نشأت الحركة الاسلامية فى السودان على أيدي فريق من الشباب عبارة عن مجموعة من الطلاب لا يدين بعضهم لبعض بأستاذية أو مشيخة، فسادت ظاهرة الشعور بالندية والمساواة بين مؤسسي الحركة حتى إنه لم يكن يُعرف للحركة رئيس فى أيامها الاولي. ثم تحولت الحركة الى مؤسسة فى الأجهزة بعد ذلك. وقاد د. حسن التربي المفاصلة الاولي فى حركة الأخوان المسلمين ما بين تيار العمل السياسي وما بين تيار التربية الممتدة من تجارب الاخوان فى مصر، وهو ما دفع الترابي لتكوين جبهة الميثاق الاسلامية وتقلد الأمانة العامة فيها عام 1964 ولعبت الجبهة دور سياسي بعد ذلك أكثر أهمية فى الحياة السياسية، وفى يونيو من العام 1989 أقام حزب الترابي إنقلاباً عسكرياً ضد حكومة الصادق المهدي المنتخبة ديموقراطياً وتم تعيين عمر البشير رئيساً لحكومة السودان. وفى العام 1994 أسس الترابي المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي الذى يضم ممثلين من 45 دولة عربية واسلامية وكان أميناً عاماً للمؤتمر الشعبي. وفى 1999 ظهرت بوادر الخلاف بين الترابي والحكومة السودانية حول فكره؛ وفى أوخر نفس العام أصبح الترابي معارض للحكومة السودانية منفصل بحزبه مشكِّلاً مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية ووقع من حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر ومن الحركة الشعبية ياسر عرمان وكان التفاهم على التنسيق المشترك فى المستقبل. وفى غضون ذلك أوقفت السلطات السودانية فى 19 ديسمبر من عام 2011 بمطار الخرطوم الدولي الرجل الثاني فى حزب المؤتمر الشعبي وهو عائد من عاصمة دولة جنوب السودان، وهو إبراهيم السنوسي والذى يُعتبر من الرعيل الاول من قيادات الحركة الاسلامية فى السودان حيث بزغ نجمه فى العام 1965 الى جوار الترابي وقد إختاره الاخير ليكون أميناً عاماً داخل الحركة اللاسمية. ويجئ هذا التوقيف بعد أن ثبت للسلطات بأن المؤتمر الشعبي تربطه علاقة مباشرة مع الحركات المسلحة بإقليم دارفور وولايتيّ النيل الازرق وجنوب كردفان وتحالف ما يسمي بالجبهة الثورية. والسنوسي كان رسول حزبه لحضور إجتماعات مع حركة العدل والمساواة فى جوبا. والعدل إحدي حركات التمرد باقليم دارفور، وهى حركة منشقة من حركة تحرير السودان فى 2001 و كان يقودها خليل ابراهيم وينتمي معظم أفرادها الى قبيلة الزغاوة وتعتبر العدل والمساواة الذراع العسكري لحزب المؤتمر الشعبي. وتضمنت الاجتماعات أجندة لترتيبات عمل عسكري تقوم به حركة العدل والمساواة بالتضامن مع الحركة الشعبية والتصعيد السياسي من الداخل بقوة المؤتمر الشعبي بهدف تغيير الحكم فى السودان . وقد زار إبراهيم السنوسي ولاية شمال كردفان أكثر من مرة خلال فترة وجيزة وفى مناسبات لا ترقي الى زيارتها وعقد عدة ندوات أراد بها خلخلة المجتمع وتهيئة دخول حركة العدل والمساواة فى مناطق الولاية الغربية، وقد قاد الطابور الخامس الذى إعتدي على ولاية شمال كردفان من قبل الحركة. وكان ابراهيم السنوسي من أشدّ مؤيدي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1706 الذى دعا الى نشر قوات دولية فى إقليم دارفور وذلك تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذى يخولها إستخدام القوة وهذا ما رفضته الحكومة السودانية رغم أنه إشترط موافقتها فى تنفيذ القرار. وبالرجوع الى إيقاف ابراهيم السنوسي ومسئول آخر فى الحزب تم ضبط مستندات بحوزته ووثائق كتبها الترابي تتحدث عن سيناريوهات من بينها إسقاط النظام الحاكم بالقوة وبينات من الجبهة الثورية الأمر الذى تم بموجبه توجيه الاتهام الى السنوسي منها تقويض النظام الدستوري وهى المادة 50 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، وتقول المادة من يرتكب أىّ فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد أو بقصد تعريض إستقلالها أو وحدتها للخطر يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة اقل مع جواز مصادرة جميع أمواله. والمادة 58 التحريض على التمرد، من يحرض أىّ فرد من أفراد القوات النظامية على التمرد أو الخروج عن الطاعة أو التخلي عن واجبه نحو الدولة يعاقب بالسجن مرة لا تتجاوز سبع سنوات، كما تجوز معاقبته بالغرامة. السنوسي هو الذى حثَّ حركة العدل للتحالف مع الحركة الشعبية للإندفاع فى الغزو الجنوبي الأول لهجليج النفطية والتى تم دحرها من قبل الجيش السوداني، فقد هدفوا الى تدمير تجهيزات صناعة النفط فى الحقل ليلحقوا أكبر ضرر بالاقتصاد السوداني ظانين أنهم يسددون بذلك ضرب قاتلة الى الحكومة السودانية فإتجهوا الى التحالف السياسي والعسكري غير المبدئي وغير الاخلاقي مع كل من يعادي السودان . ومن ثم تم إطلاق سراح إبراهيم السنوسي من قبل السلطات بضمانة بعد فتح بلاغات ضده توطئة إلى تقديمه للمحاكمة. ونخلُص الى أنَّ الشعبي الذى كان يوماً رمزاًَ للإسلاميين وركيزة لثورة الانقاذ الوطني فى بدايتها قد أصيب بالتخبط وأصبح أمر التشفي من شركائه السابقين هو الأسمي بغض النظر عن الأ داة فى ظل تصميم رئيسه لإسقاط النظام فقط دون تفكير في تبعات هذا العمل الأخرق.