تصاعد السجال الحاد بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وتحالف المعارضة عقب الميثاق الجديد للأخيرة الذي تعهدت فيه بإسقاط النظام مما ينذر بمزيد من الخلافات بين الطرفين بشأن عدد من القضايا في مقدمتها الدستور الجديد. ورغم تبرؤ حزبي الأمة القومي والمؤتمر الشعبي المعارضين -أو على الأقل تراجعهما- عن تأييد الميثاق الذي يؤيد صراحة فصل الدين عن الدولة في مسودة الدستور الجديد الذي يجري الإعداد له، يرى مسؤولون حكوميون ضرورة مواجهة المعارضة مجتمعة وليس بعضها. وبدا أن أطراف الأزمة هذه المرة عازمون على الدخول مباشرة في حلبة صراع لا يخرج منها الفائز منتصرا، حسب مراقبين سياسيين. مولود مشوه فالمؤتمر الوطني وصف الميثاق بالمولود المشوه الذي لا تتوفر له فرص الحياة، مشيرا إلى أن الميثاق انتقل بعدائه من المؤتمر الوطني إلى معاداة الدولة "بما احتواه من تفكيك للقضاء والجيش والخدمة المدنية". وقال عبر رئيس قطاع تنظيمه حامد صديق للصحفيين "إن الميثاق حمل مشروعا صهيونيا واضحا"، معتبرا أنه جمع بين "سوءات العنصرية والصهيونية والقبلية والتفرقة الجهوية". بينما اختار حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي وصف الميثاق بالمترهل، ودعا في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إلى الحوار لتوحيد الرؤى الوطنية للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد. المحلل السياسي فيصل محمد صالح اعتبر أن الميثاق قد يفتح الباب أمام تجريم الأحزاب وجعله ذريعة لاتخاذ إجراءات قانونية ضدها. وقال للجزيرة نت إن معارضة الداخل تبني نشاطها على إسقاط النظام بالطرق السلمية قبل توقيع الوثيقة، "لكن الجديد فى الميثاق هو توحيد الرؤى مع الحركات المسلحة التي تسعى لإسقاط النظام عبر العمل العسكري المسلح". وتوقع لجوء الحكومة إلى تجديد الدعوة لحوار شامل مع أحزاب المعارضة، مشيرا إلى حوارات سابقة أجرتها الحكومة مع حركات ممسكة بالسلاح ولم تتنازل عنه حتى بعد التوصل معها إلى اتفاق، "مثل حركة التحرير والعدالة بدارفور". لكنه استبعد الانتقال للحوار في المرحلة الحالية "لوجود تنافر كبير بين أطراف "اللعبة السياسية السودانية". إفلاس سياسي أما أستاذ الدراسات الإنمائية والسياسية الحاج حمد فاشار إلى ما أسماه بالإفلاس السياسي، ووصف موقف الحكومة بالمتهيب من سيادة حكم القانون. ويرى في تعليقه للجزيرة نت أن تخوف المؤتمر الوطني يحول كل مؤسسات الدولة الرسمية والحزبية لأجهزة قمعية ترفض الاعتراف بالآخر. ويقول إن هامش حريات المعارضة ينعدم في ظل نظام يرفض ما يعترف به هو نفسه، مشيرا إلى عدم امتلاك الحكومة "لمبادرة تفتح بموجبها بابا للحوار حول قضايا الوطن الكبرى". ويعتقد الحاج حمد بفشل الحكومة في إدارة الأزمة السودانية "بل تتنظر حلولا خارجية لقضاياها المختلفة"، مضيفا أن العجز في تعديل الأوضاع السودانية "حول بعض أجهزة الدولة الرسمية لجهاز أمن لمطاردة الآخر". وتوقع حمد مزيدا من الخلافات في المرحلة المقبلة قبل لجوء كل الأطراف للحوار "لكن بعد كثير من الأزمات والنزاعات"، حسب قوله. المصدر: الجزيرة نت 10/1/2013م