رجح مسؤول عسكري في السلاح الجوي الليبي أن حوالي 20 طائرة دون طيار أمريكية جابت الأجواء الليبية طيلة 24 ساعة متواصلة منذ عدة أيام، موضحا أن المسؤولين الأمريكيين قد بدؤوا في تقليص طائرتهم واعتمدوا على اربع طائرات الاحد. وقال المسؤول لصحيفة 'قورينا الجديدة' الليبية في عددها امس الاثنين إن أكثر هذه الطائرات تحلق فوق بنغازي والبيضاء ودرنة ومصراتة وإجدابيا والنوفلية وأحيانا في طرابلس ومدينة الزاوية بشكل مستمر منذ مقتل السفير الأمريكي، الأمر الذي طالبت معه أمريكا من السلطات الليبية إيقاف الرحلات المدنية الداخلية والخارجية حتى يتسنى لها إكمال مهمتها. وأوضح، أن أكثر المدن التي تركز عليها هذه الطائرات هي بنغازي حيث حددت سبع طائرات دون طيار تقوم بمسح وتصوير شامل لمواقع يعتقد أنها لكتائب الثوار في بنغازي، مضيفا أنها تأخذ في استطلاعها شكلا دائريا، وتقوم بتصوير كل شيء في المدينة حتى الأشخاص الذين يمشون في الشارع. وأكد أن هذه الطائرات يعتقد أنها لها رجالا على الأرض ومن المتوقع إنهم 'عملاء' حتى يزودوا مركز إقلاع الطائرات بالمواقع التي يردون تصويرها وأن هذه الطائرات عندما تدخل الأجواء الليبية تختفي عن الرادار وتقوم بتشغيل أصوات مزعجة حتى يلتفت الناس لها. واعتبر المسئول الذي رفض ذكر اسمه أن هذه الطائرات وتحركات رجالهم على الأرض بزي مدني هو انتهاك لسيادة الأراضي الليبية، مطالبا المؤتمر الوطني بوقف هذه الطائرات واحترام سيادة البلاد. وقال إنه من المتوقع أن تقوم الطائرات دون طيار بجمع معلومات استخباراتية حول مواقع الجماعات 'الإسلامية' والأهداف المحتملة، التي قد يكون لها علاقة بالهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي،الذي أودى بحياة السفير الأمريكي لدى ليبيا، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة أمريكيين آخرين. وأوضح أن الجانب الأمريكي سيقوم بتسليم هذه المعلومات إلى الحكومة الليبية، على أن يقوم الجيش الليبي بوضع حد لهذه الكتائب حسب قوله، مؤكدا أن اتفاقية أصدقاء ليبيا تنصب بحماية الحدود وليس باستطلاع في الأجواء الليبية وتصوير أهم المواقع العسكرية التابعة للثوار. وقدم المسؤولون الامريكيون والليبيون روايتين مختلفتين تماما حول تفاصيل الهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي والذي ادى الى مقتل السفير الامريكي وثلاثة امريكيين اخرين. واكدت المندوبة الامريكية في الاممالمتحدة سوزان رايس الاحد ان الهجوم بدأ بتظاهرة 'عفوية' احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام، بعد احتجاجات مماثلة في مصر. وقالت رايس في تصريح لشبكة 'اي.بي.سي' ردا على سؤال بشان العناصر الاولية للتحقيق الذي يجريه الاف.بي.اي بشان الهجوم 'وفقا لما لدينا حاليا من معلومات فان الامر بدأ بتحرك عفوي وليس متعمدا، اقتداء بما كان يحصل في القاهرة حيث اندلعت قبل ذلك ببضع ساعات تظاهرة عنيفة ضد هذا الفيلم الصادم للغاية'. واضافت رايس 'نعتقد ان مجموعة من الناس جاءت الى القنصلية، وبعد ذلك اندلع العنف وانضم بعض الاشخاص الذين لديهم توجهات متطرفة الى الفوضى وجاءوا باسلحة ثقيلة التي هي للاسف منتشرة كثيرا في ليبيا بعد الثورة، وبعد ذلك خرجت الامور عن السيطرة'. واضافت 'ولكننا لا نرى في هذه المرحلة مؤشرات بان هذه خطة منسقة وهجوم متعمد. وبالطبع سننتظر نتائج التحقيق ولا نريد ان نتسرع في الحكم على الامور قبل ذلك'. الا ان تصريحات رايس تتعارض على ما يبدو مع تصريحات طرابلس التي اعلنت الاحد اعتقال نحو 50 شخصا في اطار التحقيق في اعتداء بنغازي. وقال رئيس المجلس الوطني الليبي محمد المقريف لشبكة سي.بي.سي نيوز ان هجوم بنغازي لم يكن نتيجة موجة العنف الفجائية التي اثارها فيلم 'براءة المسلمين' الذي انتج في الولاياتالمتحدة. واوضح ان هذا الهجوم 'كان مدبرا بالتاكيد' وخطط له اجانب واشخاص دخلوا البلاد قبل عدة اشهر. وكانوا ينوون شن هذا الهجوم الاجرامي منذ وصولهم الى البلاد. ويعتقد ان السفير كريس ستيفنز قضى اختناقا بالدخان بعد ان احتجز داخل مبنى القنصلية المحترق في بنغازي بعد تعرضه لهجوم بقنابل صاروخية وقذائف هاون واسلحة خفيفة لعدة ساعات. واعلن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ان الهجوم جاء انتقاما لمقتل نائب قائد التنظيم ابو يحيى الليبي في هجوم بطائرة بدون طيار في حزيران/يونيو، الا انه لا يوجد اي دليل يدعم ذلك. ومالت السلطات الامريكية في البداية الى القول ان الهجوم كان متعمدا ومخططا بشكل جيد استنادا الى انه جاء في ذكرى هجمات 11 ايلول/سبتمبر. الا انها قللت من تصريحاتها واكدت ان على الصحافيين انتظار نتائج تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي 'الاف بي اي' قبل الخروج باستنتاج بشان اسباب الحادث. وتعد تصريحات رايس اقوى مؤشر حتى الان على ان واشنطن ليس لديها اي دليل يشير الى انه جرى التخطيط للهجوم قبل الاحتجاجات، حتى رغم اعتقادها ان الهجوم هو من تنفيذ مجموعة صغيرة من المتطرفين. الا ان جون ماكين السناتور الجمهوري البارز الذي ينتقد باستمرار ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما، قال انه من السخيف الاعتقاد ان هذا الهجوم لم يكن مخططا له من قبل متطرفين. واضاف ان 'معظم الناس لا يحضرون قذائف صاروخية واسلحة ثقيلة الى التظاهرات'. واكد ان ذلك 'كان عملا ارهابيا. واي شخص يختلف مع هذه الحقيقة الاساسية يتجاهل الحقائق دون شك'. ويدل تردد المسؤولين الامريكيين في الكشف عن تفاصيل حول التحقيق بشان هجوم بنغازي على اصرار واشنطن على تعقب قتلة السفير كريس ستيفنز الذي يعتبر اول سفير امريكي يقتل اثناء ادائه واجبه منذ 1979. ويساعد رجال الاستخبارات الامريكية والمارينز والطائرات بدون طيار السلطات الليبية في مسعاها للتعرف على منفذي الهجوم. الا ان هذه الجهود يعيقها الخليط الفوضوي من المليشيات والتحالفات القبلية المتنافسة التي ظهرت بعد الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي العام الماضي. ونفت رايس التلميح الى ان الولاياتالمتحدة تبدو عاجزة عن وقف الغضب المنتشر في العالم الاسلامي بسبب الفيلم المسيء للاسلام والذي ينصب على رموز النفوذ الامريكي في المنطقة مثل البعثات الدبلوماسية والشركات ومطاعم الاطعمة السريعة. وقالت ان موجة الغضب التي اندلعت في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وبعض الدول الاسيوية سببها الوحيد هو الفيلم المسيء للنبي محمد وليس ضعف شعبية الولاياتالمتحدة في العالم الاسلامي. وقالت انها 'نتيجة مباشرة للفيديو البشع والمسيء الذي تم نشره على مستوى واسع، والذي لا علاقة للحكومة الامريكية به، والذي قلنا بوضوح انه مثير للاشمئزاز ومدان'. الا ان صحيفة وول ستريت جورنال المحافظة انتقدت تصريحات رايس بشدة وقالت انها 'تهدف الى حماية سياسات ادارة أوباما من تحمل اللوم على الهجمات'. واضافت ان 'اكثر محرض على العنف هو ما يظهر من ضعف امريكي .. فرد الادارة الامريكية الضعيف الاسبوع الماضي لا يؤدي سوى الى لجوء المتعصبين الى استخدام مزيد من التبريرات لقتل مزيد من الامريكيين'. المصدر: القدس العربي 18/9/2012م