لم يكن أسم القائد محمد علي عبد الرحمن، الملقب بعلي كوشيب، متداولاً في وسائل الإعلام ولا بين القادة الذين لمعت أسماؤهم كثيراً إبان اندلاع الحرب في ولايات دارفور في بداية العام 2003م، ولم يكن للرجل فعل معروف إعلامياً في عملية إدارة المعركة الحربية التي شغلت وسائل الإعلام العالمية والمحلية بشكل غير مسبوق، حتى أصبح القاصي والداني لم بتفاصيل حرب دارفور. لكن لم يبق أسم الزعيم القبلي علي كوشيب متداولاً فقط على نطاق ضيق وسط قبيلته ومعارفه، ولم ينحبس الاسم في مسارات ومراحيل الذين يجوبون مناطق دارفور بحثاً عن الماء والكلأ، لأن الرجل أصبح مطلوباً دولياً بأمر المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق كوشيب الذي اتهمته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في بداية الحرب الأهلية في دارفور منذ عشر سنوات برئاسة لويس مورينو أوكامبو. والرجل أختفي عن الساحة طويلاً عقب مذكرات التوقيف التي صدرت في حقه، وربما يقول قائل: إن أسم كوشيب لم يتم تداوله في وسائل الإعلام المحلية ولا الغربية لوقت ليس بالقصير، بالرغم من المحاكمات التي واجهها بعد أن تم تشكيل محاكم دارفور داخلياً بعد قرار الرئيس عمر البشير الأشهر، الذي رفض فيه تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية بمن فيهم علي كوشيب. وحوكم الرجل أكثر من مرة في محاكم سودانية محلية، حيث تم اعتقاله من قبل السلطات السودانية مرتين، وأطلقت سراحه لعدم كفاية الأدلة. ويتحدر مساعد الشركة، علي كوشيب والذي يقارب عمره 70 عاماً من أب من قبيلة التعايشة غرب السودان، وأم من قبيلة الدينكا الجنوبية، حيث ولد بمنطقة دار صالح غرب السودان، وتنقل بحكم عله في القوات النظامية في الكثير من مناطق البلاد قبل أن يستقر بمنطقة قارسيا غرب دارفور، التي لمع فيها نجمه وأصبح مشهوراً فيها على نطاق واسع ليس في قارسيا فحسب، بل في كل ولاية غرب دارفور وجنوبها كذلك، خاصة تلك الأخيرة التي تزوج فيها امرأتين، وأنجب منهما العديد من الأبناء والبنات وهو متزوج 3 نساء. ربما كان القدر لا يريد لعلي كوشيب الاختفاء طويلاً من عالم السياسة والعمليات الحربية التي شهدتها ولايات دارفور لفترة امتدت لأكثر من عشرة أعوام عجاف، مثلت أسوأ أيام دارفور على وجه الإطلاق، وذلك لأن وسائل الإعلام المحلية والعالمية تسابقت – أمس – في نقل خبر مفاده أن كوشيب تعرض لإطلاق نار بقصد القتل من قبل ملثمين، وتحكي وسائل الإعلام أن المطلوب للمحكمة الجنائية نجا من موت محقق، بعد أن أطلقت تجاهه النار وقتل سائقه وحارسه الشخصي، ليعيد الحادث مشاهد ومعالم حرب دارفور، ودور محتمل لكوشيب فيها، ويعود الاسم إلى الذاكرة السياسية التي قارب الزمن على محوها من أجندة الجماهير. ربما يعمل ظهور اسم الرجل المطلوب دولياً – بعد طول غياب – في وسائل الإعلام في مدارات مختلفة، أولاها نفض الغبار عن المعارك الحربية التي دارت هناك قبل سنين عدداً، وصعود مطالب أهل دارفور التي تضمنتها التصالحات والعهود التي أدرجت في شكل اتفاقيات ووثائق، كما تشير بعض التحاليل إلى أن كوشيب بظهور اسمه مجدداً في مجريات الأحداث الحالية التي تجري في دارفور، ربما يعطي الأمر بعداً جديداً وتحدياً كبيراً للخارجين على نظام الخرطوم، لأنه يذكرهم بماض تليد لحرب دارفور قبل 10 أعوام أو تزيد. كذلك يشير الباحثون إلى إن الحدث ينعش ذاكرة المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم التي تزعم أن كوشيب ارتكبها في حق المدنيين الدارفوريين في تلك الفترة، وبالرغم من أن الحدث لا يعدو ان يكون حادثاً عادياً يمكن أن يتعرض له أي شخص يقطن تلك المناطق، إلا أن استهداف القيادات بدارفور يشعر الباقين بأن ثمة شيء يجعلهم يتحسسون مقاعدهم. حادثة اغتيال كوشيب الفاشلة أنعشت ذاكرة المجتمع والناس في دارفور ليتصدر أحد زعماء ما يعرف بالجنجويد مجدداً واجهة الأخبار ومقدمة المواقع الاسفيرية ليعود إلى دائرة الضوء بعد صمت طويلا لاذت به تلك المواقع لشهور طويلة. نقلاً عن صحيفة الخرطوم 9/7/2013م