مغامرات عديدة غير محسوبة تقودها حركة العدل والمساواة الدارفورية هذه الأيام فى شرق وشمال دارفور، فبعد أن تلقت ضربات موجعة فى شرق دارفور ومناطق التبّون قبل أيام وتكبدت قتلي وأسري فاتوا ال(200)، هاجمت منطقة (فتاحة) فى شمال دارفور ونهبت أموال المواطنين. هجمات العدل والمساوة التى تصاعدت مؤخراً تبدو إنتحارية بكل المقاييس، فهي خلقت لنفسها خصمين فى آنٍ واحد؛ المواطنين البُسطاء الذين يتعرّضون لعمليات النهب والسلب التى تقوم بها، والجيش السوداني الذى بات على إلمام تام بطبيعة تكتيكاتها والطريقة التى تتبعها فى هجماتها. ومن الطبيعي إزاء ذلك أن تمضي الحركة الى حتفها دون أن تعي بذلك، فهي تقود هجمات فى وقت لم يعد مناسباً على الإطلاق بعدما إستتبَّ الأمن والاستقرار فى اقليم دارفور، خاصة فى أعقاب توقيع اتفاقية الدوحة وإنعقاد العديد من المؤتمرات الخاصة بدارفور، بل وتبلور رؤية دولية واقليمية في الأممالمتحدة ومجلس السلم الافريقي بضرورة إتخاذ إجراءات عقابية ضد الحركات الرافضة للعملية السلمية. من جانب آخر فإن الحركة فقدت الكثير من بريقها الإعلامي والدعائي حال غياب زعيمها خليل فى منطقة ود بندة، وهو ما أحالها منذ ذلك التاريخ من حركة تتلقي دعماً خارجياً وتقاتل به إلي حركة شرِهة للأموال ولم تجد سوي أموال البسطاء من أهل دارفور لتمويل عملياتها. ويعتقد بعض القياديين بالحركة الذين دخلوا فى خلاف مع زعيمها جبريل إبراهيم إنَّ الإتكاء على سلب أموال المواطنين كشفَ ظهر الحركة وأظهرها أمام الجميع بكونها مفلسة وغير قادرة على تمويل نفسها، وفى الوقت ذاته برزت كعنصر إضافي لزيادة معاناة أهل دارفور وهذا الوضع – بحسب هؤلاء القادة – يجرّ الحركة الى مصير مظلم، فالقيادة ليست متماسكة وبعيدة جداً عن الميدان، والأهالي كارهين لمسلك الحركة وباتوا على عداء صريح معها وفى الوقت نفسه لا تملك الحركة القوة المكافئة التى تمكنها من مواجهة الجيش السوداني والصمود فى مواجهته. والأدهي وأمرّ – بحسب القيادي (ن.ع) فى منطقة شرق دارفور، فإن كافة تحركات الحركة باتت مرصودة ومكشوفة تماماً للجيش السوداني إذ أنها فى السابق – وعلى حياة قائدها خليل – كانت تستفيد من بعض التكتيكات الميدانية فى إخفاء نفسها والهرب واستغلال الشائعات والأساليب الدعائية لتغطية نفسها وتحركاتها. أما الآن فإن غياب القيادة فى ظل تفاقم الخلافات الداخلية بين القيادة والقادة الميدانيين جعل ما تبقي من القوات هدفاً سهلاً للجيش السوداني؛ ويقدِّر هذا القياديّ مدة 3 أشهر فقط كأقصي مدة للحركة لكي تعيشها، بعدها لن تقوم لها قائمة مطلقاً؛ ويفسر ذلك أنَّ الدعم المالي نافدٌ لا محالة والمواطنين باتوا قادرين على حماية أموالهم وتشكّلت فِرَق شعبية ومجموعات أهلية لهذا الغرض والجيش السوداني يجري عمليات بحث وتمشيط مستمرة للمعاقل التى من المحتمل أن يرتكز فيها قادتها الميدانيين، وفوق كل ذلك فإن قادة ما يسمي بالجبهة الثورية لا سيما عرمان وعقار يشجعونها على عملياتها لأنهم يدركون أنها ماضية الى نهاية تتيح لهم جواً خالياً فيما بعد لا تزاحمهم – بحسب اعتقادهم – فى غنائم المستقبل. ولعل أبلغ دليل على هذه الخطة أن الدعم الذى تتحصل عليه قيادة ما يسمي بالجبهة الثورية يتم حجبه تماماً عن هذه الحركة بالذات لأنها ليست ضمن الحركات التى يُراهن عليها فى المستقبل لصلاتها المعروفة بالشعبي ود. الترابي على وجه الخصوص. وعلى كلٍ فإن حركة العدل تبدو بهذه المعطيات ماضية لا محالة الى فناء محتوم، ولهذا رأينا كيف باتت تتخبط فى عملياتها، وتتناقض فى مواقفها وقد جفَّ منبع الدعم ورُفعت أقلام الحلفاء!