فقدت الحركة الشعبية أي براعة أو مهارة لها في العمل البرلماني. ليس ذلك فحسب بل انها وحين جاء وقت الجد، ووضعت القوانين الهامة وتعديلاتها التي ظلت تنادي بها، انكشف غطاؤها السياسي، وبدت متبرجة بأيدلوجية تصادم تماماً ما هو معقول ومقبول في الذائقة السياسية والاجتماعية السودانية، فقد بدأت المصادمة منذ أن جادل عرمان – بغير علم – في المادة (146) من القانون الجنائي سنة 1991 التي تعاقب على جريمة الزنا وقال فيها قولاً لم يقف فقط عند حد انتقاد حد شرعي وقانون سماوي لا مجال لانتقاده حتى ولو لم يكن عرمان مقتنعاً به، ولكنه كشف عن عدم المام بالقوانين والأعراف للدرجة التي اضطر فيها الدكتور غازي صلاح الدين للرد عليه بعبارة جامعة تساءل فيها عما اذا كان عرمان أو غيره من أعضاء كتلته البرلمانية يقبلون بجريمة الزنا واباحتها أو تغيير عقوبتها؟ وكان واضحاً أن عرمان ليست له اجابة على التساؤل، كما أنه لم يستذكر درسه جيداً قبل الادلاء برأيه، ولعل مرد ذلك – كما عذرناه وعذره الكثيرون – الى كون عرمان وبحسب سيرته الذاتية لم يوفق في استكمال دراسته للقانون حيث شغلته قضيته السياسية و(قضايا أخرى معروفة) عن اكمال هذه الدراسة الجامعية، وانه لو كان قد فعل لحسب ألف حساب قبل أن يقول ما قال ودليلنا على ذلك أن الأستاذ غازي سليمان الذي يشاركه عضوية الحركة وربما أيدلوجيتها والمعروف بآرائه الجريئة، لم يتعرض للنص، فالرجل يعرف القانون دراسة وممارسة وملم بتقاليد وأعراف السودانيين – حدث هذا الحدث ولم تمض عليه أيام حتى خرج عرمان بأمر آخر أكثر سوءاً من الأول فقد عارض التداول في قانون الصحافة لسنة 2009 الموضوع على منضدة البرلمان طالباً ارجاؤه (لمزيد من التشاور)!! وكان مبعث دهشة الكثيرين حتى من بين اعضاء كتلته البرلمانية أن مشروع القانون جرت المناقشة حوله بين الشريكين – الحركة والمؤتمر الوطني – قبل حتى أن يدخل القنوات الرسمية والأهم من ذلك أن المشروع برمته (صناعة حركية خالصة) اذا جاز التعبير! فكيف بمن يخترع الشئ، يطالب برفضه؟ وليت الأمر انتهى إلى هذا الحد، عادت ذات كتلة عرمان البرلمانية لمعارضة تعديل قانون الاجراءات الجنائية سنة 1991 لمجرد ادخاله لنص يقضي بأن تنظم المواكب والمسيرات والندوات بالقانون وأن تتشارك السلطة القضائية مع السلطة التنفيذية في اتخاذ القرار! لقد كان من الواضح ان هذا الذي يجري في البرلمان من قبل الحركة مجرد عبث واستخدام سيئ لحرية العمل البرلمانية فأين هي الموضوعية، والمهارة في النقاش، وقبول ما هو منطقي بشجاعة؟ فالعمل البرلماني عمل شريف يقتضي الأمانة ونظافة اليد وهو مسؤولية، اذ لا يمكن أن يطالب عاقل بأن يترك أي عمل سياسي لرحمة الذين يمارسونه دون قواعد وقوانين فالحركة الشعبية نفسها طالبت من قبل التضييق على احدى الصحف، ودفعها حنقها عليها لابتدار مشروع قانون قاسي؟! ترى لماذا اذن تعارض الحركة علناً ما تحبّذه وتشتهيه في خيلة نفسها؟