يبدو أن الرئيس البشير في طريقه لأن يغادر كرسيه الرئاسي في القصر مع الانتخابات المقبلة بعد عامين على الأكثر وقتها، ستتحول عبارة (الرئيس البشير) التي ظلت تتردد لنحو ربع قرن من الزمان، إلى عبارة (الرئيس السابق البشير)، الأمر الذي يفتح الأبواب أمام الكثير من الاحتمالات والمفاجآت. البشير الذي كان رئساً لنادي كوبر الرياضي قبل الإنقاذ، يتوقع أن يصبح بعد تخليه عن الرئاسة، رئيساً لمنظمة تطوعية خيرية تجعله محل احترام وتقدير الجميع ملثلها هو الحال مع المشير عبد الرحمن سوار الذهب، للرئيس البشير تصريحات سابقة في هذا الخصوص. مناسبة كل ذلك، هو ما ذهب إليه الرئيس البشير في حواره مع رئيس تحرير (الشرق) القطرية جابر الحرمي من تأكيدات جديدة على أنه لن يترشح للرئاسة مجدداً، لافتاً إلي أن المداولات تجرى الآن داخل المؤتمر الوطني كليفية تقديم مرشحهم في منصب الرئاسة والذي سيكون بعد عامين بالضبط حيث ستجري الانتخابات ولديهم الخبرات والوقت الكافي لترتيب أوضاعهم، حيث سيتم في مؤتمر الحزب العام المقبل، انتخاب رئيس جديد للمؤتمر الوطني وسيكون هو المرشح باسم الحزب للرئاسة. وعندما سئل عن احتمال إصرار المؤتمر الوطني على ترشيحه مرة أخرى، قال الرئيس البشير بعبارات قاطعة، ومفردات لا تحمل التأويل: (لا .. ((كفاية)) نحن أمضينا كم وعشرين سنة وهي أكثر من كافية في ظروف السودان والناس يريدون دماء جديدة ودفعة جديدة كي تواصل المسيرة إن شاء الله). مغادرة الرئيس لسدة الحكم سيترك فراغاً كبيراً بالضرورة في الحزب والدولة، فإمكانات البشير القيادية الخاصة وقدراته الكبيرة في التواصل مع قطاعات الشعب كافة والمحبة التي يحظي بها في أوساط قطاعات عريضة من المواطنين ستجعل من مغادرته للرئاسة أمراً باعثاً للقلق، ومثيراً للمخاوف، ومن المؤكد أن أصواتاً كثيرة ستعلو في المسافة الزمنية الفاصلة من الآن وحتى الانتخابات المقبلة لإقناعه بالعدول عن قراره نسبة للظروف شديدة التعقيد التي تعيشها البلاد، خاصة وان الإجتماع الذي يحظي به البشير قلماً يتوافر في شخص غيره. وإن فلحت مثل هذه الأصوات المشفقة داخل الحزب في إجبار الرئيس على القبول بالترشيح في الانتخابات الفائتة رغم زهده في خوضها، فإن مهمتها ستكون عسيرة هذه المرة. فقد بات موقف الرئيس واضحاً من هذه المسألة قيما يبدو، ويجب على المؤتمر الوطني التعامل مع هذه الحقيقة بالجدية الكافية، كما يجب على القوى السياسية المختلفة وضع هذا المتغير الجديد في حساباتها، فعدم ترشح الرئيس البشير مرة أخرى، يعيطها فرصة أكبر في المنافسة الجديدة على الرئاسة، فلا يلوح في أفق الوطني، وحتى الوطن – إلي الآن على الأقل – مرشح محتمل بكاريزما وشعبية الرئيس البشير التي ستحسم أي انتخابات مقبلة من الجولة الأولي. ما يجدر التوقف عنده في حديث الرئيس البشير، هو تحديده بنفسه لميدان وتوقيت اعتزاله، وابتعاده عن الملعب الرئاسي رغم أنه في أفضل حالاته السياسية، ويستطيع مواصلة عطائه القديم، القديم، ولكنه قرر أمراً آخر. فالشعب السوداني ملول كما قال الرئيس نفسه ذات يوم. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 20/3/2013م