توفي في الرياض أمس وعلى نحوٍ مفاجئ فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، عن عمرٍ ناهز ال 81 عاماً بعدما أصيب بأزمةٍ قلبية في مطار الرياض خلال توجهه إلى القاهرة عائداً بعيد مشاركته في حفل تسليم جوائز الملك فيصل العالمية، وتقرر أن يدفن في المدينةالمنورة بحسب ما أفادت مصادر إعلامية. وأعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أمس وفاة محمد سيد طنطاوي الإمام ال42 في تاريخ الأزهر، إحدى أكبر المؤسسات الإسلامية والدينية في العالم وأهمها تاريخياً، متأثراً بأزمة قلبية داهمته فجأةً في مطار العاصمة السعودية الرياض خلال توجهه إلى مصر عائداً بعيد تسلمه جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام. وأفادت الوكالة أن فضيلة شيخ الأزهر «وصل الثلاثاء إلى الرياض حيث حضر مساءً حفل توزيع جائزة الملك فيصل تحت رعاية العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز»، مضيفةً أنه «نقل على الفور إلى المستشفى حيث فاضت روحه إلى بارئها». وذكرت مصادر سعودية أن شيخ الأزهر سيدفن في المدينةالمنورة. وعلمت وكالة «يونايتد برس إنترناشونال» من مصادر في «مؤسسة الملك فيصل الخيرية» أن طنطاوي سيتم دفنه اليوم الخميس في مقابر البقيع في المدينةالمنورة. الأزهر ينعي ونعت مشيخة الأزهر إلى العالم الإسلامي طنطاوي في بيان قالت فيه: «فقدت الأمة الإسلامية والعربية علما من أجل علمائها وفقيها من فقهائها الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية». وأضاف البيان: «وكان الفقيد يرحمه الله تعالى مخلصا في عمله وفي علمه وفي كل ما من شأنه خير الإسلام والمسلمين وظل يعمل بكل طاقته حتى آخر نفس حيث انه كان في إحدى مهامه الدعوية المخلصة لوجه الله تعالى بالسعودية حيث وافته المنية قبل صعوده إلى سلم الطائرة التي كان من المفترض أن تقله عائداً إلى أرض الوطن». وأعلن وكيل الأزهر الشريف الدكتور محمد عبد العزيز واصل أن الشيخ طنطاوي سيدفن في البقيع في المدينةالمنورة «بناءً على رغبة أسرته». ومن جهته، أعرب البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن حزنه الشديد لوفاة طنطاوي، مشيرا إلى أن فقده «خسارة كبيرة لا تعوض حيث كان رحمه الله مجموعة من الفضائل». وقال شنودة إن شيخ الأزهر «كان له في قلبي محبة عميقة وكنت أعتبره أخا لي وصديقا وكنا نتفق معا في كثير من الآراء والمواقف ولا أجد عزاء في فراقه». وأثار شيخ الأزهر الكثير من الجدل بشأن بعض المواقف التي رأى الكثيرون فيها أنها طغت أكثر على الجانب العملي والعلمي في حياته. ورغم اختلاف بعض علماء الأزهر معه في الآراء إلا أنهم كانوا عادة ما يجدون أنفسهم مضطرين لدعمه. ففي العام 2003 تصدر اسم طنطاوي عناوين الصحف بعد أن أدلى برأيه في مسألة منع فرنسا للحجاب في المدارس عقب استقبال وزير الداخلية الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي. وقال طنطاوي حينها إن «من حق السلطات الفرنسية منع الحجاب في مدارسها ومؤسساتها الحكومية باعتبار الأمر شأناً داخلياً». كما أصدر في 2007 فتوى «جلد الصحافيين» عقب نشر أخبار تناولت صحة الرئيس حسني مبارك. ولم يكد الجدل يتوقف بعد هذه الفتوى إلا وتجدد مرة أخرى خريف العام 2008 بعد واقعة مصافحة طنطاوي للرئيس الإسرائيلي الحالي شمعون بيريز خلال مؤتمر لحوار الأديان في نيويورك. وغالباً ما كانت تساهم ردود طنطاوي على هذه الانتقادات في زيادة حدة الجدل والنقد الموجه له بعدما برر شيخ الأزهر هذه المصافحة بأنه «لا يعرف شكل بيريز». وأثار طنطاوي الجدل مرة أخرى العام الماضي بشأن النقاب الذي منع ارتداءه داخل الفصول الدراسية في معاهد الفتيات. سيرة ذاتية ولد شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي في 28 أكتوبر 1928 في قرية سليم الشرقية في محافظة سوهاج المصرية، وتعلم وحفظ القرآن في مدينة الإسكندرية. حصل الراحل على الدكتوراه في الحديث والتفسير العام 1966 بتقدير ممتاز، وعمل مدرساً في كلية أصول الدين، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة أربعة أعوام. كما عمل في المدينةالمنورة عميداً لكلية الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية. وشغل طنطاوي منصب مفتي الديار المصرية منذ شهر أكتوبر العام 1986. وفي العام 1996، عين شيخاً للأزهر بموجب مرسوم رئاسي صدر عن الرئيس حسني مبارك، خلفاً للإمام جاد الحق. وعرف عنه مواقفه المعتدلة وتأييده لحوار الأديان، في حين أثارت فتاويه في الكثير من الأحيان جدلاً واسعاً. وكان طنطاوي من أغزر علماء الأزهر علماً، وله العديد من الكتب يدرس بعضها في المعاهد الأزهرية الآن. الرئاسة الفلسطينية تنعي أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تعازيه للرئيس المصري حسني مبارك وللشعب المصري ومشيخة الأزهر في وفاة شيخ الأزهر. وأفاد عباس في بيان صحافي أن شيخ الأزهر «أفنى حياته في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية»، سائلاً الله أن «يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته». وكلف عباس وفداً برئاسة وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمود الهباش وعضوية مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين وقاضي القضاة تيسير التميمي للمشاركة في تشييع جثمان الشيخ طنطاوي. كما أعربت حركة «حماس» في وقت سابق في بيان عن «خالص تعازيها لمصر قيادة وشعباً وإلى أمتنا العربية والإسلامية بوفاة العالم الفاضل شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي». القاهرة- عماد الأزرق والوكالات