار سودنة المنظمات والتعهد بتقديم الدعم لها برغم من أن المهمة لم تكن بالسهلة خاصة، وإن القرار جاء في توقيت يري فيه مختصون بأن دارفور وغيرها من المناطق كانت تعيش ولو بشكل جزئي علي ما تقدمه تلك المنظمات من مواد غذائية وخدمات صحية ومواد إيوائية، الأمر الذي وضع منظمات المجتمع المدني في تحدي ومحك حقيقي بضرورة تعويض الفراغ الذي تركته المنظمات الأجنبية، وتوظيف الإمكانيات البسيطة والمتاحة لانجاز تلك الأعمال. تجاه أولئك المواطنين الذين فرضت عليهم الحرب في أن يصبحوا في ليلة وضحاها لاجئين ونازحين. وفي تقييم آخر درجت مفوضية العون الإنساني من وقت لآخر القيام به على صعيد مجوعة المنظمات الأجنبية التي تتخذ من السودان بقعة لممارسة أنشطتها الإنسانية والتنموية وقد أسفر آخر تقييم قامت به عن عدم جدوى مشروعات تقوم على تنفيذها، والإشراف عليها سبع منظمات بولايات شرق السودان وذلك نسبة للتكلفة التشغيلية العالية وضعف المردود الفعلي لتلك المشروعات مما استدعي بالفريق الفني من مفوضية العون الإنساني يوصي بعدم جدوى مواصلة تلك المشروعات والعمل على فض أعمالها والجهات المنفذة لها. فالبيان الذي أودته المفوضية والتي أوضحت من خلاله إن الهدف من القرار لا يتعدى ترشيداً للموارد وسعياً لإعادة توجيهها لخدمة المستفيدين – في الوقت الذي يواصل فيه المراقبون في سرد طرح آرائهم حول ممارسة المنظمات الأجنبية لنشاطها والتي يقول فيها بعضهم إنها لابد أن تكون محكومة بضوابط وقوانين وهو نفسه ما يستدعي التعرف على نوع النشاط وطريقة تنفيذه وما يصاحبها من برامج أيضاً الإطلاع على النتائج والإحصائيات لمجمل المشروعات ومجالاتها سواء كانت متصلة بالجانب التنموي من حفر للآبار، وإنشاء المستشفيات والمدارس، وغيرها من الأعمال التي تستهدف مناطق التأزم أضف إلي ذلك تحديد فترات زمنية لهذه المنظمات لانجاز ما تحمل من برامج وذلك من أجل إفساح المجال لغيرها من المنظمات الأخرى للقيام بذات الدور ومعرفة تجارب جديدة بدورها قد تساعد في حل ما يحيط من مشكلات في تلك المناطق بجانب إن يتم صياغة قاعدة بيانات لهذه المنظمات وتاريخها وما قدمته من مشروعات في دول ومناطق مشابهة لوضعنا كذلك الاستفادة منها في تأهيل وتدريب كوادرنا الداخلية حتى نجد أنفسنا في يوم قادرين على إدارة جميع الأزمات والصراعات وما ينتج عنها من أوضاع وإفرازات هكذا كان تحليل بعض الخبراء والمراقبين للمنظمات الأجنبية بالسودان. نقلاً عن صحيفة الوفاق 7/6/2012م