لم تبارح عملية التفاوض بين دولتي السودان وجنوب السودان مكانها، مازال الطرفان متمسكين بموقفهما بشأن الخريطة المقدمة للآلية الإفريقية العليا لتحديد الخط الحدودي الفاصل بين الدولتين، وفضت الوساطة للمرة الثانية جولات التفاوض بعد حوارات دارت لأكثر من شهر من بدء المفاوضات المباشرة عقب القرار الدولي 2046. وقال الفريق أول مهندس ركن عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع رئيس اللجنة السياسية الأمنية لوفد السودان إن الجولة أفضت عن خطوات ايجابية وملحوظة في الجولة الأخيرة حول القضايا الأساسية في إطار اللجنة السياسية الأمنية العليا للبلدين. وقال وزير الدفاع في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الخميس الماضي إنه تم تكوين الآلية المشتركة للمراقبة والتحري في المنطقة منزوعة السلاح بجانب تكوين آلية طارئة لتلقي الشكاوي مبيناً أنه تم عقد لقاءات مباشرة دار فيها نقاش مستفيض حول القضايا الأمنية التي تتعلق بين البلدين. وتوقع أن تبذل اللجان التي تم تكوينها من الطرفين جهوداً مقدرة لأجل الوصول إلى نتائج ايجابية تساهم في الاستقرار والسلام بين البلدين كاشفاً عن استئناف الجولة القادمة في الخامس من يوليو القادم والتي ستعقبها جولة أخرى تبدأ في 11/7 القادم. وانتقد وزير الدفاع بشدة الخرائط التي قدمها وفد دولة جنوب السودان وقال إنها تتعارض مع الخرائط التي توجد في أرشيف الأممالمتحدة بجانب التي تم طرحها على طاولة اتفاقية السلام الشامل مؤكداً أن اللجان التي قامت بوضعها غير مختصة في هذا الجانب. وأنهت الأسبوع الفائت جولة المفاوضات، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت رعاية الآلية الإفريقية العليا برئاسة الرئيس ثامبو أمبيكي، بعد إنفضاض الجولة الأولي التي إستمرت ل(عشرة) أيام فقط ناقش الطرفان القضايا الأمنية على الحدود ولم يتوصلا إلي إتفاق بشأن الأجندة المقدمة، في أعقاب تباين وجهات النظر حول الخرائط المقدمة من كل طرف، وتقدم وفد جنوب السودان بخريطة ضمت (ست) مناطق جديدة تمثلت في جنوب غرب سنار (المشاريع الزراعية)، جنوب جبال النوبة (طروجي، بحيرة الأبيض، والقردود)، غرب كردفان سابقاً (هجليج، الخرصانة) بعرض (100) كيلو متر، بالإضافة إلي (أبيي)، والميرم، وشمال بحر العرب منطقة (سماحة). إضافة إلي المناطق ال(4) الخلافية بين الدولتين المتمثلة في (كاكا، جودة، المقينص، حفرة النحاس) و منطقة (14ميل) التي أضافتها مؤسسة الرئاسة مؤخراً، بينما تمسك وفد السودان بالخريطة التي جرت بموجبها الانتخابات، وفصل القوات، وإجراءا الاستفتاء، واستخدمتها البعثات الأممية (يونميس) و (يوناميد) والتي تعتمد الخط الحدودي للعام 1956م، الذي يحدد المنطقة العازلة ل(20) كلم عرض (10كلم جنوب الخط الحدودي، 10 كلم شمال). نقطة التباين الكبير حول الخط الحدودي بين دوافع الطرفين عجل بفض الجولة بعد رفض وفد جنوب السودان ورقة الوساطة التوفيقية التي أعلنت الخرطوم الترحيب بها، وحوت على إقتراح حدود 1956م نقطة الخط الحدودي لتحديد المنطقة العازلة مع عزل المناطق ال(الخمس) المتنازع عليها من قوات البلدين. وما زالت نفس الموضوعات تقف عائقاً كبيراً يزيد حدة التباين بشان الخريطة في الجولة المقبلة سيما أن الوفدين متمسكان بموقفهما مع التدليل بالوثائق، خاصة إصرار وفد جنوب السودان على تضمين منطقة هجليلج لتبعية دولة جنوب السودان، ومطالبته باللجوء إلي محكمة التحكيم الدولية في لاهاي لفض النزاع حولها وحسم تبعيتها. خريطة جنوب السودان أربكت كل حسابات الجولة الماضية وعجلت بفضها دون التوصل إلي اتفاق أو حتى تقارب وجهات النظر، الأمر الذي يجعل من مهمة الآلية الأفريقية العليا العديد من المصاعب لتذليل نقاط الخلاف الواضحة. المتابعون وخبراء التفاوض أكدوا في أعقاب الجولة إن وفد الجنوب يعتمد على التكتيك البطيء لتحقيق غاياته خاصة عقب خطوة إحتلال هجليج بعد أن أتضح جلياً نية جنوب السودان الدخول للمفاوضات المقبلة وفي حقيبتها خريطة تضم مناطق عدة من أهمها منطقة هجليلج ووصفها بأنها منطقة متنازع بشأنها هذا ما ثبت جراء المباحثات عندما تمسكوا بتبعيتها لجنوب السودان وإنها خارجة لتوها من نزاع عسكري بين البلدين. كل تلك المستجدات على طاولة التفاوض قد تربك حسابات الوساطة خاصة إن الفترة الزمنية حسب قرار مجلس الأمن 2046 تضع مهلة زمنية أقصاها الثاني من أغسطس المقبل لحل خلافات البلدين ووضع حد للنزاع المسلح على الحدود. لكن مجريات الأحداث الحالية في الدولتين وصعوبة الأوضاع الاقتصادية قد تجبر الحكومتين على إيجاد توافق بشان بعض القضايا التي تسهم في وزن المعادلة الاقتصادية، ويمثل الضغط الجماهيري الرافض للوضع الاقتصادي الذي تسبب في الضايقة المعيشية نسبة مقدرة في أجبار المفاوضين للإسراع في الوصول إلي حلول مقبل الجولات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. نقلاً عن صحيفة الوفاق 1/7/2012م