الإعلان الذي أبداه المؤتمر الوطني،وقضى بفصل فرح عقار القيادي بالحزب ومرشحه السابق لمنصب والي النيل الأزرق في الانتخابات الأخيرة، فصلاً نهائياً لخروجه عن المبادئ الأساسية للوطني، إضافةً لتبنيه أفكار المعارضة.يترك الباب موارباً أمام الباحثين والمنقبين عن سيرة الرجل الذي أثار جدلا كثيفاً الشهور الماضية. فتقرير لجنة المحاسبة برئاسة المهندس حامد صديق أمين التنظيم بالحزب ، جاء حاويا لحيثيات الفصل الأمر الذي جعل المكتب القيادي للوطني في اجتماعه الأخير يؤمن على قرار اللجنة بفصل عقار وتم إبلاغه القرار. وضمت لجنة من المؤتمر الوطني تم تشكيلها كلاً من حامد صديق وخليل عبد الله وبدرية سليمان، استجوبت القيادي بالحزب فرح العقار بشأن مبادرته التي كشفت عنها من قبل، ودعا فيها صراحةً إلى إيجاد اتفاق مع قطاع الشمال بفترة انتقالية محددة على أن تلتزم الأممالمتحدة بتحويل جيش قطاع الشمال، وأن تلتزم حكومة السودان بتحويل القوات المسلحة بالمنطقة، على غرار ما ورد في نيفاشا.وقال المهندس حامد صديق إن فصل عقار تم بعد أن ثبت للجنة خروجه عن مبادئ الحزب وطرحه لأفكار معارضة يسعى لخلق رأي حولها، بجانب نشاطه خارج الأطر التنظيمية والمؤسسية بالوطني، وأضاف بأن اللجنة سبق واستدعته وعرضت له الاتهامات وعلق عليها، وأكد حامد أن اللجنة ثبت لها أن ممارسة عقار ونشاطاته تدعو بصورة واضحة لتأييد المعارضة، وأشار إلى تحذيرات عديدة للرجل لكنه استمر في نشاطه. وأوضح أن اللجنة ثبت لها أيضاً عمل عقار ضد القرارات التي يتم اتخاذها داخل أجهزة الحزب، لكنه قال إن النظام الأساسي للحزب يسمح للرجل باستئناف القرار خلال أسبوعين حالة شعوره بالظلم جراء القرار. وفي سبتمبر الماضي طرح القيادي فرح عقار مبادرة لحل النزاع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة، ونصت المبادرة في المبادئ العامة لاقتسام السلطة على ضرورة الاتفاق على الحكم الذاتي لتلك المناطق ودعت الطرفين الحكومة وقطاع الشمال إلى وقف إطلاق النار، وأشارت إلى أن مدة وقف إطلاق النار تنقسم إلى أربع مراحل في المرحلة الأولى ما قبل الانتقالية يتم فيها إعادة نشر القوات بالولايتين إلى جانب إعادة نشر قوات الجيش الشعبي قطاع الشمال في الولايتين تحت مراقبة الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي.فيما تبدأ المرحلة الثانية التي مدتها ثلاثون شهرًا يتم فيها استكمال نشر القوات بين الجانبين تبدأ فيها المفاوضات بالتقليص النسبي للقوات من الجانبين والتي تستمر إلى المرحلة الثالثة، وفي المرحلة الرابعة يتم تشكيل جيش قومي للسودان بعد مراجعة تنفيذ المراحل السابقة. واقترحت المبادرة الفصل بين القوات، حيث أشارت إلى تجميع القوات المسلحة شمال الولايتين وتجميع قوات الجيش الشعبي جنوب الولايتين مع تحديد المناطق الفاصلة بينهما في كلا الولايتين إضافة إلى توفير خرائط تبيِّن مواقع الجيشين. وحول تمويل الجيشين حددت المبادرة خلال الفترة الانتقالية يتم تمويل القوات المسلحة من قبل الحكومة على أن يتم تمويل الجيش الشعبي قطاع الشمال من الأممالمتحدة بدلاً من تمويله من قبل دولة الجنوب. ووقتها رفض الوطني مبادرة فرح إلا ان مراقبين اعتبروا رفض المؤتمر الوطني للمبادرة – حينها - جاء من واقع تحفظه على الكثير من البنود التي حوتها وأبرزها تطبيق الحكم الذاتي وتمويل الجيش الشعبي من الأممالمتحدة ،وارجع المراقبون رفض الوطني للمبادرة الى جملة من الأسباب منها: ان ما جاء في المبادرة يبدو ذو صلة ولا يختلف عن طرح الوالي المقال مالك عقار، بالإضافة الى ذلك خالف الدكتور توجهات الحزب والحكومة التي ترفض الاعتراف بقطاع الشمال ولا تريد التفاوض معه، والدكتور اعترف بهذا القطاع، كما ان الإشارة الى الحكم الذاتي التي جاءت في المبادرة أثارت حفيظة الكثير من أعضاء القطاع الذين يعتبرون طرح هذا الأمر يحدث تشويشاً على المفاوضات الجارية باديس ابابا ، وربما تحول الأمر إلى مطلب شعبي في الولايتين وهذا اذا حدث يعتبره البعض مقدمة لانفصال مستقبلي للمنطقتين.بجانب أن أنباء تواترت حينها عن رغبة الحركة الشعبية قطاع الشمال بتضمين الدكتور فرح عقار ضمن وفدها الذي يمثل أهل المصلحة للمشاركة في المفاوضات ،مرجحا ان يكون هذا الأمر احد أسباب رفض المبادرة. إذا فإن الرجل (فرح عقار) تبنى مقترحاً وصفه ب (القبيح جداً) بشأن منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان دون الرجوع فيه لأجهزة الحزب أو مناقشته داخل الأطر التنظيمية، كما طرح تقرير المصير للمنطقتين، وأن تكون الفرقتين (9 و10) بالمنطقتين جيشاً تصرف عليه الحكومة، فعقار تبنى رأياً قبيحاً لا تطرحه المعارضة ولا الحركة الشعبية قطاع الشمال نفسها، وبجانب ذلك فقد سعى عقار في اجتماعات عديدة وإفطارات وندوات ولقاءات بقيادات أهلية لخلق رأي حول المقترح، وفصل عقار يبدو أنه رسالة من قطاع التنظيم بالوطني لكبح الخارجين عن الخط، وهي رسالة مباشرة لقادة الولايات والمركز للكف عن التأثير السالب على مجريات الحزب وتقوية المؤسسات.