رحب الرئيس الأمريكي باراك اوباما السبت بالاتفاق النفطي المبرم بين السودان وجنوب السودان وقال أن رئيسي السودان وجنوب السودان يستحقان التهنئة بتوصلهما الي تسوية للملف مؤكداً أن الولاياتالمتحدة ستواصل جهودها لتعزيز سلام دائم بين البلدين ويجئ البيان الرئاسي الأمريكي ليعزز التقارير القائلة بأن الولاياتالمتحدة تسعي لإصلاح وتحسين علاقاتها بالسودان شريطة قيام الخرطوم بتبني الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في البلاد تلك العلاقات التي شهدت توترات معلنة علي أكثر من صعيد وفي أكثر من جبهة خلال السنوات الماضية. ونسبت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية الي احد كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما قبل يوم من اتفاق أديس أبابا حول الخلاف النفطي ان واشنطن تسعي لراب صدع العلاقات مع الخرطوم وذلك إذا قامت الأخيرة باحترام حقوق الإنسان في السودان. واعتبر الباحث في مجال السياسات د. حاج حمد محمد ان الترحيب خطوة روتينية دبلوماسية تقوم بها الدول الراعية والمراقبة للمحادثات في كل خطوة متأخرة كانت أو متقدمة في عملية التفاوض. خفض العصا الرئيس اوباما قال في بيان تداولته وسائل الإعلام علي نطاق واسع " أنني أرحب بإعلان الاتحاد الأفريقي التوصل لاتفاق بين السودان وجنوب السودان حول عائدات النفط" مشيراً ان هذا الاتفاق يفتح الباب أمام مزيد من الازدهار للشعبين في كلا البلدين وأضاف ان قادة السودان وجنوب السودان يستحقان التهنئة للتوصل الي هذا الاتفاق مشيداً بالجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتشجيع ودعم الطرفين في التوصل الي حل للمسائل العالقة بينهما، كما عبر اوباما عن امتنانه خصوصاً للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوي برئاسة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو امبيكي لقيادته ومهارته في تحقيق هذا الاتفاق وتعهد بان تواصل الولاياتالمتحدة دعم الجهود المبذولة لدفع عجلة السلام الدائم لشعبي السودان وجنوب السودان داعياً الطرفين الي حسم مسألتي الحدود والقضايا الأمنية. أمس الأول تسابق الصحفيين في نيروبي في تنوير عن جولة كلينتون في محاصرة كبار مسؤولي الخارجية الأمريكية لمعرفة (الوصفة السرية) التي استخدمتها وزيرة الخارجية لإقناع الرئيس سلفاكير بتعجيل الوصول للاتفاق حتى أن احد الصحفيين سال مسؤول الخارجية عما إذا كانت كلينتون قد استخدمت (العصا) بأي طريقة لتعجيل الاتفاق وهو ما أنكره المسؤول نافياً ان تكون كلينتون قد لجات الي تهديد الرئيس سلفاكير باي وسيلة لكنه لم ينف أنها ذكرت جوبا ب( المزايا الهائلة للمضي قدماً ومنع المزيد من التدهور الاقتصادي بعد فقدان 98% من عائدات الدولة بوقف تصدير النفط عبر أنابيب الشمال. الجود يفقر واشنطن لم تتردد في ان تصرح لحلفائها في جوبا ان دعم المجتمع الدولي لسد العجز في ميزانية جنوب السودان لن يستمر في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها المانحون بذات العبارات التي أرسلها مجلس العموم البريطاني منذ أشهر بان دافعي الضرائب لن يقبلوا استمرار الهبات للجنوب في الوقت الذي يمكن للرئيس سلفاكير بان يخضع لصوت الحكمة والعقل القائل بأن هذا العجز ما كان ليكون لو لم توقف جوبا وقف صادرات النفط وان لا سبيل أمامها غير التوصل لاتفاق حول رسم عبور النفط شمالاً بحسب ما أوردته التقارير الحكومية في كل من واشنطن ولندن. ويري د. حاج حمد ان الولاياتالمتحدة هي صاحبة المصلحة في الدفع بهذا الاتفاق لجهة تغليب مصلحتها وقال في حديث ل(الأهرام اليوم ) ان واشنطن تقف خلف الاتفاق وتحاول "لي ذراع الخرطوم" للتسريع بتنفيذه حتى ينساب نفط الجنوب شمالاً وتتدفق عائداته الدولارية علي خزائن جوبا وأضاف ان من شان ذلك ان يوقف أو يخفض من المعنويات الأمريكية التي تدفعها واشنطن لتسهيل حقبة جديدة من " رد الجميل" بأن تبدأ جوبا في الدفع مقابل المزيد من التدريبات والتجهيزات التقنية لجيشها الشعبي. لكن حاج حمد يري ان الاتفاق "ناقص بدون الاتفاق الأمني" الذي يكفل حماية الحدود ومراقبة منشات البترول. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أصدرت بياناً منفصلاً قالت فيه ان الاتفاق الذي تم التوصل إليه" يعكس روح القيادة الجديدة للتسوية علي الجانبين" مثنية علي شجاعة قيادة جمهورية جنوب السودان في اتخاذ القرار ،وأشارت كلينتون الي ان قادة جنوب السودان قد ارتفعوا الي مستوي المناسبة وقدموا اقتراحاً جريئاً شامل في الجولة الأخيرة من المحادثات مؤكدة ان التوصل الي هذا الاتفاق جاء بمساعدة قوية من وفد الاتحاد الأفريقي رفيع المستوي . وأوضحت انه بالنسبة للسودان فان هذا الاتفاق يوفر وسيلة للخروج من الضغط الاقتصادي الشديد الذي تعان يمنه مشيدة بحكومة السودان لاتخاذها هذه الخطوة. وفي هذا السياق اعتبر د. حاج حمد ان زيارة كلينتون لجنوب السودان ودول افريقية أخري في هذا التوقيت " تكنيك مخطط له" ليعطي الانطباع بالمتابعة والحضور وقال ان الزيارة يمكن عدها "جولة انتخابية " لصالح الحزب الديمقراطي وليس لصالحها بما أنها أعلنت عن عدم رغبتها في حقيبة بالإدارة الجديدة في حال فوز اوباما بفترة رئاسية جديدة بحسب وكالة رويترز. وقال حاج حمد ان إدارة اوباما لم تختلف عن سلفها في توجيه "الصفعات" للسودان مقابل كل خطوة ايجابية يقدمها مشيراً الي استمرار العقوبات الاقتصادية واستمرار تواجد السودان علي اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وأضاف ان من حق السودان "ممارسة حقه في الرد علي سياسات العنجهة الأمريكية" مذكراً بأن العلاقات بين الدول تقوم علي مبدأ (المصالح) ولا تهتم بفلسفة "المبادئ والعلاقات الثنائية التاريخية". وما ان حلت كلينتون في عواصم افريقية حتي طفحت مقاربات (الصراع الأمريكي – الصيني) علي سطح المشهد وعزز ذلك تلميحات كلينتون لمضيفيها بأن بكين غير مهتمة بأفريقيا سوي لمواردها الطبيعية، وكانت كلينتون قد ادلت بتصريحات في السنغال الأسبوع الماضي دون ان تذكر الصين بالاسم قالت خلالها ان واشنطن تريد " شراكة تضيف قيمة بدلاً من انتقاصها" مضيفة ان زمن حصول الغرباء علي ثروة أفريقيا لأنفسهم قد ولي، وردت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) علي تصريحات كلينتون قائلة ان جولتها الأفريقية "مخطط لبث الخلاف بين الصين وأفريقيا وكتبت في تعليق بالانجليزية سواء كانت كلينتون جاهلة بالحقائق علي ارض الواقع أو أنها أثرت تجاهلها فإن تلميحها بأن الصين تحصل علي ثروة أفريقيا لنفسها عار عن الصحة تماماً". وأضافت " ومن المفارقات ان القوي الغربية الاستعمارية هي ما يسمي بالغرباء الذين جاءوا علي حد تعبير كلينتون واخذوا ثروة أفريقيا لأنفسهم دون ان يتركوا شيئاً أو تاركين النزر اليسير وراءهم" بحسب ما نقلته رويترز عن الوكالة. وفي ذات السياق يشير د. حاج حمد ل( الأهرام اليوم) ان الصين دائماً تسجل نقاطاً متقدمة علي الولاياتالمتحدة في أفريقيا علي مستوي العلاقات المختلفة وأضاف " حتي علي مستوي المنح والقروض فان الصين تقدم فعلياً أكثر مما تقدمه الولاياتالمتحدة" متهماً الأخيرة بأنها تكتفي بالتوسع العسكري وسط زوبعة من الترويج للدفاع عن الخيرات وحقوق الإنسان –خلافاً للتوسع الاقتصادي الصيني. "علاقات" ليمان قال المبعوث الأمريكي الخاص الي السودان وجنوب السودان برينستوت ليمان في حديث له في المجلس الأطلسي وهو مركز أبحاث يعني بالسياسة الخارجية ومقره في واشنطن ان الولاياتالمتحدة ترغب في ان يكون لها علاقات (طبيعية ) بل وتكون منتجة مع السودان. وأعرب ليمان عن ما وصفها بمشاعر الحزن إزاء توتر علاقات بلاده مع السودان مضيفاً ان كي تعود المياه الي مجاريها فلابد للخرطوم من ان تتخذ أولاً من الديمقراطية منهجاً وان تتعهد بضمان حقوق الإنسان في البلاد، وأضاف انه يتوجب علي السودان ان ترحب بالعروض الدولية الساعية لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والذين حاصرتهم نيران المعارك الدائرة بين القوات السودانية المسلحة والمتمردين الجنوبيين. كما دعا ليمان السودان الي ضرورة إيجاد حلول مجدية للقضايا العالقة مع جنوب السودان يكون من شانها استئناف التجارة بين البلدين الجارين مشيراً الي ان الولاياتالمتحدة تسعي لوقف الاقتتال في جنوبي السودان والي تشجيع دولة جنوب السودان علي تطبيع علاقاتها مع الحكومة في الخرطوم، وقال ليمان ان بلاده تدعم أيضاً دور قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة مضيفاً ان تحسين العلاقات الأمريكية مع الخرطوم يعني التبادل بين الكليات والمدارس العسكرية بين البلدين، وأوضح انه بتحسن العلاقات الأمريكية السودانية فانه سيكون هناك دوراً للجيش السوداني ضمن عمليات قوات حفظ السلام الدولية بل وتنشا علاقات اقتصادية بين البلدين وتصبح الخرطوم داعمة في الحرب ضد "الإرهاب". حذو النعل تواترت الإشادات من المجتمع الدولي أسوة بيان الرئيس اوباما مما يعزز القول بأنه " روتين دبلوماسي" بحسب. حاج حمد فقد أشاد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ بروح التنازلات التي أبدتها الحكومتان وقال بأن من شأن هذا الانفراج الكبير ان يؤدي لتعزيز الاقتصاد في كلا البلدين، ودعا الحكومتان لتسوية كافة الاختلافات المتبقية بينهما، وقال هيغ في بيان صدر أمس:،، أرحب بالاتفاق بين السودان وجنوب السودان بشأن الترتيبات المالية المتعلقة بتصدير النفط من جنوب السودان، من شأن هذا الانفراج الكبير ان يؤدي لتعزيز الاقتصاد في كلا البلدين وأنني أشيد بروح التنازلات التي أبدتها كلتا الحكومتان، وأضاف " من المخيب للأمل ان السودان وجنوب السودان لم تتمكنا من التوصل لاتفاق شامل قبل الموعد النهائي في 2 أغسطس الذي حدده مجلس الأمن الدولي" مؤكداً مواصلة المملكة المتحدة دعمها لعملية الوساطة التي يقودها ثابو امبيكي وفريقه. ودعا هيغ الخرطوموجوبا لمضاعفة جهودهما لتسوية "كافة الاختلافات المتبقية بينهما خلال اجتماع القمة الرئاسي القادم ". ولم يقف الترحيب علي وزير الخارجية البريطاني حيث أصدرت الممثل الاعلي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائب رئيس المفوضية الأوربية كاثرين اشتون رحبت فيه بالاتفاق وأثنيت علي الحكومتين علي طريقة اوباما. نقلا عن صحيفة الأهرام 6/8/2012