وكأنه يسابق الثاني من أغسطس تأبط وزير الخارجية علي كرتي أخر مرافقات حكومته في طريقة إلي نيويورك بعد إن انفق وفدا الشمال والجنوب في مفاوضات أديس أبابا ثلاثة أشهر هي مهلة مجلس الأمن المنصوص عليها في قراره 2046 دون أي اختراق لملفات التفاوض المتكلسة منذ ما قبل انفصال الجنوب في يوليو الماضي، فاثر كرتي إن يلتقي بسفراء الدول دائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض لكيما يشرح موقف حكومته شرحاً يبعد عنه صفة (متعنت) وفي نفس الوقت يعزز اتهامها لحكومة الجنوب بالمماطلة في المفاوضات وعرقلتها ملفاً تلو الملف يقضي لها وطرها من المهلة ومن ثم تحكيم الحل الدولي الذي سيصوغه نفر عزيز من أصدقائها النافذين جداً. وطبقاً لما نقلته الوسائط الإعلامية من نيويورك فان كرتي التقي مندوب فرنسا السفير جيرارد ارو وعدداً من كبار المسؤولين في الأممالمتحدة وأطلعهم علي الوثائق القانونية التي تبني عليها حكومة الخرطوم مواقفها. وعلي غير العادة ابدي سفير السودان لدي الأممالمتحدة دفع الله الحاج كثيراً من الفال حول مرونة أعضاء مجلس الأمن في جلستهم التي ستنعقد في الثاني من أغسطس المقبل والخاصة بالملف السوداني حيث سيستمع الأعضاء لتقرير من الوسيط الأفريقي ثامبو امبيكي، ووصف الحاج لقاء كرتي بجيرارد بأنه مثمر وإيجابي لجهة أن جيرارد سيترأس المجلس في دورة أغسطس ونبه إلي أن مسؤولي الأممالمتحدة أبدوا تفهمهم للشرعية التي ترتكز عليها مواقف الخرطوم بينما أكد كرتي حرص حكومته على التعاون مع مجلس الأمن. وعلى الرغم من التفاؤل الذي ينضح من إفادات دفع الله حول المرونة المرتقبة لأعضاء المجلس إلا أن الشاهد هو أن كل تحركات الدبلوماسية السودانية في المحافل الإقليمية والدولية والنجاحات النسبية التي تحققها وفودها دائماً ما (تجبها) تحركات موازية لدبلوماسية الجنوب وهو أمر يعززه صلات الجنوب الراسخة بالغرب مقابل التوترات التي تحكم علاقة الأخير بالخرطوم وتصل حد العزلة. ومنذ أن استأنف وفدا التفاوض مباحثاتهما عقب قمة البشير – سلفاكير على هامش القمة الأفريقية منتصف الشهر الحالي ومع تناقض المهلة الأممية كان وفد الخرطوم يبدي عدم اكتراثه بانقضاء الأجل ويعلن صراحة أن تمديد المهلة هو الحل الوحيد بطرف المجلس وهو عين ما قاله وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين إن الهدف من القرار 2046 إبعاد شبح الحرب وهو ما تحقق على الأرض ويعززه التقدم في المفاوضات. أضف إلي ذلك إقرار عضو وفد الخرطوم مطرف صديق أن الزمن المتبقي غير كاف لحل القضايا وأن بعضها لا يمكن حله حتى في ظرف 90 يوماً وبالتالي لا بد من التمديد الذي يراعي طبيعة الملفات الغارقة في التعقيد. بينما تشير كل الدلائل أن وفد الجنوب عازف عن التمديد ويرغب في التحكيم الدولي وهو ما يتجلي في مسودة الإنفاذ الذي عرضه على وفد الخرطوم مؤخراً حيث أقترح الاحتكام للقضاء الدولي في ما يتصل بالمناطق المتنازع عليها مع إجراء الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لاستفتاء أبيي نهاية العام الحالي بينما تتمسك الخرطوم بالتفاوض كخيار وحيد للحل. وينص القرار الأمم أنه في حال فشل الطرفان في التوافق على حلول للقضايا الخلافية فإن على أمبيكي تقديم مقترحات للحل يعتمدها مجلس الأمن ويلزم بها الطرفين وهو أمر يحذر منه كثير من المراقبين باعتبار أنه يمثل فرضاً لحلول ربما تكون نتيجة رفضها من قبل أي من الطرفين. نقلاً عن صحيفة الأهرم اليوم 29/7/2012م