حدث ما كان متوقعاً وخططت له الحركة الشعبية منذ السادس من يونيو العام الماضي عندما بنت خطتها بولاية جنوب كردفان على استهداف كبار قيادات المؤتمر الوطني بالولاية حيث تم أمس اغتيال الرجل الثاني بالولاية، رئيس المجلس التشريعي إبراهيم بلندية في طريق عودته إلي كادقلي بعد فراغه من متابعة مشروعه الزراعي شرق منطقة الكرقل الواقعة على الطريق الرئيس بين الدلنج وكادقلي، وتحديداً على بعد ((70 كلم شمال مدينة كادقلي ومعه عدد من القيادات منهم مسؤول بوزارة المالية د. فيصل بشير، ومعمد سابق بشمال كردفان – على مطر – تربطه صلة قرابة بالوالي أحمد هارون، وهو يمارس حرفة الزراعة الآن. تعرضت الحركة لهزيمة قاسية في الانتخابات الماضية ولذلك طبقت شعار ((النجمة أو الهجمة)) الذي رفعته، ما يعني أن الاتجاه الذي نوت الحركة السير فيه كان مكشوفاً لكثير من المراقبين بل حتى تفاصيله كانت واضحة المعالم من خلال رفع ذلك الشعار الذي ينطوي على التهديد. تبقي المسألة محاولة لخلق بلبلة وسط قيادات حكومة جنوب كردفان تنفيذيين وتشريعيين من خلال شق الصف، وتمثل ذلك في الكمين الذي نصب لبلندية ومرافقيه لكن سبق ل(الانتباهة) إعداد مادة عقب نشوب أحداث جنوب كردفان موسومة ب(احمد هارون .. هل مأمن)؟؟.. وأضح من خلال الخطة المذكورة في فاتحة التقرير للحركة الشعبية باستهداف القيادات وضعت أحمد هارون على رأس القائمة لمحاولة شل حركة وتفكير الحكومة حتى تكون جنوب كردفان منطقة محررة تنطلق منها الحركة وتتحرك نحو الخرطوم مدعومة بتحرك من النيل الأزرق يكتسح الدمازين وسنار، كما قال ل(الانتباهة) في وقت سابق المحلل السياسي المعروف اللواء د. محمد العباس الأمين الذي أشار إلى أن تامين هارون والقيادات مسألة مهمة للغاية حتى لا يتم إرباك الحكومة .. ويبدو أن حديث العباس لم يجد أذناً صاغية إذ ان هارون تعرض لمحاولة اغتيال قلل من شانها وهو الأمر الخاطئ- بحسب مراقبين – فضلاً عن تعرض الراحل بلندية نفسه إلي محاولة اغتيال من ذي قبل، علاوة على اغتيال الحركة الشعبية لعدد من القيادات ورموز المؤتمر الوطني بأنحاء متفرقة من ولاية جنوب كردفان. أسلوب استهداف القيادات مسألة معمول بها لدي المخابرات في شتي أنحاء العالم وحتى الحركة الشعبية نفسها شربت من ذات الكأس باغتيال رئيسها جون قرنق في حادث تحطم طائرة أربك صفوف الحركة، ولعلها رغم مرور عدة سنوات على مصرع قرنق إلا أن قيادات بارزة في صفوفها لم تفق من هول الصدمة .. بينما يمكن الخلاف بين الحركة والمؤتمر الوطني في أن الأخير ظل يحتسب شهداء ويوقن أن مسيرته تروي بدماء الشهداء من أبنائه المخلصين. الأوضاع في جنوب كردفان عقب وصول نبأ استشهاد بلندية ظلت هادئة على ما هي عليه لكن ما جري يفتح الباب أمام حزمة من التساؤلات: هل هارون في مأمن، وهل ظل هدفاً مشروعاً منذ وقت طويل؟ وهل ستغير الحكومة من خطتها تجاه التعامل مع الأحداث بجنوب كردفان؟ الأمر يستوجب أن يكون له ارتباط بالتفاوض الذي يجري في أديس أبابا والذي تم تعليقه آلي يوم الأربعاء نسبة لمغادرة وفد الحركة إلي جوبا لشؤون داخلية تخص دولة الجنوب، فضلاً عن ان مسألة بقاء أحمد هارون من عدمه تتطلب دراسة في حد ذاتها، سيما وان أجزاء متفرقة من الولاية شهدت حالة الطوارئ ما يمكن الحكومة من اتخاذ أي موقف دون أن يصطدم بالشرعية التي يتمتع بها أحمد هارون. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 7/7/2012م