الاستعداد الذي أبداه الرئيس المصري محمد مرسي للتوسط بين الخرطوموجوبا. خلال لقائه مساعد الرئيس السوداني عبد الرحمن الصادق المهدي في العاصمة المصرية القاهرة مؤخراً ، يعتبره المراقبون مؤشراً جيداً يسهم بشكل تكبر في حلحلة ما تبقى من قضايا بين دولتي السودان ، فمصر الثورة بالتأكيد هي غير مصر مبارك التي أسهمت بشكل كبير في انفصال الجنوب عن السودان كما صرح بذلك المصري خبير القانون الدولي بروفسيور عبد الله الاشعل ، فلقاء مرسي بمساعد البشير الأخير بحث تطورات المحادثات الجارية بين الخرطوموجوبا حول عدد من القضايا ورؤية الحكومة لحلها. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي، إن مرسي أكد التزام بلاده الواضح بتقديم كافة أوجه الدعم الممكنة للخرطوم لمساندتها في هذه المرحلة، وكذلك الإسهام في حل القضايا العالقة مع جوبا. وأكد الرئيس مرسي التزام مصر الواضح بتقديم كافة أوجه الدعم الممكنة للسودان لمساندته فى هذه المرحلة، مشيرا إلى الإمكانات الواعدة التي من شأنها إعطاء دفعة للعلاقات بين الجانبين. كما أبدى الرئيس محمد مرسي استعداد مصر العمل مع السودان وجنوب السودان من أجل التوصل لتسوية شاملة لأي موضوعات متبقية. والمبادرة المصرية الأخيرة للتوسط بين الخرطوموجوبا لم تكن الأولى من نوعها ففي بدايات هذا العام جاء وزير الخارجية المصري محمد عمرو الخرطوم بعد زيارته لعاصمة الجنوبجوبا في مسعى من الحكومة المصرية حينها برئاسة المشير طنطاوي وبتكليف مباشر منه زار عمرو العاصمتان لتهدئة الأجواء بينها.ووقتها،أعلن وزير الخارجية المصري عن مبادرة مصرية لحل الأزمة الدائرة بين دولتي السودان وجنوب السودان هدفها إنهاء حالة الاحتقان المتصاعدة بينهما ووقف القتال.وأبدى الوزيرالمصري – وقتها - استعداد مصر لاستضافة جولات للتفاوض بين البلدين لإنهاء القضايا المتبقية بينهما.ونوه الوزير إلي الجهود التي بذلتها مصر فور اندلاع الأزمة داعيًا إلي وضع حل نهائي لمشكلة منطقة "أبيي" الحدودية النفطية وعقد قمة تفاوضية بين البلدين لإنهاء باقي القضايا، مشددا علي أن أمن السودان واستقراره جزء من الأمن القومي. وقبل تلك المبادرة في أواخر العام 2010 أي في الأيام الأخيرة لعهد مبارك طرحت مصر فكرة إقامة مشروع للشراكة بين شمال السودان وجنوبه، واقترحت المبادرة المصرية- التي جرى التشاور بشأنها مع ليبيا ودول عربية أخرى- قيام شراكة سياسية بين الشمال والجنوب، وتسوية المشاكل حول منطقة أبيي الغنية بالنفط، ومنطقة جنوب النوبة، ومناطق التماس بين الطرفين، ومعالجة مشاكل الرعي بين قبائل الدينكا والمسيرية العربية، ويحول دون حدوث توترات بين الجانبين في المستقبل. وتضمنت المقترحات المصرية شراكة نفطية واقتصادية تتيح للطرفين الاستفادة من ثروة الجنوب النفطية عبر قيام الشمال بنقل نفط الجنوب إلى الخارج من خلال أنبوب النفط المتجه إلى ميناء بورسودان، وأن يتقاسم الطرفان آبار النفط في أبيي، مما يهيئ الأجواء دون اشتعال الحرب الأهلية مجددًا. وكان وفد مصري رفيع المستوى ضم وزير الخارجية السابق أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات الراحل اللواء عمر سليمان قام حينها بزيارة للسودان التقى خلالها الرئيس عمر البشير، قبل أن ينتقل إلى الجنوب حيث التقى رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت وعددًا من قيادات الحركة في مدينة جوبا. لكن المبادرة المصرية لم يكتب لها النجاح كما يقول السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق ، بسبب تصاعد التدخلات الدولية، وتمتع الجنوبيين بدعم دولي جعلهم لا يرحبون بإيجاد شراكة سياسية واقتصادية مع الشمال وتفضيلهم البحث في هذه الشراكة بعد الحصول على الانفصال، وخوض المفاوضات بشيء من الندية مع الخرطوم. وأعرب الأشعل حينها عن اعتقاده بأن التحرك المصري حينها هدف إلى تقديم إشارات للرأي العام الداخلي بأن مصر تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على وحدة السودان، لكنها تصطدم برغبة عارمة من الطرفين تسير نحو الانفصال. عموما مهما كثرت المبادرات المصرية حول السودان أو قلت فإن العلاقة النظامين في كل من مصر والسودان ستبقى تحت مجهر مكبر من القوي المعارضة في البلدين ومن المجتمع الدولي لرصد أي مخالفات ليتم التشهير بها, ويبقي أن العلاقة بين البلدين ستظل مرهونة بالحراك الديمقراطي داخلهما, وفي مدي وجود نظم حكم تعبر عن إرادة ومصالح الشعبين, وفضلا عن ذلك وجود إرادة لتجاوز أخطاء الماضي وعقبات الحاضر.