الزيارة التى قام بها نائب الرئيس السوداني السيد على عثمان محمد طه للعاصمة المصرية بدعوة من معالي الدكتور احمد نظيف رئيس وزراء مصر لم تكن عادية مثل كل الزيارات التى يقوم بها المسئولون بين الدول التى تربط بينها علاقة خاصة، و لكنها زيارة حملت معان و مضامين عديدة و حملت كذلك بشارات خير تستحق الوقوف و التأمل . و برغم العلاقات الممتدة عبر القرون بين مصر و السودان الا ان هذه العلاقة ظلت حتى اوقات قريبة تحتكر مفاتحتها قلة ارتبطت تاريخياً بها ، و ظل هناك مصنفون بعيدون عن هذا التواصل ،و بعض يحسب عليه. و نقول صراحة ان السيد طه لم يكن من المحسوبين تاريخياً من مفاتيح هذه الصلة رغم ان سابقه فى الموقع السياسي فى السودان المشير الزبير محمد صالح كان هو المفتاح لإصلاح ما بين مصر و السودان بعد ماعتراها من توتر ،و برغم ان السيد على ظل سيقود الجانب السوداني فى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين الشقيقين ، و أنه استطاع فى هذه اللجنة مع مقابله المصري الدكتور نظيف ان يحققا مكاسب عديدة يأتي فى مقدمتها قانون الحريات الاربعة الذى افتتح الطرق امام انسياب العلاقات السودانية المصرية بمثل ما صار ، فبلغت درجة لم تبلغها من قبل . و هذه الزيارة و بهذه الابعاد و الظلال التى صاحبتها أثبتت ان الرجل يولي هذا الملف الاهتمام الذى يستحقه ، و أثبت كذلك ان مصر تضعه فى مقامه الذى يستحقه فاعلاً فى الشأن السوداني . و مصر و طه فى هذا الشأن مثلها و رئيس حزب الامة الصادق المهدي الذى ظل بعيداً عنها محسوباً و خصماً على علاقاتها مع السودان و لكن التواصل المباشر الذى أتيح لهما فى العقدين الاخيرين بدل هذه القناعة لديه و لدي أم الدنيا كذلك ، فصار السيد المهدي اقرب الى مصر من كثيرين ظلوا مرتبطين بها عبر التاريخ و صارت هى الاقرب الى نفسه ،و اصبح من الداعمين بقوة للعلاقات السودانية المصرية و تواصلها . واحتفاؤنا بمثل هذا التعدد فى مفاتيح مصر بالسودان فضلاً عن دوره فى دعم هذا التواصل ليصل الى وضعه الطبيعي ، فانه يأتي لأن ذلك ينطلق بالعلاقة الى شعوبية لا يكتمل تكامل البلدين القائد الى وحدتهما الا به . و لقد سارت زيارة نائب الرئيس فى هذا الاتجاه . فخرج بالزيارة عن تقليدية مثل هذه الزيارات المعهودة و حرص على التواصل مع القطاعات الفاعلة فى مصر و السودانية فى مصر العربية ، فالتقي المفكرين و المثقفين و الاعلاميين و اصحاب المال و الاعمال ، كما التقي السياسيين المنوط بهم دعم التواصل السوداني المصري من كل جوانبه ، ولقد قدم السيد طه خلال هذه اللقاءات خطاباً غير معهود خلب به ألباب جميع من استمعوا له فأدركوا قيمة الرجل و مكانه. كما وأثبتت الزيارة حرص و جدية الاستاذ على عثمان فى الوصول بالعلاقات السودانية المصرية لأعلي سقوفها و معروف عن السيد طه أنه ضنين الكلام ولا يزيد فى القول عن الحاجة المطلوبة ،فعندما يتحدث بهذه الاريحية فى مصر و يفيض و يزيد فى القول فهذا يعني ان ألقي بثقله فى هذا الملف ، وعندما يلقي علي عثمان بثقله فى شئ يحدث فيه ما لا يحدثه غيره ، بما امتلك من قوة من بعد توفيق الله القوى المتين . لقد بدأت ثمار ذلك تظهر بالدخول العاجل فى مراحل تنفيذية لبعض ما اتفق عليه ،و لعل اعلان وزير الزراعة المصري التوجه لزراعة اربعة ملاييين من الافدنة بالقمح فى الجزيرة و أرقين واحداً من الفتوحات لهذه الزيارة المفتاحية ، أما على مستوي السودانيين المقيمين فى مصر فقبل ان يستقر النائب فى السودان بعد عودته أرسل وفداً تنفيذياً رفيع المستوي لحلحة مشاكل الجالية السودانية فى مصر ،و جاء الوفد يحمل معه تفويضاً واسعاً وقدم خلال الاسبوع الذى قضاه متنقلاً بين محافظات مصر العديد من المكاسب للجالية فى مجالات شتي ،و تلك بعض ثمار هذه الزيارة التى نتوقع ان تنداح تباعاً انشاء الله. نقلا عن اخبار اليوم 16/2/2010