اختراق كبير في ملفات التفاوض أحدثه وفدا دولتي السودان وجنوب السودان، ما قد يبشّر بتوقيع وشيك على اتفاق شامل يجمع كل قضايا الخلاف المستعصية نوعاً ما، وعلى رأسها الحدود والمناطق المتنازع عليها والنفط والملف الأمني الشائك، والذي طالما مثّل صداعاً دائماً ليس للبلدين فحسب بل للمنطقة والعالم في الوقت نفسه. ولعل المرونة التي أبداها الوفدان المتفاوضان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لعبت دوراً كبيراً في تجاوز المطبات، ما سيعين البلدين قطعاً على طي صفحات الخلاف والالتفات إلى التعاون بل التكامل المشترك، إذ بإمكانهما التوافق وبدء مسيرة تنمية شاملة أحوج ما يكون شعبا البلدين إليها. صبر السودانيون في الشطرين الشمالي والجنوبي على حرب طويلة الأمد أخذت من التاريخ عقوداً، أثرت بطبيعة الحال في التنمية بمختلف ضروبها واستنزفت موارد ضخمة في ظاهر الأرض وباطنها، كان من شأنها الإسهام الفاعل في رفاه وتنمية الإنسان. ولعله قد حانت اللحظة الآن أو أوشكت لبدء نهضة شاملة على أنقاض الاقتتال الطويل السياسي منه والعسكري، ما قد يحتّم على الدولتين تناسي خلافات الماضي ومرارته، والالتفات إلى كل ما من شأنه تنمية اقتصاديهما المتأثرين قطعاً بالخلافات السياسية والتوتر العسكري. السودان «سلة غذاء العالم»، كما قيل، بمساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ونيل يجري على طول البلاد، فضلاً عن اكتناز باطن الأرض بموارد النفط والذهب وغيرهما، ما قد يجعل من الاستقرارين السياسي والأمني في شطريه تدشيناً لميلاد مارد يستطيع أنّ يأخذ مكانه المؤثّر في المنطقة والعالم. ولعل الجهد الذي بذله الاتحاد الإفريقي ممثلاً في وسيطه ثابو مبيكي كان كبيراً ومقدّراً في مساعدة الطرفين على تجاوز العقبات، فضلاً عن الجهد الدولي ممثلاً في منظمة الأممالمتحدة، لما هو معلوم من أنّ استقرار السودان استقرار للمنطقة المزدحمة بالملفات الساخنة. المصدر: البيان 19/9/2012م