لا شك أن المشهد السياسي السوداني أخذ في ولوج مناطق حرجة في تاريخ البلاد حيث تلاحقت الأحداث الداخلية والتأثيرات الخارجية وتسارعت وتيرتها، ففي حين انتقلت المعركة من نزاع مع دولة الجنوب عقب عدوانها علي هجليج وتقدم قواتها لاحتلال سماحة ما أن تم التوصل لحل لمعظم القضايا والخلافات بين الدولتين وتم توقيع الاتفاقات التسع بين هما، وبعد أن استبشر الشعب خيراً في انعكاس ذلك إيجاباً علي الوضع الاقتصادي باستئناف ضخ بترول الجنوب ومعالجته وتصديره عبر السودان لينعكس ذلك إيجاباً علي الوضع المعيشي بتوفير المزيد من العملات الصعبة وبالتالي التقليل من معدلات التضخيم المتصاعدة ومع التفاؤل بأن تنهي الاتفاقيات مع الجنوب وخاصة اتفاقية الترتيبات الأمنية التوتر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان المسنود من الحركة الشعبية الجنوبية مادياً وعسكرياً بفك ارتباط فرقتيها العسكريتين ومن ثم تصبح المشكلة السياسية مشكلة داخلية يمكن حلها بيسر وبالحوار المباشر مع التيارات السياسية وأهل المصلحة من المنطقة، إلا أن دولة الجنوب تباطأت في تنفيذ الترتيبات الأمنية وتعللت بالخريف وعملت قوات الحركة الشعبية علي مهاجمة مدينة كادوقلي مرات عدداً أثناء وبعد ملتقي كادوقلي للسلام ترويعاً للمواطنين وقتلاً للأطفال والنساء ولا تزال تكرر ذلك مرة بعد مرة وحينما توجه السودان نحو محيطه العربي بعد الانفصال ورغب في المساعدة الاقتصادية سيما من دول الخليج، فإذا بإسرائيل تضرب مصنع اليرموك لتروع المواطنين وتهز لدي كثيرين قناعة دعم السودان وموقفه الثابت من القضية الفلسطينية ظناً أن ترك الدعم المعنوي والمادي لقضايا الأمة العربية والإسلامية كلفته باهظة لكن سواء بدعم أو بغيره فلن تنفذ إسرائيل شيئاً آخر غير مخططها الثابت منذ أكثر من نصف قرن تجاه السودان. أرادت إسرائيل وبحملة مبرمجة تارة عبر المحللين من بلدان عربية وتارة عبر تسريبات للصحف الإسرائيلية دق إسفين بين السودان والخليج بتضخيم العلاقة بين السودان وإيران التي لن تتجاوز في تقديري عقدة المذهبية مهما أوغل فيها السودان، فسيظل دولة سنية، فالمقصود إبعاد الدعم والاستثمارات الخليجية من السودان لمزيد من الحصار الاقتصادي والدبلوماسي وها هي الوساطة الأفريقية تكمل حلقة التآمر ضد السودان من خلال الإصرار علي مقترح يضيع حقوق السودان والمنطقة ومحاولة الضغط علي السودان ليوافق عليه أو رفع الأمر لمجلس الأمن الدولي ثم تواصلت الشائعات بداية بشائعة وجود مواد مشعة في مصنع اليرموك ثم شائعة ضرب إحدي السفينتين الإيرانيتين في بورتسودان، ثم شائعة تدهور الحالة الصحية للرئيس ثم شائعة تقديم مقترح من إيران بتأمين البحر الأحمر وأن الحكومة تدرسه. ثم نشطت الحركات المتمردة في دارفور وانتشر مرض وبائي فيها، وقبل هذا وذاك حاولت العديد من التكهنات إحداث بؤر نزاع جديدة بترشيح وتغليب شخصيات بعينها سواء لخلافة أمين الحركة الإسلامية الكيان الخاص الداعم للحزب الحاكم أو لرئاسة الجمهورية. حاشية: الأحداث والاستهداف يتطلب يقظة وسمواً في الحالة الوطنية لدي الحكومة والمعارضة والتفافاً حول الوطن وتمييزاً بين الوطنية والعمالة والمعارضة للحكومة ومعارضة الوطن توحيداً للجبهة الداخلية، فالوطن فوق الجميع. واتساع نطاق المؤامرات يتطلب من الحكومة انسجاماً وحطاباً إعلامياً موحداً وتمليكاً للحقائق أولاً بأول فالتربص بلغ مداه والمخططات الأجنبية تنخر جسد الوطن المتعب، ووعي المواطن بدوره هو أساس المعركة. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 7/11/2012م