يبدو أن محاولة سارة بالين الأخيرة العودة إلى الساحة السياسية الأمريكية بآراء أكثر تطرفاً تلقى قبولاً لدى المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة، خاصة بعدما داعبتهم بانتقاد الرئيس باراك أوباما وسياساته منذ أن تقلد الحكم . كما داعبت كارتل النفط بتجديد الدعوة إلى ضرورة استخراج النفط من آلاسكا . ورغم أن هذه العودة لبالين تواجه انتقادات حادة من بقية الاتجاهات السياسية الأمريكية بحجة هشاشة خبرتها وعدم إلمامها بالقضايا السياسية والاقتصادية، وأنها ستكون أداة في يد قطاع متشدد ومتطرف ومهووس دينياً ومالياً بخطط الحرب والتسلح والهيمنة، إلا أن السياسة الأمريكية تحمل نماذج لمثل حالتها أبرزها الرئيس الحالي الذي أصبح أداة في يد هذا القطاع، حتى أصبحت إدارته الديمقراطية أسوأ من سابقتها الجمهورية . الآن أصبحت الفروق بين الجمهوريين والديمقراطيين مثل الشعرة وعلى قضايا ليست استراتيجية، ليبقى الخلاف بينهم ظاهرياً وهامشياً، حيث ينفذون سياسة رسم معالمها آخرون خلف الكواليس، وبالتالي تحول الجميع إلى مجرد دمى متغيرة على مسرح السياسة، بينما يبقى محركوها في أماكنهم من دون أي تغيير . لا شك أن الاتهامات الموجهة لبالين كلها صحيحة، ولكن لا تنتقص منها لدى من سيؤهلونها لتكون خلفاً لأوباما إذا أصبح ورقة محروقة، والدليل على ذلك اختيار جورج بوش الابن خلفاً لبيل كلينتون برغم الانتقادات التي وجهت إليه، حتى أن والدته، التي هي في الأساس زوجة رئيس سابق لفترتين، وصمته بالغباء، ووصل الأمر إلى التجديد له برغم المغامرات العسكرية التي خاضها بناءً على أكاذيب صيغت خلف الكواليس ولاكها الإعلام . وبالاستناد إلى تجارب سابقة مثل رونالد ريجان، وهو ممثل سابق، وباراك أوباما، ذلك الشاب الذي صعد بسرعة الصاروخ في عالم السياسة من دون خبرة أو تاريخ سياسي، ومعهما بوش الابن، فإن نموذج بالين ليس غريباً، بل يعد في بعض جوانبه أفضل من بقية النماذج السابقة . إذن، منصب الرئيس في الولاياتالمتحدة أصبح لا يحتاج إلى خبرة سياسية ولا إلى تاريخ نضالي، بل يحتاج إلى وجوه محبوبة شعبياً وتتقن عذب الكلام وتعبد الطاعة، مثل بالين وإخوتها ممن سبقوها، أما بقية الأمور فهناك من يحسن تدبيرها وإدارتها، الأمر يحتاج فقط لظهور الرئيس عبر شاشات التلفاز أو توقيعه فحسب، وهذا ما تمتلكه بالين بامتياز، وقد بدا ذلك في حفلة منظمة “حفلات الشاي" اليمينية السبت الماضي، حيث زايدت على أوباما وعلى “المحافظين الجدد" أنفسهم أمام مائدة “العشاء الفاخر" . ما سبق يفسر بجلاء المغامرات التي تقودها الولاياتالمتحدة في أنحاء عدة من العالم لنشر الحروب الطائفية والقومية ضمن سياسة “الفوضى الخلاقة"، وذلك من أجل سيطرة كارتلات النفط والسلاح على العالم . ويبدو أن العالم سيظل رهين هذا الوضع ببقاء سيطرة هذه المجموعة على القرار الأمريكي، خاصة إذا ما نجح أوباما في تولي فترة ثانية أو خلفته بالين . المصدر: الخليج 9/2/2010