ألقت السلطات السودانية القبض على عدد من المشتبه فى تسبُّبهم فى الأحداث الدامية التى شهدتها مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور مؤخراً والتى راح فيها حوالي 8 أشخاص. وقال نائب الرئيس السوداني الدكتور الحاج آدم إن حكومته لن تتواني فى محاسبة أىّ جهة يثبت تورطها فى الأحداث، وأبان آدم فى تصريحات صُحفية – الأربعاء الماضي – أن السلطات الأمنية تمكنت من وضع يدها على أدلة كافية تثبت ضلوع عناصر مدسوسة من الحركات الدارفورية المسلحة فى تحريك التظاهرات والإنحراف بها الى ما آلت إليه الأمور. على صعيد ذي صلة قالت أبناء من ولاية شمال دارفور إن مسلحين مجهولين أطلقوا النيران على معتمد محلية الواحة بولاية شمال دارفور وأردوه قتيلاً صباح الأربعاء الماضي بسوق مدينة كُتم ؛ وقال المكتب الصحفي للشرطة السودانية إن المعتمد وسائقه الخاص تعرّضوا لإطلاق نار من قِبل مسلّحين مجهولين إستطاعوا أن يستولوا على العربة اللاندكروزر التى كان يستغلها ويفرّوا بها الى جهة غير معلومة قبل أن تتمكن السلطات الولائية هناك من إسترداد العربة. هذين الحديث، فى جنوب دارفور وفى شمالها ليس هناك من شك أنهما كانا موضع لتخطيط مسبق من قبل جهات بعينها لا تبتعد كثيراً عن ما يسمي بالجبهة الثورية، فالطابع العام للحادثتين أنها قصدت إشاعة الفوضي وإسالة الدماء، وإعطاء دويّ إعلامي؛ والأهمّ من كل ذلك إعادة إشعال الأوضاع فى دارفور بعدما إستقرت منذ أكثر من 3 أعوام. الحركات الدارفورية المسلحة المنضوية تحت لواء ما يسمي بالجبهة الثورية ساءها للغاية أن تتراجع وأن يتخطاها الزمن والتاريخ، فى ظل عزم الاتحاد الافريقي عبر مجلس سلمه علي معاقبتها جراء عدم إنخراطها فى العملية السلمية وفى ظل إصدار دول البحيرات العظمي لقرار يعتبر هذه الحركات المسلحة حركات سالبة أمنياً ومن ثم جري الإعداد لخطط بغرض تصفيتها. من جانب ثاني فإن هنالك شعور متنامي لدي هذه الحركات المسلحة أنها بدأت تفقد تعاطف المحيط الاقليمي والدولي وبدأت منابع الدعم أيضاً تجف وتتراجع وهذا ما يقلقها غاية القلق نظراً الي أن من شأن ذلك كشف ظهرها وجعلها لقمة سائغة فى يد الحكومة السودانية. هذه المخاوف جعلتها تحاول إعادة انتاج الأزمة، ولكن هذه المرة عبر وسيلة جديدة مبتكرة، وهى وسيلة تكشف عن الصعوبات التى باتت تواجه هذه الحركات فى مواجهة الجيش السوداني مواجهة مباشرة. ولهذا فبدلاً من أن تضطر لهذه المواجهة الخاسرة بالنسبة لها، فقد لجأت الى إشعال الشوارع عبر عمل تخريبي ظاهره الإحتجاجات والتظاهرات وباطنه الإغتيالات وسفك الدماء، وكان خير دليل على أن التظاهرات التى شهدتها نيالا مدبرة بواسطة عناصر مخربة من الحركات المسلحة، أن الاتجاه الذى كانت تمضي فيه كان بإتجاه إستهداف النشآت الحيوية الاستراتيجية (البنوك، محطات الكهرباء، محطات الوقود) وكان واضحاً أنَّ الهدف هو تخريب المنشآت وإلحاق أفدح الخسائر بالاقتصاد السوداني كنوع من الحرب المستحدثة. إذن التصعيد الجاري هذه الأيام فى دارفور قائم على فرضية واضحة؛ لقد إستقرّت دارفور وتراجعت وتيرة العنف للدرجة التى لم يعد من أحد يذكر أو يتذكّر حادثة وقعت هناك، وهو وضع من شأنه أن يسحب البساط تماماً من حركات دارفور المسلحة ويحيلها الى مجرد قاطعي طريق، وما من وسيلة لإعادة تأزيم الموقف حتى تتجنّب هذه الحركات هذا المصير سوي بدفع الإقليم لمثل هذه الحوادث بحيث تبدو متفرقة لا رابط بينها، إحداها فى جنوب دارفور والأخري فى شمالها!