موقف رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان من الإنفصال ليس جديدا وليس غريبا من الرجل رغم محاولات التنصل منه التي أعقبت ردة الفعل القوية ضد تصريحاته في الكنيسة في جوبا. هيئة الإذاعة البريطانية بثت تسجلا صوتيا للحديث والوكالات التي تناقلته لم يكن من بينها وكالة تابعة للشمال أو المؤتمر الوطني. هذا موقف رئيس الحركة والحركة ولهم الحق الدستوري في هذا، أما الأزمة الكبرى فهي في أحزابنا الكبرى والقومية سمها ما شئت والتي صمتت عن التعبير عن موقف واضح إزاء هذه الدعوة المعلنة والمحرضة على الإنفصال ليس غريبا أن تفعل المعارضة هذا فقد إختارت أن تكون في جيب الحركة الشعبية من قبل نيفاشا ومن قبل الإنقاذ ومنذ أن سمي قرنق حكومة الإنتفاضة مايو الثانية. وإلى مؤتمر جوبا الأخير كانت الأحزاب المعارضة هي السرج الذي تمتطيه الحركة الشعبية لتحقيق أهدافها وعلى رأسها فصل الجنوب وكان هذا بينا في الخارطة التي طرحها قرنق على القوى المعارضة وطالب فيها بالكونفدرالية وحدد حدود الجنوب كما يريد. وكافأت الأحزاب الحركة الشعبية حينها بالتعاضد معها في أسمرا وحملتها في طبق من ذهب إلى الدول التي كانت وظلت ترعى وحدة السودان رغم مطالبة الحركة وقتها بإلغاء إتفاقيات الدفاع المشترك بين السودان والدول الشقيقة. هرولت الأحزاب إلى الحركة ورئيس الحركة وعلى رأسها الميرغني في كوكادام باصمة على الذي تريد. كما قبل رئيس الوزراء حينها صاغرا أن يتخلى عن صفته ومسماه الرسمي كرئيس وزراء ويلتقي قرنق بصفته الحزبية. وبعد إتفاقية نيفاشا تخلت الحركة الشعبية عن هذه الأحزاب وقبلت المواقع والمناصب وقسمة السلطة والثروة وإنفردت بالجنوب ورمت بالقشور إلى المعارضين مواقع في المجلس الوطني وبعض وزارات قليلة العدد والتأثير. تمكنت الحركة الشعبية من إستغلال أحزاب المعارضة إلى أقصى الحدود وها هي اليوم تتمكن من إسكاتها ولجم صوتها وهي تقرر في مستقبل البلاد وتتجه إلى تقسيمها وفصلها وهي تفعل ذلك مطمئنة بعد لقاء جوبا وحصر من شاركوا فيه في جبة السعي لتطبيق مقرراته التي تعين الحركة في لي يد الحكومة والمؤتمر الوطني والتمهيد لخطواتها المرسومة وتحقيق أهدافها كلها في قانون إستفتاء يحقق الإنفصال وفي وضع قانون للأمن الوطني يكبل الشمال بعد أن تنفصل عنه أو يوقعه في الذي وقع فيه بعد الإنتفاضة وحل جهاز الأمن وخلو الساحة لها وتلاعبها بالأحزاب. وحق للحركة أن تفعل ذلك بعد أن أدمنت الأحزاب النظر إلى الأرض ومواقع الأقدام وفشلت في أن ترفع بصرها إلى السماء وترى مستقبل البلاد وموقعها الطبيعي بين النجوم وفي كبد السماء. ومن يهن يسهل الهوان عليه. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 4/11/2009م