بعد عام من توقيع اتفاق الدوحة لحسن النوايا في فبراير 2009، الذي ركز على بناء الثقة والقضايا الانسانية، وقعت الحكومة و»حركة العدل والمساواة» ليل أمس على الاتفاق الاطاري الذي مهره بالأحرف الاولى مستشار الرئيس ومسؤول ملف دارفور الدكتور غازي صلاح الدين، وزعيم «حركة العدل» الدكتور خليل ابراهيم، في انجمينا السبت الماضي. ويشتمل الاتفاق على اقتسام السلطة وينص في بنده الثالث على مشاركة «حركة العدول والمساواة» في «كافة مستويات السلطة «التنفيذية والتشريعية. . . » حسب معايير يحددها الطرفان لاحقا»، وفي البند الرابع يشير الاتفاق الى ضرورة ان تؤسس حركة العدل والمساواة «حزبا سياسيا عند التوقيع على الاتفاق النهائي بين الطرفين»، وفي بنده الاول ينص الاتفاق على وقف اطلاق النار، وفتح «مباحثات فورية من اجل التوصل الى اتفاق حول تطبيقه». كما ينص على دمج مقاتلي حركة التمرد في وحدات الجيش والشرطة، والافراج عن اسرى الحرب والعفو عن مدنيي وعسكريي «حركة العدل والمساواة»، كذلك ينص الاتفاق على تعويض النازحين وتنمية دارفور والبحث في اقتسام الثروات. وينتظر أن يخلص الطرفان الى اتفاق نهائي يعلن في الخامس عشر من مارس القادم، وتحدد وثيقة انجمينا شروط المفاوضات التي من المقرر أن تنطلق في الدوحة اليوم، وتستمر ثلاثة أسابيع، وقال كبير مفاوضي «حركة العدل والمساواة» أحمد تقد لرويترز «نعمل من أجل الوفاء بمهلة 15 مارس لكن ذلك ليس مطلبا في حد ذاته». ويرى أحمد تقد ، ان الأمر لا يتعلق بالحصول على وظائف حكومية لقادة ومقاتلي الحركة، مشيراً الى أنهم يمثلون شعب دارفور، وأن هذه مرحلة جديدة لمشاركة مواطني دارفور، واشار تقد الى ان الاتفاق الجديد سيكون له تأثير على وضع رئيس «حركة تحرير السودان» مني اركو مناوي في رئاسة الجمهورية، ورئاسة السلطة الانتقالية لدارفور،مؤكداً ان مناوي لن تكون له الكلمة العليا، لافتا الى أن حركته ستدفع باتجاه تأجيل الانتخابات في اطار مفاوضات اقتسام السلطة، وتقول الحركة ومتمردون آخرون، ان اجراء انتخابات سيكون أمراً هزلياً في ظل وجود الصراع. لكن اتفاق الدوحة رغم اهميته باعتباره مع أكبر حركات دارفور المسلحة الا ان هناك فصائل لا تزال خارجه ويمكن ان تنضم المجموعات التي أعلنت رسميا توحدها في قطر امس الى عملية السلام وتوقع اتفاقا اطاريا منفصلا خلال ايام، الا ان «حركة /جيش تحرير السودان» التي يقودها عبد الواحد نور ترفض الانضمام الى عملية السلام،ويبدو ان تعنت نور دفع قيادات قبيلته «الفور» الى التحرك وعقدت لقاء في اديس ابابا ثم الخرطوم،وتعتقد القبيلة انها خاسرة من وضع نور الجامد ،ويتوقع ان يشكل تحركها ضغطا على حركته اما دفعها الى السلام او تجاوزت نور بعد تململ قيادات ميدانية ،ولم يكن المبعوث الرئاسي الاميركي الى السودان سكوت غرايشن بعيدا عن ذلك. واعتبر الخبير والمحلل السياسي الدكتور الطيب زين العابدين، الاتفاق خطوة متقدمة مقارنة بالاتفاقات التي تمت بين الحكومة وبعض الحركات المسلحة في دارفور، مثمنا «الدور الكبير للرئيس التشادي ادريس ديبي»، وقال ان الحكومة التشادية أثبتت أن الخرطوم كانت مخطئة في حساباتها مبرهنة أنها «تشاد» من أهم العناصر المساعدة في معالجة أزمة الاقليم. ولم يستبعد زين العابدين «تلقي حركة العدل والمساواة بعض الوعود الخاصة بتقاسم الثروة والسلطة، رغم أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم لم يتحقق من مصيره في الانتخابات المقبلة». وتوقع أن يعمل المؤتمر الوطني على تعديل بعض القوانين لاستيعاب عناصر من العدل والمساواة في بعض مستويات الحكم المختلفة دون المساس باتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب، كما توقع أن يتسبب الاتفاق في عزلة عبد الواحد محمد نور، مشيرا الى أن «كثيرا من مطالبه باتت محل تفاوض من قبل الحكومة والحركات الأخرى بما فيها العدل والمساواة». ولم يستبعد زين العابدين علم فرنسا بالاتفاق. وقال انه «لا يمكن لادريس ديبي أن يتحرك دون معرفة أو ابلاغ باريس بكافة خطوات التفاوض والاتفاق». كما اعتبر الخبير والمحلل السياسي الدكتور حسن مكي انه على الرغم من انه اتفاق سوداني تشادي على حسم الأمور في المنطقة، فانه يبدو مدعوما من ليبيا وفرنسا بشكل كبير. ولم يستبعد مكي أن يكون الرئيس التشادي «مارس ضغطا كبيرا على رئيس «حركة العدل والمساواة «الذي يعاني من ضغط على أربع جهات، سياسي وعسكري وأسري «في اشارة الى وجود أكثر من أخ له في السجن بالخرطوم محكوم عليهم بالاعدام» ودولي». وأشار الى تخوف تشاد من استمرار الحرب في شرقها بعد انسحاب القوات الأوروبية يوم 15 مارس المقبل، معتبرا أنها «رمت بكل ثقلها لحسم القضية ومعالجة خلافاتها مع السودان». وتوقع مكي مباركة فرنسا وبعض الدول ذات المصالح الهامة في المنطقة للاتفاق، مبررا ذلك «بأن حروب المنطقة أصبحت من المهددات الرئيسية لكافة المصالح الدولية بها وحولها»، لكنه لم يستبعد «شعور زعيم العدل والمساواة بضعف المناصرة الداخلية، الأمر الذي يقلل من فرص خياراته كقائد سياسي وعسكري». وقال مكي ان «مصلحة الحكومة التشادية تتمثل في الوصول الى سلام شامل مع السودان لأن الطرفين يدركان أن الصراع بينهما قد يقود الى زعزعة المنطقة بكاملها وبالتالي لن يتمكنا من العيش بسلام». ويفتح اتفاق الدوحة الباب امام المطالب بتأجيل الانتخابات في دارفور او على الاقل التشريعية،وبدأ هذه المطالب زعيم حزب الامة الصادق المهدي عقب لقائه النائب الاول،رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت امس الاول، حيث يرى ان التوصل الى اتفاق سلام في دارفور يقتضي ارجاء الانتخابات،وهو مطلب تؤيده فصائل دارفور والقوى السياسية في الاقليم التي لديها تحفظات على نتائج التعداد السكاني،واذا ارجأت الانتخابات في ولاية جنوب كردفان لانسحاب «الحركة الشعبية» منها وتشكيكها في نتائج الاحصاء، فيبدو مطلب تأجيلها في دارفور منطقيا خصوصا ان الناخبين هناك يشكلون ربع عدد المسجلين،لأنه لا يمكن أن تدخل حركات دارفور المنافسة الانتخابية حتى حال توقيعها اتفاق سلام لان ذلك سيكون قبل اسبوعين من بدء عملية الاقتراع. وحتى المؤتمر الوطني لا يرفض الحديث عن تأجيل الانتخابات في دارفور، فقد قال الدكتور غازي صلاح الدين في حديث بثه التلفزيون الاحد الماضي ، ان الانتخابات الرئاسية، يمكن أن تقوم في موعدها، وكذا انتخابات الولاة، وأن «حركة العدل والمساواة» يمكن أن تُعوّض بمناصب عن طريق التعيين الرئاسي وزراء في الحكومة الاتحادية، وحكومات الولايات، وأن الانتخابات البرلمانية يمكن أن تؤجل في دارفور. ويعكس حديث غازي ان فوز حزبه حسب رأيه امر مفروغ منه لذا لم يبخل في بذل الوعود لكسب حلفائه الجدد في الحكومة المنتخبة،لأن حركة خليل حال توقيعها اتفاق سلام نهائي سيكون مع حلول موعد الانتخابات، وان اشراكها في السلطة لن يكون قبل مايو المقبل،ويبدو ان خليل الذي وصل الى الخرطوم في مايو 2009 عبر «الذراع الطويلة» عابرا اكثر من 1200 كيلومتر من ام جرس في تشاد الى ام درمان،سيصل العاصمة هذه المرة في مايو 2010 ولكن عبر مطار الخرطوم. نقلا عن صحيفة الصحافة السودانية 24/2/2010م