أخيراً سيتم تقليص حكومة ال (77) وزيراً وتخفيض الإنفاق الحكومي بعد إعلان الدولة الاتجاه للتقشف باعتباره وسيلة فعالة لمواجهة الأزمة الاقتصادية والعجز في الموازنة، ومن الواضح أن الدولة اتجهت لتنفيذ الخطوة بعد أن نادى بها كثيرٌ من الخبراء ومطالبتهم بتخفيض أعداد الدستوريين ومخصصاتهم، خاصة أن الاقتصاد السوداني يمر بعدة مشكلات ربما تحتاج لوقت أطول لإيجاد الحلول وانفراج الأزمة.. وراهن مراقبون على أن تخفيض مخصصات الدستوريين أول الحلول وكثيرًا ما دار الحديث حولها من قِبل الحكومة، ولكن دون إنزالها على أرض الواقع، ويبدو أن الأوضاع التي تشهدها البلاد خاصة في الجانب الاقتصادي الذي أصبح محل جدل كبير وسلاح المواطن الذي يمكن أن يستخدمه ضد الدولة بعد موجة الربيع العربي التي اجتاحت الوطن العربي مؤخراً دعت حتمًا لتطبيق الأمر على أرض الواقع. وتجري المحاولات حثيثة لتقليص عدد الوزراء ومخصصاتهم بنسبة «45%» ومعالجة مسألة الامتيازات وإجراء معالجة شاملة لمختلف القطاعات تشمل البنوك والشركات الكبرى مع إلغاء الصغيرة منها التي جرى التداول حولها داخل أروقة المؤتمر الوطني من أجل تخفيف العبء على خزينة الدولة التي أنهك كاهلها بزيادة الصرف البذخي. ويرى المراقبون أن الأوضاع الاقتصادية في السودان تعاني مشكلات متعددة خاصة بعد خروج البترول وتدني إنتاجه من «64» مليار دولار إلى «60» مليار دولار وذلك نتيجة لفقدان الحكومة «375» ألف برميل من البترول المنتج بعد الانفصال، وحسب الإحصاءات فإن الوضع الحالي يعاني مشكلة التضخم الذي وصل إلى مستوى مرتفع وله تأثير واضح على الفقراء بالبلاد حيث بلغ «4 46%». ويبدو أن الإصلاحات الأخيرة رأت الدولة أنها السبيل الوحيد لإعادة الانتعاش للاقتصاد وسد الفجوة حسب الإجراءات التي تهدف لخفض الإنفاق الحكومي وترشيده وهذا المنحى خلق حالة من التفاؤل بحل المشكلات وانفراج الأزمة بنهاية العام عبر البرنامج الثلاثي في قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين. ويرى مراقبون أن الخطوة تتماشى مع الأوضاع الاقتصادية وبحسب حديث الخبير الاقتصادي حسين القوني ل (الإنتباهة) أن الخطوة تهدف لتخفيف نظرة المواطن نحو الدستوريين وفي الاعتقاد أن لهم امتيازات كبيرة ووصف الخطوة بالإيجابية، داعيًا لضروه توضيح مخصصات الدستوريين لمعرفة وضعها الجديد.. وقال: إن مراجعة الميزانية ضرورة ملحة خاصة مع المتغيرات غير المتوقعة في الوضع الحالي، موضحًا أن هذا يتطلب إعادة نظر بحيث تكون قريبة للواقع من أجل الصرف والتخطيط السليم لمصروفات التنمية مع الإمكانات المتاحة بالبلاد مما يساهم في إحداث توازن خاصة بعد التحولات الكبيرة كالانفصال وخروج البترول والصادرات غير البترولية. وقال القوني: لا بد للدولة أن تراعي عدة جوانب وليس بالتركيز على الصرف فقط بل مراعاة الاهتمام بالإنتاج والإنتاجية بجانب استنباط وسائل جديدة للميزانية.. وطالب بعض الخبراء بتخفيض أعداد الدستوريين بنسبة «80%» لمعالجة الوضع بصورة سليمة. وطالب الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك بتخفيض المخصصات بصورة أكبر مما أعلنته الدولة وبنسبة قد تصل إلى «70%» لتصبح في حدود المرتبات العادية، مشيرًا لضرورة إلغاء المخصصات، خاصة أن البلاد تعيش أزمة، مضيفاً: لا بد أن يتحمل كل المواطنين الأعباء وأن يساهموا في سد عجز الموازنة ومواجهة الأزمة، وقال الجاك في حديثه ل (الإنتباهة): إذا كانت هنالك ضرورة لتلك الامتيازات يمكن التفكير فيها بعد إصلاح الوضع الاقتصادي بالبلاد، وإذا تم تنفيذ الخطوة من قِبل الحكومة فهي خطوة في الاتجاه الصحيح مما يتطلب المتابعة والتنفيذ.