أظلت سحائب الحزن بدلاً من سحائب المزن، أمس، مدينة كادقلي بوجه خاص، وجنوب وشمال كردفان، بل والسودان على الوجه الأعم، بسبب الرحيل المفاجئ لرئيس المجلس التشريعي لولاية جنوب كردفان، إبراهيم محمد بلندية وعدد من مرافقه، الذين استشهدوا إثر هجوم غادر نفذته قوات الحركة الشعبية علي موكبهم بمنطقة "الكتن" شرق "الكرقل" بمحلية هبيلا، ظهر الجمعة عندما كانوا في طريق عودتهم إلى مدينة كادقلي بعد زيارة تفقدية للمشاريع الزراعية. واستشهد في الهجوم بلندية وسبعة من مرافقيه هم: الدكتور فيصل بشير، أمين عام مجلس التخطيط الإستراتيجي بالولاية، علي مطر المعتمد السابق برئاسة ولاية شمال كردفان، وكل من موسى عطيه، متوكل منير، حمدان سليمان، وثلاثتهم يعملون سائقين بالمجلس التشريعي، بالإضافة إلى المصور يوسف مكين وعبد الرحمن كبسور. وشيّعت مدينة كادقلي في موكب مهيب أمس، جثامين، بلندية وعدد من مرافقيه، إلى مثواهم الأخير، بمشاركة وفد اتحادي رفيع بقيادة رئيس مجلس الولايات، الفريق آدم حامد موسى، وعضوية عدد من الوزراء والمسؤولين من المركز على رأسهم، وزير التعليم العالي والبحث العلمي البروفيسور خميس كجو، والأمين العام لمجلس الحكم اللامركزي، البروفيسور الأمين دفع الله. بجانب عدد من القيادات السياسية من أبناء المنطقة على رأسهم رئيس حزب العدالة، مكي بلايل، ورئيس الحركة الشعبية - جناح السلام، اللواء دانيال كودي. وانطلقت مراسم التشييع بميدان الحرية، وسط كادقلي، وخيمت أجواء من الحزن على الموكب الجنائزي.وتحدث رئيس مجلس الولايات الفريق آدم حامد موسى، مستعرضا الأدوار التي لعبها بلندية ورفاقه في عملية السلام والتنمية بالولاية، مؤكدا إنه – بلندية - ظل وفيا لأهله وبارا بقسمه، وهاجم الحركة الشعبية بشدة مؤكدا أنها لا زالت عند سلوكها المتمثل في انتهاج الغدر والخيانة وقتل الأبرياء. وأعتبر البروفيسور خميس كجو، الحادث يأتي ضمن محاولات الحركة الشعبية وأعداء السلام في إطار مخطط يرمي إلى خلق حالة من الفوضى في الولاية وبث الرعب والخوف في نفوس الأبرياء والأمنيين. ورفض الفريق دانيال كودي اغتيال بلندة وهاجم الحركة الشعبية بشدة.بينما قال الأمين دفع الله إن جنوب كردفان فقدت رجلا فاعلا ونشطا في ميادين العمل السياسي والعمل العام. وانتقد والي جنوب كردفان أحمد هارون، السلوك الذي ظلت تنتهجه الحركة الشعبية بالاغتيالات وأكد عزم حكومته مواصلة العمل والبناء لإعمار وتنمية الولاية، وقال "على العالم أن يعلم الآن من هو العدو الأول للسلام في جنوب كردفان". وفي الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان، سار موكبا جنائزيا حزينا وراء جثمان الشهيد علي مطر المعتمد السابق برئاسة ولاية شمال كردفان، وتقدم والي الولاية معتصم ميرغني زاكي الدين، موكب المشيعين الذي شارك فيه عدد من الوزراء والمعتمدين والقيادات السياسية من مختلف ألوان الطيف السياسي. وأعتبر نائب رئيس المؤتمر الوطني محمد حسن حسين، الحادث أحدى المؤامرات الدنيئة التي تقوم بها الحركة الشعبية للنيل من الروح المعنوية والاستقرار الذي تعيشه ولاية جنوب كردفان.وقال إن الحادث قُصد به تعطيل الموسم الزراعي، ورأي أنها محاولة يائسة من فلول الجيش الشعبي لإيقاف عجلة التنمية والإنتاج في البلاد. مؤكدا حرص مواطني الولاية للدفع بعجلة التنمية والاستقرار للأمام رغم كيد الحركة الشعبية والطابور الخامس. وأدانت جميع الكيانات والفعاليات السياسية بجنوب كردفان الحادثة الذي يأتي في سياق غدر الحركة الشعبية وانتهاجها لسياسية الاغتيال بالدم البارد، وعددت مآثر الشهيد بلندية مؤكدا أن أحد رجال السلام بالولاية واعتبرت فقدانه خسارة لمسيرة السلام والاستقرار والتنمية بجنوب كردفان. واحتسبت رئاسة الجمهورية الشهيد ومرافقيه الذين غدرت بهم فلول ما يسمى بالجيش الشعبي بجنوب كردفان. وأدان مكتب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة في بيان أمس الأول، عملية إغتيال بلنديه ورفاقه. وقال البيان "بينما كان الوفد الذي يترأسه رئيس المجلس التشريعي في زيارة تفقدية للموسم الزراعي بمنطقة الكتن شرق الكرقل بمحلية هبيلا اعترضنهم مجموعات مسلحة تتبع للحركة الشعبية وهم عزل في سيارات مدنية بدون حراسة حيث قامت المجموعات بعملية التصفية الجسدية لهم جميعاً". وأضاف البيان "إن الغدر والخيانة وتقض العهود والمواثيق وقتل الأبرياء والعزل وترويع الآمنين وتشريد المواطنين سلوكيات عدائية ظلت تمارسها ما يسمى بالحركة الشعبية أو الجيش الشبعى أو تحالفات تعمل بالوكالة لمصالح خارجية تهدف في الأساس لخلق عدم الاستقرار بالبلاد"، مؤكدا أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى هي الأقدر والأجدر دائما على ردع التمرد وكسر شوكته. واحتسبت حكومة ولاية جنوب كردفان، مجلس الولاية التشريعي، لجنة أمن الولاية ومواطني ولاية جنوب كردفان، الشهداء.كما أدانت الحركة الشعبية جناح السلام الحادثة. وشجبت القيادية بالحزب الدكتورة تابيتا بطرس استهداف قيادات ورموز الولاية وقالت ل"سونا"، "لابد ان يتم وضع حد لهذا السلوك الغريب عن أعراف الشعب السوداني في الممارسة السياسية". معتبرة أن استهداف بلندية ووفده هو استهداف للتنمية ونسف للاستقرار في المنطقة. واستنكرت قيادات من جنوب كردفان ومن أبناء النوبة بشدة حادثة اغتيال بلندية ومرافقيه، ورأت أنه باستشهاد إبراهيم بلندية فقد جنوب كردفان خاصة والسودان عامة أحد أعمدة السلام والتنمية والاستقرار. وشجب والي جنوب كردفان الأسبق، رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق بالبرلمان، اللواء محمد مركزو كوكو، الحادث ووصفه بالآثم والبشع وأنه لا يمت إلى الأخلاق ولا إلى الدين بشيئ، كما أنه لا مبرر له ويمثل قمة الصلف والغرور والجهل، وحذر في حديث مع "الرائد"، من تكرار مثل هذه الأفعال لأنها يمكن أن تشعل أوار حرب اثنيه وتهتك النسيج الاجتماعي لأبناء الولاية. وقال كوكو " أن تكون عقوبة الانتماء السياسي الإعدام والاغتيالات فهذا يعني أن كل أحد يأخذ القانون بيده وهو ما يقود إلي حرب إثنية". ودعا محمد مركزو الحركة الشعبية لتوضيح دوافعها وراء الجريمة لكن عاد وقال "أنهم يريدون جر الولاية إلى مزيد من الدمار والخراب وهتك النسيج الاجتماعي"، وأضاف "على الحركة الشعبية أن تراجع نفسها وأن تنزل أقصى العقوبات على الذين اغترفوا هذه الجريمة إذا كانت تدعي المناداة بحقوق المواطنين. وأشار مركزو إلى تصفيات سابقة وقعت على أيدي الحركة الشعبية لكنه قال "الآن بلغ السيل الزبى وينبغي أن يكون لأبناء الولاية رأي داعيا كافة مكونات جنوب كردفان للحفاظ على النسيج الاجتماعي والأمن والاستقرار وعزل مرتكبي مثل تلك الأفعال. واعتبر الدكتور صديق تاور الراحل بلندية أحد مفاتيح الحل الأساسية لكل قضايا جنوب كردفان لأن كفاءة مهمة ونادرة موضحا أنه سيكون خسارة وفقدا علىي صعيد الأزمة المحلية وأزمة السودان ككل. وقالت نائب رئيس المجلس التشريعي في ولاية الخرطوم ماجدة نسيم إن رحيل بلندية ورفاقه في الهجوم الغادر من فلول الجيش الشعبي، لن يزيد أبناء جنوب كردفان بكافة أطيافهم إلا تماسكا وتمسكا بتحقيق السلام والاستقرار. وأوضحت أن بلنديه قيادي له رؤيته السياسية الواضحة تجاه مطلوبات حل قضايا جنوب كردفان مما جعله هدفا لأعداء الوطن والسلام في الولاية. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 8/7/2012م