هل شرعية الصناديق في الدول الديمقراطية العريقة تختزل وتختصر النظام وتعطي للرئيس أو الحزب صاحب الأغلبية أو ائتلاف الأحزاب الفائزة شرعية اتخاذ ما يراه من قرارات سياسية أو قوانين, قد تعصف بجوهر القيم والقواعد الديمقراطية التي تنظم العلاقات السياسية والقانونية بين المواطنين وبين الدولة؟ هل حصول رئيس منتخب علي الأغلبية في حدودها الدنيا علي منافسه تعطيه الحق في إعادة تشكيل الدولة وفق أهوائه الإيديولوجية أو الدينية أو المذهبية؟ هل الدولة ككيان كلي, بسلطاتها وأجهزتها ومؤسساتها السياسية هي رهينة قاعدة رجل واحد.. صوت واحد.. أو امرأة/ رجل واحد.. صوت واحد زائعة الصيت كأيقونة تحمل في أعطافها محمولات الديمقراطية وقيمها وثقافتها أم أنها رمزا علي الجانب الإجرائي فقط؟ هل الدولة وطبيعتها تخضع لآليات الصندوق, ومن ثم يمكن تغييرها في ضوء من الذي يحصل علي الأغلبية في الانتخابات العامة, ومن ثم تتحدد طبيعة الدولة مدنية أو إسلامية أو سنية أو شيعية أو مسيحية أرثوذكسية أو بروتستانتية أم كاثوليكية وفق الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية أو وفق ديانة ومذهب رئيس الجمهورية؟ هل المجتمعات المتعددة الأديان يتم اختزالها في دولة الأغلبية الدينية أو المذهبية, ويتم إقصاء ذوي الديانات والمذاهب الأخري لصالح ديانة ومذهب الأكثرية؟ هل يقتصر دور الأقلية علي دور الكومبارس أو الديكور السياسي من خلال نظام التعيينات داخل البرلمان كما كان يحدث في ظل النظام الدستوري المختل طيلة تطور سلطة يوليو1952, الذي أتاح لرئيس الجمهورية الحق في تعيين عشرة أشخاص تحولوا في نهاية الأمر إلي اختيار بضعة أقباط لاستكمال الديكور السياسي؟ هل يقتصر الإسلام فقط علي مذهب أهل السنة والجماعة أم أن المواطن المصري الشيعي أو الأباطي.. إلخ له ذات حقوق المواطنة مثله مثل المواطنين الآخرين من أمثالنا من أهل السنة والجماعة من الحنفية أو الشافعية أو المالكية أو الحنبلية؟ هل يرتب الانتماء العرقي تمييزا للبعض علي البعض الآخر بناء علي التهميش التاريخي المستمر لأهالي النوبة أو الصعايدة أو بعض من ينتسبون تاريخيا إلي العرق الأمازيغي في واحة سيوة مثلا؟ هل الحالة البدوية ترتب تمييزا ضدهم في تركيبة النظام السياسي, أو القانوني في مجال المواطنة ويظلون مجرد رعايا لا مواطنين في الدولة الديمقراطية الحديثة أيا كان شكل نظامها السياسي وأطرها الإجرائية والموضوعية التي تنظم الحقوق وتفرض الواجبات علي المواطنين؟ هل الشرعية السياسية تعادل وتكافئ الشرعية الإجرائية أي شرعية صناديق الاقتراع وفق التعبير الشائع؟. هل صندوق الاقتراع يعطي لرئيس الجمهورية السلطة وفق معناها الموضوعي وضوابطها الإجرائية وروادعها الدستورية والسياسية إصدار بيانات دستورية لا يملك أصلا وفق التقاليد الدستورية المصرية والمقارنة علي المستوي الدولي أن يصدرها؟. كيف من أصدر قرارات هي والعدم سواء وفق الرأي الأكثر رجحانا في الفقه الدستوري المصري والمقارن أن يستخدم العدم أداة لشرعية إجراءات- هي وجه هذا العدم أو صورته- ليؤسس كيانا دستوريا وسياسيا ويتصور إمكانية استمراريته وحياته السياسية في بلد منقسم علي عديد المستويات؟ هل يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال سياسة نيو ليبرالية كان يطبقها رجال أعمال لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل؟ هل التغيير السياسي يتمثل فقط في إحلال كبار تجار وكومبرادور الإخوان المسلمين وبعض السلفيين بديلا عما كانوا يسمون مجازا برجال الأعمال؟.هل الشراكات الجديدة هي تداخل كلا الطرفين من الكومبرادور الإخواني, ورجال بيزنس لجنة السياسات المأسوف عليها في مشروعات الآخرين, وإطلاق سراح بعض من نهبوا المال العام المصري طيلة حكم الرئيس السابق؟. هل الاستيراد والتجارة في معانيها السوقية البسيطة يمكن أن تشكل نموذجا للتنمية في مصر بديلا عن الصناعة والتصنيع الزراعي والصناعات الصغيرة.. إلخ؟.هل الاختلاف الديني بين بعض رجال الأعمال يؤدي إلي اتخاذ إجراءات سياسية/ دينية ضدهم, ويؤدي إلي تفاقم أزمة الاقتصاد المصري, وتراجع البورصة؟. من الذي يتخذ القرار السياسي في مصر ويؤثر علي عديد الجهات والمستويات في الدولة والمجتمع؟ هل الجماعة الناخبة اختارت رئيس الجمهورية أم أنها اختارت جماعة الإخوان, ومكتب الإرشاد.. إلخ؟ أو بعض عناصر القوة داخل هيكلها القيادي العتيد؟ من الذي يصنع القرار؟ من يحاسب من النواحي السياسية والدستورية والقانونية إذا ما حدثت أخطاء فادحة أثرت علي الدولة وسلطاتها وهيبتها الضائعة وعلي سريان عمل مؤسساتها, وإصابتها بأعطاب هيكلية حادة كما نري؟ من نحاسب؟. هل لا يزال الأمن مختصرا في الآلة القمعية, والرصاص والغاز المسيل للدموع والهراوات فقط؟ هل يحل القمع بديلا عن السياسة؟ لماذا تستمر فكرة أن الأمن فقط هو السياسي, وهو قمع التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات السلمية؟.هل يتصور بعضهم أن معارك الشوارع بين الأمن والشباب والصبية, وبعض العصب السياسية التي تشارك في قمع المتظاهرين أن القوة والعنف سيكون حكرا علي طرف دون الآخر في مصر؟.هل قرأوا تجارب العنف والحروب الأهلية كيف بدأت وكيف انتهت في المنطقة وفي العالم؟. هل يتصور بعضهم أن هيبة النظام أو الجماعة أو الحزب ترتبط فقط برفع الشعار والرمز الديني لستر المصالح السلطوية والسياسية الدهرية؟. ألا ينظر بعضهم لسوء ممارساته السياسية ما بعد الانتفاضة الثورية, ويري كيف تتفكك عري روابط الديني بالسياسي لدي غالب المواطنين؟. ألا يروا كيف ينظر المواطن الآن إلي شعاراتهم الدينية والسياسية؟. لماذا لا تنظروا وراءكم وحولكم وأمامكم؟. لماذا لا يبحث بعض من يهمه الأمر في هذا الفشل الذريع في إدارة شئون الدولة والمجتمع؟. مصر تحتاج الآن إلي الأسئلة لا إلي إجابات فارغة علي أسئلة قديمة؟ أو كلاشيهات وشعارات خشبية جوفاء يرفعها كل الأطراف المتصارعة علي جسد الدولة الواهنة.. رجل الشرق الأوسط المريض جدا جدا؟ المصدر: الأهرام المصرية 7/3/2013م