لأن دعم التحولات الديمقراطية ضرورة استراتيجية.. فقد رأينا مستوى التحول الفوضوي العشوائي المدمر الذي حققته إدارة بوش الحمقاء –كما وصفت وقيّمت حتى من الأمريكيين أنفسهم- في بلد عريق الحضارة والتراث كالعراق، والتي تبين من خلالها مستوى الديمقراطية الاستراتيجية في هذا التحول! هيلاري كلينتون شددت في تصريحات لها في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن قبل أيام، إضافة لذلك، على أن الولاياتالمتحدة لن تسحب دعمها للديمقراطيات الناشئة عندما تصعب الأمور، لأن ذلك سيكون خطأ استراتيجياً مكلفاً من شأنه أن يقوّض كل مصالحها وقيمها.. أما ما هي مصالحها؟ فالأمور معروفة، وبخاصة الأهم منها، وهو حماية هذا الكيان الدخيل على قلب الوطن العربي الذي استدعى مستوى رفيعاً من المؤامرة التي نفذتها حكومات دول الجوار على قلب العروبة النابض سورية. «إسرائيل» هي المحور الأهم الذي يتنافس فيه كل مرشحي الرئاسة الأميركية، والرؤساء السابقون واللاحقون من دون استثناء.. من منطلق أن المعيار أو المقياس للفوز هو رضى اللوبي الصهيوني، بكل مكوناته، وصوره، وسيطرته على المال السياسي والاقتصادي.. إذاً هذا خطأ استراتيجي أول (المصالح)، في معنى الضرورة الاستراتيجية. أما الخطأ الاستراتيجي الثاني الذي قد يقوّض (القيم)، فهذا فيه مبالغة زائفة، لأن بلداً استعمارياً مثل أميركا الوليدة في التاريخ والجغرافيا، لا تملك أدنى قيمة أخلاقية في محافلها السياسية، وإلا لكانت قد عرفت أن الدماء النازفة من منخل دستور حقوق الإنسان التي طالما تشدقت بها منظماتها الدولية، تركت للإرهاب التكفيري أن يصوب سهامه إلى قلوب الدول الآمنة والمستقرة، فماذا فعلت تلك الأيادي الملطخة بمال الإرهاب السياسي، والمدعومة مباشرةً من سياسة أميركا الرعناء؟! لم تنس كلينتون أن تتباهى وتشير إلى أن الولاياتالمتحدة حشدت مليار دولار أمريكي في المساعدة المستهدفة من بداية ما سمته ب(الثورات) وأن إدارة أوباما طلبت من الكونغرس مبلغاً إضافياً بقيمة (770) مليون دولار من شأنه أن يكون مرتبطاً بمعايير ملموسة لإصلاحات سياسية واقتصادية، لكنها نسيت أن تذكر أن هذه الإصلاحات التدميرية التي طالت البنى التحتية والفوقية، دعم دمارها الأعوان والخلان من العربان والغربان الذين تعهدوا بدفع ما فوقهم وما تحتهم، خدمةً لتقويض دعائم المقاومة، في شريط المقاومة، بما زاد من المليارات الأميركية مليارات عربية، تحقيقاً للهدف الأزلي الاستعماري المنشود. في بروتوكولات حكماء صهيون، خطط تسيِّر العالم لسيطرة اليهود (بما يمثلهم من صهيونية) عليه، وما سيطرة حركة الصهيونية العالمية على الاقتصاد، وإنشاء «إسرائيل» وتحكّمها بقرارات البيت الأبيض في تاريخه الطويل، إلا صورة عاكسة لبنود البروتوكولات، في زيادة النفوذ والتأثير في العالم.. كلينتون كرئيسها، عدّت أن أمن «إسرائيل» أمر مقدس، ودافع الاثنان عن ذلك في مناظرة تلفزيونية قبل استلام أوباما دفة الإدارة.. واليوم يتنافس الاثنان المرشحان، رومني و أوباما، على ماهية الأمر ذاته.. والنتيجة أن «إسرائيل» تريد هذا التحول (الإثني، والعرقي، والطائفي، والقبلي التقسيمي لكل الدول العربية)، لأنه ضرورة استراتيجية لها أيضاً، تنفذ بيد عبيد سياستها الاستعمارية الأمريكان، على مبدأ «مَنْ لديه عشّي فلماذا يزفّر يديه»!! والفاتورة –طبعاً- على حساب الشماخ العربي. المصدر: تشرين السورية 16/10/2012م