قبل أكثر من أسبوعين التقيت الدكتور محمد مصطفي الضو النائب بالمجلس الوطني، عائداً لتوه من رحلة حملته إلي ولايته سنار ،وحدثني مع الزملاء أن بركات اتفاق الحريات الأربع بدأت تتنزل علي ولايتهم المتاخمة للجنوب، بتوافد أعداد كبيرة من الأخوة الجنوبيين للمشاركة في عملية الحصاد الذي كان يواجه مصاعب نقص العمالة، وشرع المزارعون في استجلاب عمالة من دول مجاورة بأسعار مرتفعة. وعزز هذه المعلومات والي سنار أحمد عباس، الذي أكد أن مشاركة الجنوبيين كانت بنسبة 60 في المائة من الأيادي العاملة، وبأجور معقولة، وعملياً أنقذوا الموسم الزراعي الناجح من التعثر في كرحلته الأخيرة، وفترة الحصاد قصيرة وأي تأخير سيحبط الإنتاج. اتفاق الحريات الأربع يحقق منافع مشتركة للشعبين في شطري السودان فالشريط الحدودي بين البلدين يعيش في جانبيه الملايين وعلي الجانب الشمالي من قبائل الفلاتة في النيل الأزرق حتي حدود ولايتي جنوب دارفور وشرقها وهم مئات الآلاف من الرعاة يتحركون بماشيتهم بحثاً عن المراعي جنوباً. من لا ينظرون الي أبعد من أرانب أنوفهم، لا يرون إلا بنظارات "المؤامرة" فالمتطرفون في الشمال لا يرون في الاتفاق إلا جلب العاريات وصانعات الخمور وحاملات الأيذر، وفي الاتفاق المتشددون الذين تظاهروا في واو وجوبا يعتقدون ان الاتفاق سيحمل علي ظهره الأسلمة والتعريب. نرجو أن يصمت المتطرفون هنا وهناك ويعطوا اتفاقات التعاون بين البلدين فرصة لتجاوز حالة الشك والظنون المتبادلة وزرع بذور الثقة وتطبيع العلاقات حتي تحكم المصالح لا العواطف والتاريخ الصلات، وتحميه من أي عواصف أو هزات طارئة. لقد بدت قيادتا الدولتين جدية وحرصا يعكس إرادة ورغبة مشتركة في بناء علاقات علي أسس جديدة، واستشعاراً للمسؤولية تحقق مصالح الشعبين في العيش بسلام وتجاوز المصاعب الاقتصادية التي ألفت بأعباء علي كاهلهما. وما يؤكد ان اتفاقات التعاون سيجني ثمارها المواطنون قبل الحكومتين، بدء القبائل في ترجمتها عملياً قبل إقرارها رسمياً من برلماني الدولتين، فعبروا الحدود وتبادلوا السلع، وتواصلوا بصورة طبيعية كما اعتادوا مئات السنين، فدعوا الناس يعيشون حياتهم ومصالحهم بعيداً عن أي خلاف سياسي أو أجندة خفية يرمي أصحابها من ورائها الي تحقيق مآرب خاصة. نقلا عن صحيفة الصحافة السودانية 21/10/2012م