تمكّن وفدا دولتي السودان وجنوب السودان، من إحداث اختراق مهم في ملف المفاوضات بينهما، بالاتفاق على قضية النفط التي ظلّت ردحاً ما عقبة كؤوداً. وهذا الاختراق من شأنه إحداث تغيير كبير في الخارطة الاقتصادية المأزومة بين البلدين، سواء للخرطوم التي دفعت بها الأزمة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية أخرجت عليها التظاهرات من عديد المدن والمناطق، أو جوبا التي تتلمس طريقها في دروب التنمية وبناء المؤسسات وتعبيد الطريق إلى بناء اقتصاد قوي ما زال يواجه عقبات وتحديات كبيرة. ولعل الاتفاق بين البلدين على النفط سيكون له الأثر الإيجابي على تجاوز ملفات خلافات أخرى، يتصدرها الملف الأمني وملف الحدود والمناطق المتنازع عليها مثل أبيي. وقد أثبت التوصل إلى هذا الاتفاق أن البلدين قادران على طي صفحة الخلاف، إن تحليا بالإرادة التي لا تنقصهما قطعاً، فقط عليهما إدراك ألاّ سبيل ولا طريق أمامهما سوى التعاون وفي كل الملفات، إن أرادا التكامل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً أيضاً، إذ إن الروابط بينهما كثيرة والصلات عميقة لوطن واحد في كل مكوناته. ويبقى الأهم في هذه المرحلة، هو التفاوض على الملف الأمني ونزع فتيل التوتر والاقتتال في ولايتي جنوب النيل الأزرق وكردفان، اللتين عانى أهلهما من انعدام الأمن والاحتياجات الإنسانية كذلك. فضلاً عن البعد عن الاتهامات المتبادلة التي أفقدت الطرفين الكثير من الثقة التي لا بد منها للوصول إلى حلول عقلانية متفق عليها، والتي مثّل الاتفاق على النفط أولى لبناتها، وما زال ينتظرهما الكثير لتجاوز عقبات أخرى والانطلاق نحو البناء والتعمير، لتحقيق الأمن والاستقرار والرفاه لشعبي بلدين عانيا الحرب وتبعاتها عقوداً طويلة. يملك السودانان من الموارد المتنوعة ما يؤهلهما قطعاً لارتياد آفاق جديدة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، واحتلال مكانة مرموقة بين دول العالم، ويبقى أن التعاون والتكامل بينهما شرطان أساسيان للوصول إلى الهدف المنشود. المصدر: البيان 6/8/2012م