تتواصل الاشادات الاقليمية والدولية بالنجاح المرموق الذي تحقق في الدوحة ، يوم الثلاثاء 23 فبراير، متجسدا في توقيع الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة على الاتفاق الاطاري للسلام بدارفور. ونقول إن الاختراق المهم في ملف قضية دارفور، والذي تسارعت حلقاته، عبر رعاية القيادة القطرية للمفاوضات في الدوحة، يمثل مكسبا سياسيا عظيما، لا شك في انه سيحدث تأثيرا كبيرا في مسارات العمل السياسي على الساحة السودانية في التوقيت الراهن. لقد شهد الجميع كيف ان اتفاق السلام الموقع في الدوحة قد استقطب الاهتمام اقليميا ودوليا، بشكل غير مسبوق. وعند استعراضنا بايجاز لأهم المعطيات المرتسمة في أفق الاهتمام الاقليمي والدولي بالشأن السوداني يمكننا قراءة النقاط التالية: أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاتفاق . وجاء في بيان للأمم المتحدة ان «الاتفاق يمثل خطوة مهمة باتجاه التوصل الى اتفاق سلام شامل بخصوص دارفور يعالج قضايا النزاع ومصادر القلق لكافة فئات الشعب في دارفور». من جانب آخر، جددت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي العاملة بدارفور (يوناميد) ترحيبها بالاتفاق. وأشارت الى ان الممثل الخاص لليوناميد ابراهيم قمباري الذي حضر مراسم التوقيع على الاتفاق بالدوحة قد أكد أن «الصراع في دارفور لا يمكن حله بالوسائل العسكرية، ولكن يمكن حله بالحوار البناء المفضي الى حلول سياسية شاملة لا تستثني أحدا من الجهات والأطراف ذات المصلحة في سلام دارفور». وفي القراءة لمجمل الاشادات الاقليمية والدولية التي ترجمت أهمية ما أنجز في منبر الدوحة نرصد تصريح الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي اشاد ب «الدور القطري الداعم للقضايا العربية والدور النشط الذي تقوم به دولة قطر بوصفها الرئيس الحالي للقمة العربية» ، اذقال موسى ان «الدور القطري نشيط للغاية في أكثر من موضوع على الصعيد العربي ولعل أبرزها ما حققته قطر مؤخرا على صعيد أزمة دارفور». وعلى المستوى الافريقي، فقد وصف ثامبو أمبيكي رئيس لجنة حكماء افريقيا الاتفاق بأنه «تطور وخطوة مهمة في حل قضية دارفور»، معربا عن أمله في أن تضم المفاوضات القادمة كل الحركات المسلحة حتى تلحق بعملية السلام. بموازاة ذلك، أشاد مجلس الأمن الدولي باتفاق السلام الموقع في الدوحة ودعا الى تطبيقه فورا. في هذا السياق، فإننا وعبر رصدنا لهذه النقاط الأساسية من منظومة حلقات الاشادة بانجاز «اتفاق سلام دارفور» الذي قامت فيه الوساطة القطرية بدور عظيم نستشف بأن هنالك اهتماما اقليميا ودوليا متعاظما بالشأن السوداني عموما والشأن الدارفوري خصوصا، لجهة الحرص الأكيد على استثمار هذه الفرصة التاريخية التي أتاحها منبر الدوحة بنجاحه في تقريب الشقة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة واعطاء دفعة قوية لمسيرة تحقيق السلام الشامل والمستدام في اقليم دارفور. ان القراءة المعمقة لاتفاق السلام الاطاري، تكشف عن حقيقة جوهرية لا خلاف بشأنها من قبل الفرقاء السودانيين، عبر حرصهم الأكيد على ايجاد معالجات مستدامة للنزاع المسلح في دارفور، تلك الحقيقة تقول بأن فرص الانجازات الكبيرة والتحولات التاريخية لا تتكرر. ففي التوقيت الراهن الذي يعقب التوقيع على «الاتفاق الاطاري للسلام بدارفور»، فإنه لا مجال ل «السباحة عكس التيار»، أو السماح بأي تقاعس أو تقصير من قبل أية حركة دارفورية، تجاه استكمال الحل الشامل والعادل لأزمة دارفور. ان التمعن في معطيات الحقائق السياسية الراهنة، التي تتعلق بملف قضية دارفور في اطار قضايا الشأن السوداني اجمالا، يحتشد بالكثير من العبر والدروس، فلا شك أن التهور الذي وصلت اليه الأوضاع الانسانية في الاقليم، منذ ان اشتعل النزاع المسلح هناك في فبراير 2003 وحتى الآن، لا يرضي احدا، وانه مهما تكن رؤية أطراف أزمة دارفور عبر التداعيات السياسية والأمنية والعسكرية السابقة للأحداث بالاقليم وما خلفته من مرارات في النفوس الا أنه لا مناص أمام جميع الأطراف المعنية بقضية دارفور من تحكيم العقل، والتسامي فوق الجراح لمصلحة المواطن الدارفوري البسيط بعد كل ما عاناه بسبب استمرار النزاع في الاقليم. نقول في السياق ذاته بأن الانجاز الضخم بكل المقاييس الذي تحقق في دوحة الخير الاسبوع الماضي، لا مجال للتفريط فيه أو التشكيك في أهميته، وكل ما نأمله، مع الجميع، هو أن تستمر روح التوافق الوطني بين الفرقاء السودانيين، فذلك وحده يمثل صمام الأمان لحماية مكتسبات سلام دارفور والذي يمثل - بالتأكيد - مكسبا عظيما ستنجم عنه تأثيرات عديدة ايجابية، على مستوى المشهد السياسي في السودان وأسئلته وتحدياته وتطلعاته، حاضرا ومستقبلا. المصدر: الوطن القطرية 2/3/2010