لا شك في أن الإمكانيات والقدرات والفترة القياسية التي تمكنت من خلالها شرطة دبي من كشف تفاصيل الجريمة الدنيئة لاغتيال الشهيد محمود المبحوح ثم إعلانها لتلك التفاصيل بالأسماء والصور وتسجيل كاميرات المراقبة دونما خوف أو رضوخ لضغوط أو تهديدات أو أي نوع من الابتزازات التي يمكن أن تخضع لها بكل سهولة غيرها من العواصم المعروفة.. كل ذلك يبقى محل إشادة وإعجاب بسلطات دبي وموقفها الرائع في الدفاع عن سيادة أراضيها وعدم رضاها بأن تكون دبي ساحة للموساد وعملائه يعيثون فيها خراباً واغتيالا. إن ما أقدمت عليه السلطات في دبي إنما هو موقف مبدئي وسيادي ينم عن مقدار ما يتمتع به القائمون على أمن دبي من حسّ وطني وإخلاص لعروبتهم وأمتهم ينبغي أن يتناقله الجميع بإعجاب وافتخار وأن تحذو حذوها بعض أنظمة الحكم في الدول العربية والإسلامية، فضلاً عن السلطة الفلسطينية الرابضة في رام الله ممن فتحت أراضيها وسماءها وأجوائها للموساد ومثله من أجهزة الاستخبارات العميلة ترصد مواطنيها كيفما شاءت وتعتقل منهم من تريد وتلاحق من تشاء من غير وضع أي اعتبار لسلطة وسيادة دولة كان يُفترض فيها حماية مواطنيها والدفاع عنهم وإعزاز قيمتهم ورفع شأنهم بدلاً من تركهم سبايا ينهش ويغتال ويعتقل فيهم الموساد وعملائه بالطريقة التي يريدها. بل بعض الدول العربية تذهب إلى أبعد مما يريد الكيان الصهيوني فتقدّم له خدمات مجانية ربما لم يطلبها ولم يفكّر فيها! جرأة السلطات في دبي خلطت أوراق الموساد وأزعجت العملاء والخونة والمتواطئين. غير أن الدرس البليغ من جريمة الموساد في دبي ينبغي توجيهه إلى الأصوات والرغبات التي باتت تتسابق خلال السنوات القليلة الماضية للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب وتتمنى له فتح مكاتب وملحقيات وسفارات في بلاد العروبة والإسلام، ومنها دول الخليج العربي، وتنتظر بشوق شديد تلك اللحظات التي تطأ فيها أقدام الصهاينة عواصمنا ومدننا وتلوّثها أياديهم الملطّخة بدماء وأشلاء إخواننا الفلسطينيين، وقد غدروا بالسلطات وتجرأوا على ارتكاب جريمتهم وهم موجودون خارج حدودها؛ فكيف سيكون عليه حالهم حينذاك؟ حينما تُفتح لهم البلدان وتُشرّع لهم مختلف المجالات ويكون وجودهم علني ورسمي، حينما يجري التطبيع معهم؟! المصدر: اخبار الخليج 23/2/2010