لست أدري ما علة افتتان البيت الأبيض بالأرز؟ فقد كان لبوش الثاني كونداليزا رايس، والآن يقال إن سوزان رايس ستخلف هيلاري . رايس الأخيرة لا ينافسها في العداء لقضايا العرب غير ذي الشارب الأبيض جون بولتن . على المرء أن يكون موضوعياً إذا أراد اكتشاف أسرار هوى الأرز، المفتاح هو أن السياسة الأمريكية دائماً طبخة . على رأي أبي العلاء المعري رحمه الله، فقد ذكر أن للأرز ست لغات عند العرب، أي ست طرائق في النطق، وهذا يعني أن هذه الوجوه تشكل نجمة سداسية، ما يجعل الإصرار على وجود الأرز في البيت الأبيض ضرورة وحتمية، اللوبي الصهيوني الذي يمثل الكيان الغاصب، ليس شيئاً إذا قيس على الولاياتالمتحدة . ولكنه مثل مفتاح محرك السيارة، لا يشكل ولا حتى واحداً من عشرة آلاف من حجم المركبة، ولكنها لا تستطيع التحرك من دونه . ثمة أشياء من السهل تبريرها، مثلاً: حين صارت كونداليزا العضد الأيمن لبوش الثاني، قلت إنه معجب بدافنتشي، واسمها أُخذ من كوندا من الجوكوندا، وليزا من الموناليزا . أما إذا جاءت سوزان رايس، فلا مفرّ من العودة إلى التحليل من خلال الأرز، ولا شك في أن أوباما يدرك جيداً أن مزايا الأرز الأسمر لا تحصى قياساً على الأبيض . من السذاجة توضيح الواضحات، كالخوض في أن الإدارة الأمريكية تختار دوماً شخصية سليطة اللسان سفيراً لها لدى منظمة الأمم، وناطقاً رسمياً باسم المصالح الصهيونية المعادية جهاراً لكل ما له علاقة بالعرب . وهنا السؤال: ما السر وراء ضرب واشنطن عرض الحائط بكل مصالحها مع العرب، في حين أن دعمها المطلق للكيان الغاصب لا تجني من ورائه غير تشويه صورتها في عيون العرب؟ إذاً ثمة مصالح عليا أهم بكثير من علاقاتها بالعالم العربي، وتلك أمور من شدّة الظهور الخفاء . ما الذي يجعل العرب يتجاهلون هذه الأبعاد التي وضعت وتضع مصيرهم المشترك على أكف العفاريت؟ رايس الأولى أطلقت مصطلح “الفوضى الخلاقة"، ولم يأخذه العالم العربي على محمل الجد، لأن العقلية العربية لا تنظر إلا إلى سطحية الفارق اللفظي بين الجمهوريين والديمقراطيين، ولا ترى أو لا تريد رؤية الخلفية الاستراتيجية الموحدة المستمرة لقوة عظمى لا تغير موازينها كل أربع سنوات . دور الأزياء الكبرى تلعب على الألوان والقصر والطول، وهي لا تتغير . الاستراتيجيات الكبرى سمّ واحد يغطى تارة بالعسل وأخرى بالشوكولاته . وعلى الغرّ أن يختار . كم من جمهوري مرّ علينا وكم من ديمقراطي، فهل تغير إلى الأفضل تدهور العالم العربي ولو لمرة واحدة؟ على من تقع مسؤولية التفكير في مصير العرب جميعاً . وكيف ستحكم الأجيال المقبلة، التي سترى أهوالاً لم يرد أبناء اليوم مواجهتها قبل أن يجرف السيل الجميع؟ يكفي أن العربي ممنوع من المطالبة بأي حق، بل صارت المطالبة بالحق عدواناً . لزوم ما يلزم: كيف يرى العرب طبخة الأرز التي تريد تحويل الأمة إلى مهلبية؟ المصدر: الخليج 4/12/2012م