توفي ليل الاثنين الثلاثاء رئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي الذي حكم البلاد لعقدين بقبضة من حديد وكان احد اهم القادة الافارقة، في مستشفى في الخارج كما اعلنت الحكومة الثلاثاء، واشاد قادة عدد من الدول الافريقية والعالم الثلاثاء بالدور 'الاستراتيجي' الذي لعبه في القارة بعد حكم دام عشرين عاما. وسيتولى نائب رئيس الوزراء رئاسة الحكومة بالوكالة في هذا البلد المتحالف مع الولاياتالمتحدة في مكافحة التطرف الاسلامي في منطقة القرن الافريقي المضطربة. وقال المتحدث باسم الحكومة الاثيوبية بركات سايمن ان 'رئيس الوزراء ميليس زيناوي توفي قرابة منتصف ليل الاثنين' الثلاثاء، موضحا انه كان 'في الخارج' بدون ان يضيف اي تفاصيل. الا ان اوليفييه باي الناطق باسم المفوضية الاوروبية اعلن ان ميليس 'توفي في بروكسل'. وكانت مصادر دبلوماسية في بروكسل ذكرت الشهر الماضي لوكالة فرانس برس ان ميليس ادخل الى المستشفى في العاصمة البلجيكية وكان في حالة حرجة. من جهتها، اكدت وكالة الانباء البلجيكية ان ميليس زيناوي توفي ليل الاثنين الثلاثاء في قسم العناية المركزة في المستشفى الجامعي سان لوك في بروكسل. لكن المستشفى رفض تأكيد هذه المعلومات. ولم يظهر رئيس الوزراء (57 عاما) علنا منذ حزيران (يونيو) وقد سرت عدة شائعات عن وضعه الصحي. واضاف بركات ان ميليس 'كان يتعافى جيدا لكن فجأة حصل شيء ما ونقل على اثره الى وحدة العناية الفائقة حيث لم يتمكنوا من انعاشه'. ولم يعط المتحدث تفاصيل حول المرض الذي كان يعاني منه زيناوي. وفي مؤتمر صحافي عقده لاحق، قال المتحدث الحكومي ان ميليس كان يعاني من مشاكل صحية 'منذ عام'. واضاف 'لكن افضل ما حدث له هو انه لم يعتبر يوما انه مريض وكان مستعدا للعمل كل الوقت وكل الايام وكل الليالي'. واضاف ان نائب رئيس الحكومة الاثيوبي هايليمريام ديسيلين سيتولى رئاسة الوزراء بالوكالة. وتابع انه 'بموجب الدستور الاثيوبي سيتوجه نائب رئيس الوزراء الى البرلمان ليؤدي القسم'، مؤكدا ان الحكومة تعمل على دعوة البرلمان الى الانعقاد 'في اسرع وقت ممكن'. وشدد على ان 'كل الامور مستقرة'. وحاولت الحكومة الاثيوبية في الاسابيع الاخيرة شاعة الاطمئنان بشأن الوضع الصحي لرئيس الوزراء. ومنذ الحديث عن ادخال ميليس المستشفى، سادت شكوك في الحالة الصحية للرجل الذي يقود ثاني اكبر دولة في افريقيا جنوب الصحراء من حيث عدد السكان. ولم يعلن موعد تشييع ميليس بعد. وقال بركات ان 'اجراءات التشييع ستجري وفق خطة اعدتها لجنة تعمل على هذه القضية'، موضحا ان اثيوبيا ستكون في حالة 'حداد وطني' حتى تنظيم الجنازة 'تكريما لرئيس الوزراء'. وميليس حكم اثيوبيا بقبضة من حديد منذ 1991. وقد وصل الى الحكم على راس مجموعة مسلحة تمكنت من اسقاط نظام الديكتاتور منغيستو هايلي مريام. وقد انضم الرجل الى النادي المغلق للقادة الافارقة الذين يحكمون منذ اكثر من عقدين على اثر فوزه الساحق في انتخابات 2010 حين نال 99 بالمئة من الاصوات. وكان بشخصه يجسد كل السلطة في ببلده الذي حوله الى حليف رئيسي للولايات المتحدة في حملة مكافحة التطرف في القرن الافريقي. وفي تموز (يوليو) حين تم الحديث عن دخول ميليس المستشفى في بروكسل، قال مصدر دبلوماسي ان رحيله قد يؤدي الى عواقب خطيرة في هذه المنطقة غير المستقرة. وقال المصدر ان ميليس 'فرض سلطته على الدول المجاورة وكان يشكل قطب استقرار بين السودان واريتريا والصومال'. ونعى رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما ميليس، مؤكدا انه كان 'قائدا قويا ليس في بلده فحسب بل في كل القارة الافريقية، يعمل كوسيط في عدد كبير من المناقشات وخصوصا في القرن الافريقي'. واكد ان جنوب افريقيا 'واثقة من ان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية هايليمريام ديسيلين الذي سيكون رئيس الحكومة بالوكالة بموجب الدستور الاثيوبي، سيواصل العمل للابقاء على الاستقرار والسلام في المنطقة ليحمي بذلك ارث ميليس'. من جهته، اكد رئيس المفوضية الاوروبية جوزي مانويل باروزو ان زيناي كان 'زعيما افريقيا محترما برهن على التزام شخصي كبير لسنوات عديدة لتحسين حياة الاثيوبيين وكل شعوب افريقيا'. وشهدت ولايات ميليس خصوصا حربا حدودية دامية مع اريتريا المجاورة بين 1998 و2000 وتدخلين عسكريين في الصومال، الاول في نهاية 2006 وحتى مطلع 2009 والثاني منذ نهاية 2011 ضد المتمردين الاسلاميين من حركة الشباب. ويترك موت ميليس فراغا كبيرا في منطقة شرق افريقيا والقارة السوداء حيث تعتبر اثيوبيا قوة اقليمية كبرى ولا سيما في القرن الافريقي الذي يشهد اضطرابات ولاستضافتها مقر الاتحاد الافريقي في العاصمة اديس ابابا. وقال الرئيس الكيني مواي كيباكي في بيان ان وفاة ميليس 'خسارة كبيرة'، معتبرا انه قائد 'براغماتي وصاحب رؤية امنت الاستقرار لبلده ووضعته على طريق النمو الاقتصادي'. واضاف ان 'المنطقة (شرق افريقيا) وافريقيا فقدت قيادة ومؤهلات المفاوض ميليس'. من جهته، قال رئيس الوزراء رايلا اودينغا لل'بي بي سي' انه يشعر بالقلق على استقرار اثيوبيا التي يهددها العنف الاتني بعد موت رجلها القوي. وفي جنوب السودان، اشاد وزير الاعلام برنابا ماريال بنجامين ردا على سؤال لوكالة فرانس برس بالدور الاستراتيجي الذي لعبه ميليس في العلاقات بين جوباوالخرطوم بعد انفصال الجنوب على اثر عقدين من الحرب، معتبرا انه 'قائد عظيم'. وقال 'كان رائعا ليس فقط في ما يتعلق بعلاقاتنا الاستراتيجية بين جنوب السودان واثيوبيا لكن بصفته رئيسا للاتحاد الافريقي كلف السعي الى سلام بين السودان وجنوب السودان المستقل حديثا'. وفي الخرطوم، قالت وزارة الخارجية السودانية ان 'القارة الافريقية فقدت قائدا حكيما لعب دورا مهما في دعم الجهود من اجل السلام والاستقرار في القارة خصوصا عبر استضافة المفاوضات مع جنوب السودان لاكثر من عام'. اما اوغندا فرأت ان وفاة ميليس 'خسارة كبيرة لكل افريقيا (...) لانه ساهم في التوصل الى حلول للمشاكل فيها'. واشار وزير التعاون الاقليمي الاوغندي عثمان كيينجي الى ان ميليس ارسل في تشرين الثاني (نوفمبر) قوات بلاده الى الصومال لدعم قوة الاتحاد الافريقي التي تقاتل المتمردين الاسلاميين الشباب وتساهم كمبالا فيها. وعبر عن الامل في ان تواصل الحكومة الاثيوبية الجديدة شراكتها مع هذه القوة. ولكن حركة الشباب الصومالية المتمردة اعربت الثلاثاء عن ابتهاجها لوفاة ميليس زيناوي الذي ارسل الجيش الاثيوبي مرتين الى الصومال حيث سيطر على معقلها في بيداوة. وقال علي محمد راجي المتحدث باسم حركة الشباب عبر اذاعة الاندلس التابعة لهم ان 'وفاة ميليس هي نبأ مفرح لكل الصوماليين، نامل من الله ان يجازيه على ما فعله بشعبنا'. ونعى رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما ميليس، مؤكدا انه كان 'قائدا قويا ليس في بلده فحسب بل في كل القارة الافريقية، يعمل كوسيط في عدد كبير من المناقشات وخصوصا في القرن الافريقي'. واكد ان جنوب افريقيا 'واثقة من ان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية هايليمريام ديسيلين الذي سيكون رئيس الحكومة بالوكالة بموجب الدستور الاثيوبي، سيواصل العمل للابقاء على الاستقرار والسلام في المنطقة ليحمي بذلك ارث ميليس'. من جهته، اكد رئيس المفوضية الاوروبية جوزي مانويل باروزو ان زيناي كان 'زعيما افريقيا محترما برهن على التزام شخصي كبير لسنوات عديدة لتحسين حياة الاثيوبيين وكل شعوب افريقيا'. وشدد باروزو خصوصا على دوره من اجل احلال 'الاسلام والاستقرار' في القرن الافريقي. وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كلاميرون ان رئيس الحكومة الراحل كان 'ناطقا ومصدر الهام لافريقيا حول القضايا الدولية وبرهن على قدراته كقائد وصاحب رؤية في الصومال والسودان' البلدين المجاورين لاثيوبيا ويواجهان اضطرابات. واضاف ان 'مساهمته الشخصية في تنمية اثيوبيا وخصوصا اخراج ملايين الاثيوبيين من الفقر نموذجية في المنطقة (...) سنفتقده كثيرا'. الا ان منظمات للدفاع عن حقوق الانسان ووسائل اعلام اشارت الى الارث القمعي لميليس. وقالت كلير بستون من منظمة العفو الدولية لوكالة فرانس برس ان 'السنوات ال21 التي امضاها ميليس في السلطة اتسمت بقمع متزايد وانتهاكات معممة لحقوق الانسان'. واضافت ان 'حكومته خنقت اصوات المعارضة وفككت وسائل الاعلام المستقلة وعرقلت عمل منظمات الدفاع عن حقوق الانسان وكمت اصوات المعارضة السياسية'. اما 'هيومن رايتس ووتش' التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، فدعت الى تعديل قانون لمكافحة الارهاب لانه استخدم لارسال معارضين وصحافيين بينهم سويديان الى السجن. وقالت ان ميليس يترك ارثا متضاربا اذ انه وراء تنمية اقتصادية كبيرة مع انها غير متكافئة، الى جانب 'تدهور واضح في الحقوق المدنية والسياسية'. ودعت المنظمة الحكومة الاثوبية الى 'الافراج عن العديد من السجناء السياسيين المعتقلين بشكل غير شرعي والعمل على ان يترجم الانتقال بانفتاح سياسي اكبر'. واخيرا قالت منظمة 'مراسلون بلا حدود' ان 'حرية الاعلام في عهد ميليس تعرضت لانتكاسة كبيرة'. واكدت انها 'تأمل ان يعمل رئيس الحكومة المقبلة من اجل الافراج عن الصحافيين المسجونين ظلما ويشكل احتجازهم وصمة تشوه صورة اثيوبيا'. الى ذلك قرّر الرئيس المصري محمد مرسي، الثلاثاء، إيفاد وفد رسمي إلى أثيوبيا للمشاركة في تشييع جنازة زيناوي. وقال الناطق الرسمي بإسم رئاسة الجمهورية المصرية ياسر علي، للصحافيين الثلاثاء، إن الرئيس مرسي قرَّر إيفاد وفد رسمي على مستوى عالِ إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا للمشاركة في مراسم تشييع جنازة رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي. وكان التليفزيون الحكومي الأثيوبي أعلن، في وقت سابق امس، عن وفاة زيناوي في إحدى المستشفيات بالعاصمة البلجيكية بروكسل عن عُمر يناهز 57 عاماً. المصدر: القدس العربي 228/8/2012م