صيرورة وإجراء الانتخابات العامة في السودان في موعدها المحدد في أبريل القادم، تكتنفها العديد من المعوقات البنيوية، والمنعطفات الإجرائية الخطيرة.. فما لم تتنازل حركة العدل والمساواة عن شروطها التعجيزية.. وما لم تنضم بقية الحركات الدارفورية إلى قافلة مفاوضات السلام في الدوحة، وما لم ترتسم معايير النزاهة والتوازن في توزيع الفرص في وسائل الاتصال التي تمتلكها وتديرها الدولة فإن إجراء الانتخابات في موعدها سيمسى باعثاً على الاضطراب.. والاضراب.. والممانعة. لعل أول هذه المعوقات البنيوية التي تغتصب وتقف حائلاً دون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد هو الشروط التعجيزية التي اشترطتها حركة العدل والمساواة التي وقعت على الاتفاق الإطاري مع الحكومة السودانية الأسبوع الماضي.. إذ اشترطت الحركة أن تدخل المجموعات الدارفورية الأخرى غير الموقعة على اتفاق الدوحة الإطاري تحت مظلتها وتحت معطفها الجديد، كما دعت الآخرين للحاق بركب الحركة للوصول إلى سلام دارفور (دون غالب أو مغلوب). هذا الشرط، يعني ضمن ما يعني، أن تتوحد هذه الحركات مع حركة العدل والمساواة، والسؤال الآن إذا كان هناك ثمة توحيد أو توحد فلماذا لم يتم ذلك قبل بدء المفاوضات؟ يضاف إلى ذلك أن رئيس حركة العدل والمساواة الدكتور خليل إبراهيم وعد بالمشاركة في الانتخابات المقبلة حال تأجيلها وذلك لإتاحة الفرصة للنازحين واللاجئين للعودة إلى ديارهم والمشاركة في الاقتراع. ومن أهم المعوقات التي تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد مناهضة الحركات المتمردة لاتفاق الدوحة، مما يرسم أفقاً قاتماً في قيام الانتخابات في الموعد المبرم مسبقاً.. وللتدليل على ذلك أن حركة تحرير السودان فصيل عبدالواحد محمد النور الذي استمرأ البقاء في باريس بدأ في إجراء زعزعة للسلام في منطقة "جبل مرة"، ومن المؤكد أن عمليات الهجوم والهجوم المضاد بين الحركات غير الموقعة على الاتفاق – مهما كان صغر حجمها-فإنها تؤثر سلبا على عملية السلام في الإقليم، كما تشكل عائقاً على خلق بيئة ومناخ سلمي للاقتراع. كما أن شكوى الأحزاب المعارضة المتكررة، بأن عمليات تسجيل الناخبين، وتوزيع الفرص المتوازنة والمتساوية للمرشحين في وسائل الإعلام قد اكتنفتها سلبيات عديدة أهمها: عدم توزيع الفرص، والشفافية والنزاهة في عمليات التسجيل واستغلال أجهزة الدولة والميادين الرياضية لمصلحة الحزب الحاكم. اتفاق الدوحة الإطاري بين حركة العدل والمساواة والحكومة السودانية فتح أبواباً واسعة للسلام في إقليم دارفور، ولكنه يظل ضامراً وناقصاً ما لم تنضم بقية الحركات إلى مترو السلام الزائد السرعة، وحتى مع ركوب معظم الحركات المتمردة قطار مفاوضات الدوحة فإن إجراء الانتخابات في موعدها مع أنه يلبي استحقاقات سابقة وقعتها الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحقيق السلام الشامل في جنوب البلاد، إلا أنه في نفس الوقت يطرح تساؤلاً مشروعاً: كيف يتم إجراء الانتخابات في الأسابيع الستة المتبقية على إجرائها ولا يزال المفاوضون يناقشون قضايا اقتسام السلطة؟ ودوي إطلاق النار يتضرم في بعض بلدات الإقليم المعذبة بتعنت قادتها؟ ويا لهم من قادة! المصدر: الشرق القطرية 28/2/2010