القرارات الاقتصادية التي أعلنتها رئاسة الجمهورية من داخل قبة البرلمان أمس الأول، أثارت العديد من ردود الأفعال في كل الأوساط الاقتصادية بين مؤيد ومعارض لها، ولكن حسب القراءات فإن تلك القرارات لا تختلف عن سابقاتها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية التي شهدتها البلاد، حيث اعتبرتها الدولة امتداداً للإستراتيجية القومية والبرنامج الثلاثي من أجل معالجة المشكلة الاقتصادية. أكد رئيس الجمهورية أن الإجراءات الإصلاحية ليست جزئية، حيث تساهم في معالجة الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وقد أعلن عن تقليص المناصب الدستورية علي مستوي الرئاسة والوزراء والخبراء بالحكومة الاتحادية في أكثر من (100) موقع، وعلي المستوي الولائي والتنفيذي والتشريعي بنسب 45% و56% بما يتجاوز (280) موقعاً ولائياً، فضلاً عن إلغاء مرتبات ومخصصات المجالس التشريعية للمحليات مبيناً عن زيادة في ضريبة التنمية والقيمة المضافة، معلناً عن رفع ضريبة أرباح الأعمال علي البنوك، مشيراً لرفع الدعم عن المحروقات تدريجياً، ووصف رفع الدعم عن المحروقات بالانتصار للفقراء، قاطعاً بعدم وجود زيادة في تذاكر النقل البري والداخلي بمواصلات الخرطوم، موضحاً أن إنتاج البلاد من النفط سيرتفع بنهاية هذا العام إلي (180) ألف برميل في اليوم.وبعد إعلان تلك القرارات نلاحظ أنها وجدت القبول من نواب الشعب بالبرلمان، وتمثل ذلك في التصفيق والتهليل.. فهل سيتحسن حال المواطن بعد تطبيق تلك القرارات علي أرض الواقع من خلال مساهمتها في فك تلك الضائقة التي لها تأثير كبير علي حياة المواطن البسيط المغلوب علي أمره، خاصة أن دخله لا يتناسب مع الزيادات الأخيرة، علي الرغم من إعلان تخصيص منحة مالية للعاملين والمعاشيين بالدولة. ويري المراقبون أن تلك القرارات لها أثار اقتصادية واجتماعية تتطلب تخطيطاً إستراتيجياً مبنياً علي دراسات واقعية حتى تسهم بصورة فعالة. وفي هذا الجانب وصف الخبير الاقتصادي حسين القوني خطاب رئيس الجمهورية بالجيد، وذلك لتجاوبه مع العديد من المسائل التي تطرق إليها الخبراء، مشيراً إلي أن الخطاب تناول العديد من القضايا التي تتطلب العلاج ب (الكي). وهذا يشير لضرورة المتابعة بصورة دقيقة لتحقيق الأثر المطلوب. ودعا إلي وضع العديد من الحلول مثل دمج المؤسسات الشبيهة مثل مؤسسات التمويل الاجتماعية، حتى تساهم في توفير مبالغ كبيرة علي المدى المتوسط بتخفيض المصروفات، مشيراً إلي ضرورة الاستفادة من تحويلات المغتربين التي تساهم في توفير النقد الأجنبي بالبلاد، وبالتالي تشجيع الاستثمارات الخارجية. وأوضح القوني في حديثه ل (الإنتباهة) أن التحديات الاقتصادية كبيرة وتتطلب العلاج السريع، مضيفاً أن الاتجاه لمعالجة الميزانية خلال ثلاثة أشهر يدل علي وجود قصور في إعداد السياسات المالية والاقتصادية. فيما يري الخبير الاقتصادي حسن ساتي أن القرارات الاقتصادية المعلنة لا تحل الأزمة المالية ولا تخاطب جذور المشكلة التي وصفها بالإجراءات الديكورية، موضحاً أن الأزمة الاقتصادية الحالية عميقة الجذور وطالت كل القطاعات الاقتصادية، مشيراً لتفشي ظاهرة البطالة بنسبة كبيرة، بجانب ارتفاع نسبة الفقر إلي 95%، مما أدي إلي اعتماد البلاد علي الغذاء المستورد لضعف الإنتاج، وكذلك الميزانية التي لا تغطي 50% من المصروفات الجارية، بالتالي فإن هذا ساهم في ضعف التنمية التي لا تتم إلا بتحريك الإنتاج، موضحاً أن هذا العام من المتوقع للاقتصاد السوداني أن يتدهور فيه بنسبة 63% بالمقارنة مع اقتصاد السودان في عام 1990م، حيث تراجع الإنتاج بصورة كبيرة مما أدي إلي زيادة البطالة والفقر. وأضاف ساتي أن الحل الحقيقي يكمن في تحريك الاقتصاد، وبالتالي علي الدولة إعادة القطاعات الإنتاجية المتوقفة عن العمل. فيما يري المراقبون للأوضاع أن هذه الإجراءات تحتاج إلي مزيد من الحزم لاستكمالها وإضافة بعض الإجراءات لتضمن لها الاستمرارية، مثل تطبيق قرار تخفيض مخصصات الدستوريين وهيكلة المؤسسات. نقلا عن صحيفة الانتباهة 20/6/2012م