تحول آخر في مسار قضية أبيي بين دولتي السودان آخذ في التبلور فبعد أن رفضت الحكومة السودانية مقترح أمبيكي وأوضحت حيثياتها نجد أن حكومة جنوب السودان أيدت المقترح، في المقابل تعالت ردود الأفعال من قبل مكونات المنطقة (المسرية ودينكا نقوك). ففي الوقت الذي جدد فيه المسيرية رفضهم للمقترح ودفعوا بمذكرة إلي الأممالمتحدة والمؤسسات الإقليمية بالخرطوم وفي ذات الوقت احتشدت فعاليات أبيي من أبناء دينكا نقوك لتأييد المقترح بجوبا والقاهرة. لكن وزير الخارجية علي كرتي توقع مد مهلة حل قضية المنطقة التي حددها مجلس الأمن بستة أسابيع تنتهي في التاسع من الشهر الجاري وبالرغم من طمأنة كرتي في حديثه بالبرلمان في بحر هذا الأسبوع أن مجلس السلم والأمن الأفريقي لم يوافق على مقترح أمبيكي – بجانب تأكيده على رفض القادة الأفارقة رفع قضية بها خلاف إلي مجلس الأمن الدولي قبل التوصل لاتفاق حولها لكن قد تشكل اجتماعات مجلس السلم الأفريقي المزمع عقدها في التاسع من الشهر الجاري منعطفاً مهماً وخطيراً نحو الحل النهائي للقضية. جوهر الاختلاف:- أهم النقاط التي أدت إلى رفض الحكومة لمقترح أمبيكي بحسب حديث رئيس اللجنة العليا المشتركة لمنطقة أبيي/ الخير الفهيم/ تتعلق بالاستفتاء الذي نص المقترح فيه على أن الاستفتاء يحق لدينكا نقوك وسكان المنطقة الآخرين بخلاف دينكا نقوك – هؤلاء الآخرون أشترط المقترح الإقامة الدائمة لهم بالمنطقة وهذا الشرط لا ينطبق على المسيرية لجهة تجوالهم في موسم الخريف فيما تمثل نقطة الخلاف الثانية في أن رئيس لجنة الاستفتاء شخصية أجنبية عكس ما هو منصوص عليه في بروتوكول المنطقة الذي حدد شخصية سودانية كما أن الفهيم في اجتماع مع وفد الاتحاد الأوروبي أعتبر أن أمبيكي قفز على برتوكول المنطقة واتفاق الترتيبات الإدارية والأمنية إلي الوضع النهائي وهو الاستفتاء، لكن نجد أن الحكومة السودانية في ردها على مقترح أمبيكي الذي نشرته هذه الصحيفة أمس اعتبرت أن المقترح يتعارض مع بروتوكول المنطقة وقانون استفتاء أبيي وألغي الطبيعة التراكمية لهذه المنطقة، وأشارت إلي أن الفشل في تحديد أهلية الناخبين وخاصة المسيرية الرحل تمثل نقطة اختلاف جوهرية ولفتت إلي أن مقترح أمبيكي تبني وجهة نظر أحد الأطراف دون النظر إلي موقف الطرف الآخر مما يحرم المسيرية من حقهم في الاستفتاء وحقوقهم المدنية الأخرى. تجاوز التفويض:- وقد أثار مقترح أمبيكي موجة غضب عارمة لدي سكان المنطقة لاسيما قبيلة المسيرية وفي ذات الإطار نظمت الهيئة الشعبية لمنطقة أبيي تظاهرة سلمية بالخرطوم نهاية الأسبوع المنصرم دفعت من خلالها بمذكرة وتلت ذلك بمؤتمر صحفي صبت فيه جام غضبها على أمبيكي معتبرة أن الرجل تجاوز التفويض الممنوح له وان مقترحه يرمي بأيلولة المنطقة إلي دولة جنوب السودان إذ ورد في تنايا المقترح ((عندما تصبح أبيي جزءاً من دولة جنوب السودان على حكومة الجنوب أن تضمن حقوق الاقليات المعتبرة من أبناء المسيرية)) لذا عد المسيرية أن تلك الفقرة ما هي إلا نية مبيتة لضم المنطقة لجنوب السودان كما اعتبرت المذكرة التي دفعت بها الهيئة الشعبية لمنطقة أبيي أن مقترح أمبيكي أعطي سلفا منطقة أبيي بكاملها لدينكا نقوك قبل بدء أي عمل أو إجراء مؤسسي مرتب له وأضافت ((هذا حكم مسبق قبل نتيجة الاستفتاء المزمع ويعكس تحامل أمبيكي ومجموعته ضد المسيرية)) وقد شن رئيس الهيئة الشعبية لمنطقة أبيي الفريق مهدي بابو نمر هجوماً علي أمبيكي ودمغ الرجل بتبني رأي الحركة الشعبية كاملاً والدفع به عن طريق الآلية بل أعتبر أن الدفع بالملف إلي مجلس الأمن القصد منه وضع قبيلته أمام البند السابع في مجلس الأمن ومضي نمر مشيراً إلي أن المقترح لم يكفل للمسيرية الرحل حق التصويت في وطنهم ومنطقتهم التي سكنوها لأكثر من ثلاثمائة عام وهضم حقوقهم المدنية. هجرة وكومبارس:- من الواضح أن مشاعر الغضب لدي قيادات المسيرية لم تتوقف على مقترح أمبيكي إنما امتدت لاتهام أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالوقوف إلي جانب دولة الجنوب بل عبرت هذه المرة إلي داخل دهاليز الحزب الحاكم حيث هاجم نمر مفاوضي الحكومة مبيناً أنهم لم يجدوا الفرصة الكافية للتعبير عن أرائهم عكس أبناء دينكا نقوك الذين وصلوا بتدويل المنطقة إلي المجتمع الدولي، واستطرد قضية أبيي هاجرت من أبنائها وتكلم عنها الحزب الذي ننتمي إليه والمسيرية كومبارس)) ومن هنا يتضح جلياً أن موقف المسيرية آخذ في التغير كما أن ذات الوضعية السابقة في طابع القضية التي تصنف القبيلتين دينكا نقوك – والمسيرية)) بالرديفتين لحزبي ((الحركة الشعبية – والمؤتمر الوطني)) في طريقها للانحلال والتفكك. ويبدو أن ذات الضغوط التي تعاني منها حكومة الجنوب من قبل أبناء نقوك بجوبا ومحاولة عرقلتهم لأي تسوية للقضايا العالقة بين الدولتين دون استصحاب حل مقنع لهم يحتوي علي قضية أبيي في طريقها للخرطوم، ولكن الهيئة الشعبية لمنطقة أبيي في مذكرتها التي حصلت (السوداني) على نسخة منها تؤكد أن شعب المسيرية غير معني بأي حلول أحادية تفرض قهراً دون مشاركة أهل المنطقة وفي الجانب الآخر التقت فعاليات أبيي بجوبا برئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت الأسبوع الماضي ودعت إلي حشد وتماسك عضويتها ودعم مقترح أمبيكي. مواجهات مرتقبة:- وبالرغم من تحذير وزير الخارجية علي كرتي عن إبلاغهم للقادة الأفارقة بأن مقترح الوساطة سيؤدي إلي التضحية باتفاقية السلام ويضعف موقف إفريقيا في تحقيق السلام ويعود بالسودانيين إلي مربع الحرب والمواجهة مرة أخرى وفي ذات الموقف تأكيده على أن مجلس السم والأمن لن يؤيد قراراته السابقة بشأن الموافقة على المقترح.. إلا أن حزب الأمة القومي أكد على عدم ثقته في عدم رفع تقرير مجلس الأمن والسلم الأفريقي الذي يحمل مقترح الآلية الأفريقية الرفيعة المستوي بشأن أبيي إلي جهل مجلس الأمن واستبعد الحزب في تعميم صحفي أن يتعاطف مجلس السلم الأفريقي مع الحكومة السودانية، محذراً من المواجهة بين السودان والاتحاد الأفريقي بسبب القضية ويقول القيادي بالحزب مسؤول العلاقات الخارجية والناطق الرسمي باسم الأمانة العامة السفير نجيب الخير إن النهج السليم لمعالجة ملف أبيي مع المستوي الأفريقي لاستيعاب تحفظات السودان على آليات وإحداق التوازن اللازم في مقترحات الآلية رفيعة المستوي. نقلاً عن صحيفة السوداني 6/12/2012م