منذ تاريخ أقراره المشاركة في السلطة الاتحادية ظل حزب الأمة القومي يتأرجح ما بين وحدة الرأي والسير على خطي الانقسامات. ورغم مشاركة ابن الصادق المهدي السيد عبد الرحمن الصادق المهدي في الحكومة الاتحادية كمساعد لرئيس الجمهورية إلا إن موقف حزب الأمة القومي ما زال متبايناً تجاه الحزب الحاكم. فبعض القيادات النافذة في الحزب لا تزال على موقفها من إسقاط النظام والبعض الآخر يدعو للخروج للشارع وتحريك السكون السياسي الراهن إلى شعلة من النشاط المضاد حتى موعد سقوط المؤتمر الوطني بأمر الثورة الشعبية المرتجاه. والمواقف المتباينة لحزب الأمة القومي تجاه الحزب الحاكم قادت في مجملها إلى توترات مكشوفة داخل هذا الحزب الذي بدأ يصارع نفسه بحثاً عن مخرج يجنبه شبح أزمات قادمة لا شك وفقاً لمراقبين يفقد الحزب الكثير وربما قاده إلى الهاوية والمخاطر. تصريحات رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي الأخيرة التي دعا من خلالها الجماهير السودانية بضرورة النزول للشارع بغية إسقاط النظام والعمل على تفجير الثورة الشعبية في البلاد إلى جانب العمل احتلال السفارات السودانية بالخارج أحدثت ارتباكاً واضحاً ضرب الحزب هذا إلى جانب تواصل حدة الانقسامات الرأسية داخله بين تياري الموالاة والاعتدال التي قادت برمتها إلى صدور قرار أدي إلي إبعاد نائب الرئيس نصر الدين الهادي عن موقعه وإبقاءه في مناصبه الدنيا وكان قد قام نصر الدين الهادي بتوقيع اتفاق سياسي مع بعض قيادات المعارضة بالخارج للعمل على التخلص من نظام الحكم في السودان إلى جانب اتفاقيات مماثلة للقيادية بالحزب مريم الصادق المهدي مع ذات القيادات بحكم علاقتها بالتحالف المعارض. وسبق للمعارضة نفسها أن طعنت في مواقف الأمة القومي ووصفتها بالضبابية في ظل وجود مريم الصادق المهدي في منظومتها مما يدلل على انه هنالك حالة انقسام واضحة داخل هذا الحزب الذي فقد الكثير من التعاطف السياسي الذين يراهنون عليه لقيادات دفة التغير في البلاد لدرجة إن بعض المحللين السياسيين يشيرون إلى إن الصادق المهدي ما عاد بالرجل المؤثر في منظومة المعارضة إشارة إلى ما ظل يلهج به لسانه من تصريحات لم تكن على وتيرة واحدة فتارة تجده يدعوا إلى عدم الخروج ضد النظام والعمل علي تقويمه بالأساليب الناعمة وتارة تجده يدعو للمخاشنة واختيار أساليب العنف للتخلص منه. كثيرون ينظرون للواقع الذي يعيشه حزب الأمة القومي من زاوية الإشفاق باعتبار أن ما يحدث من صراع داخل هذا الحزب سيقود إلى حريق شامل وربما يقود الحزب إلى عوالم المجهول في وقت يري فيه مراقبون ما يحدث داخل الأمة القومي من صراع ما هو إلا نتاج طبيعي لتحكيم أسرة ال المهدي على مفاصل الحزب خاصة أن هنالك مقولة لقيادات تمثل أجنحة الأمة الأخرى بان أسرة ال المهدي تتحكم في مفاصل الحزب وتنظر للآخرين بعين السخرية مما جعل الأوضاع داخل هذا الحزب في طريقها للأسوأ في وقت انعدمت فيه أي معالم للوحدة بين التيارات المختلفة والتي تحمل لافتات الأمة رغماً عن الحديث المتكرر بشأنها. ومغادرة نصر الدين لمنصبه بالإبعاد وصفته قيادات رفيعة داخل الحزب رفضت ذكر اسمها بالعمل المنظم والمدبر وان الهدف منه إبعاد القيادات المؤثرة دعماً للأحادية داخل هذا الحزب في وقت أشارت فيه القيادات إلي إمكانية ضلوع الحزب الحاكم في عملية إضعاف الأمة القومي بالعمل على دس سم الخلافات عبر زرع الشقة بين قيادات الأمة القومي وتقريب الراغبين منه في نعيم السلطة إليه. ولغة الإشفاق كانت حاضرة في حديث هؤلاء وفي تأكيداتهم لألوان أشاروا إلى إن ما يشهده الأمة القومي من صراعات سيؤجج النيران داخل منظومة الحزب وسيقوده للمجهول مطالبين قيادة الحزب بالعمل على ترك المرارات والسير خلف المواقف الشخصية حتى لا يتضرر الحزب كثيراً. كما شددت ذات القيادات على ضرورة توحيد موقف الحزب بشأن أوضاع البلاد السياسية الراهنة ومدي مشاركة الأمة القومي على الإسهام في تهيئة البيئة المساعدة على التغيير. المحلل السياسي والأكاديمي الدكتور حمد عمر حاوي ينظر للأمر من واقع أن هنالك تيارات داخل الأمة القومي منقسمة ما بين الإصلاح والعمل على اقتلاع النظام من جذوره وأخري تدعو للمهادنة والتقرب أكثر من الحزب الحاكم وأشار إلى إن هذه المواقف قادت الأمة القومي لهذه المرحلة وأشار إلى إمكانية أن يكون إبعاد نصر الدين الهادي عن موقعه تطبيقاً للوائح التي تحكم عمل الحزب. ويري حاوي إمكانية إن يكون لهذه الانقسامات اثر سالب ومباشر على مسيرة الأمة القومي مقبل الأيام. وربما أضرت به كثيراً على حد وصفه في وقت قادت فيه تصريحات الصادق المهدي مؤخراً بشأن دعوة الجماهير للخروج للشارع إلى خلق مساحة حذر وترقب من الأجهزة الأمنية التي دفعت بوزير الداخلية إبراهيم محمود حامد بان يتعهد بمواجهة تلك الدعوات بالحسم والقوة وهذا من شأنه يوسع من هوة الخلاف ما بين الحكومة والمعارضة التي لا تعترف هي الأخرى بمواقف الأمة القومي رغم وجود قيادات منه في منظومتها. على كل هل بمقدور الأمة القومي الخروج من نفق الانقسامات الصريحة والخفية داخل منظومته؟ أم تكون لواقعة إبعاد نصر الدين الهادي عن موقعه تبعات أخري. نقلاً عن صحيفة ألوان 19/11/2012م