( الشعب السوداني تعود على الرخاء ويصعب فطامه)، جملة انتشرت كثيرا في الصحف الأيام الماضية، على لسان وزير الاستثمار السوداني الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وانزعج منها الشارع السوداني كثيرا، فكيف لمسئول كبير بالدولة أن يقول مثل هذا الحديث عن المواطن، ذهبنا إلى دكتور مصطفى لنتحقق منه هل قال ذلك بالفعل؟، وتطرقنا في الحوار لقضايا أخرى تمس الراهن السياسي عن الحوار الوطني وزيارة الرئيس للولايات المتحدة، وتناولنا التحديات الإقتصادية التي تواجه البلاد هذه الأيام. وفيما يلي نص الحوار. الشارع السوداني منزعج بما جاء على لسانك بالصحف بأنك قولت أن الشعب السوداني تعود على الرخاء ويصعب فطامه. هل هذا الحديث صحيح؟ . لا ليس صحيحا وهو كذب، وأنا لم أصرح لصحفي أو صحيفة بهذا الحديث، وأتحدى أي صحيفة أن تثبت أني قولت هذا الحديث، فهم أخذوا حديث عني بالقطع وكأنني أقول ( لا تقربوا الصلاة ولم يكملو). ماذا حدث إذن؟ . كنت في ندوة، ولم يأتي صحفي وصرحت له، فكنت جالس اتحاور مع شباب في اتحاد الشباب السوداني، وفي أثناء الشرح، قولت لها أن علاج الدعم صعب جدا على الشعب السوداني الآن، صعوبته ليس لأنه لم نعمل أصعب منه، ولكن صعوبته ناتجة من أنه عندما جاءت الإنقاذ كان الوضع أسوأ من ذلك بكثير، فلم يكن هناك بنزين ولا بترول، فكنا نقف في الصفوف حتى نتحصل على جالون، وكذلك رغيف العيش في صفوف ممكن تحصل عليه وممكن لا، وأي شئ بالتموين والندرة هي الحاكمة على كل شئ، ولا يوجد سكر، عملنا معالجات أصعب من معالجات الآن، تركنا الناس بدون سكر لمدة شهر، فلم يكن لدينا عملة صعبة لذلك، وايقاف فتح الحسابات بالنسبة للكماليات أسوأ من الآن، وضرائب على المغتربين، والمواطنون تقبلوه، لأن الوضع الذي أتينا فيه كان أسوأ، أما قرارات اليوم بعد البترول واختفت صفوفه، واختفت صفوف السكر والدقيق، انتهينا من مرحلة الندرة، وأصبح الوضع به رخاء، وضربت مثال بفيلسوف فرنسي قال أن الثورات لا تقوم عندما يكون كل شئ معدوما، انما الثورات تقوم عندما يتوفر بعض الشئ، وتصبح الكيكة غير كافية للجميع، فكل واحد يريد أن يأخذ أكبر نصيب من هذه الكيكة، وقولت الآن هناك جزء من هذه الكيكة، ولذلك الوضع أفضل من الوضع عندما جاءت الإنقاذ، وقلت أن الفطامة صعبة، فنحن نريد أن نفطم الناس من الدعم على البنزين أو غيره، ولذلك قولت بالمقارنة بين الوضعين، نجد أن المعالجة الآن بعد حالة من الرخاء ولو جزئية، مقارنة بوضع لم يكن به شيئا، ولذلك الفطامة صعبة، فهذا ماقلته بالظبط للشباب. فهذا ماقلته كان مقارنة. البعض يطالبك بالاعتذار عن هذا الحديث؟ . بصوت عال... أعتذر عن ماذا، أنا شرحت لكي ماحدث بالضبط، فلم أقل هذا الحديث، ومن نقله عني كذاب، وهناك تسجيلات لهذه الندوة باتحاد الشباب السوداني وسهل الرجوع إليها للتأكد مما قلته، وأيضا كان هناك صحفيين عليهم توضيح الحقيقة، فالأخبار آفاتها الرواه، وأقول لمن روج ذلك ( اتقوا الله فيما تقولون). هل أنت مقتنع أن هذه القرارات ستكون قاسية على الشعب وألا تخشون أن يكون لها ثمن سياسي؟ . أعترف تماما أنها ستكون قاسية، وسيكون لها ثمن سياسي، ولكن الحكومة رأت أنه من الأفضل أن تدفع الثمن السياسي، بدلا من أن تصل لمرحلة الاقتصاد يتوقف، ولم تستطع حتى تدفع مرتبات المواطنين، فالحكومة اختارت هذا الطريق لأنه الطريق الأفضل والأسلم. فأقول أنه كانت هناك قرارات أصعب ولكنها جاءت بعد حالة ندرة، أما القرارات الحالية فهي أقل صعوبة ولكن الناس ستراها أصعب لأنها جاءت بعد جزء من الرخاء بها دعم وليس بها ندرة، ولذلك تناقشنا حول أفضلية محاورة الناس قبل اتخاذ القرارات أم بعدها، ورأينا أنه مجرد الحديث عن الأسعار سوف تزيد، ولكنا فضلنا أن نلتقي القوى السياسية، ونأخذ اختياراتها لو كان لديها، والى الأن لم نر أي قوى سياسية أعطتنا خيار سوى خيار أن تمشي الحكومة، وهذا خيار لم تقبله الحكومة، ولكننا قلنا لهم هذه قضية وطنية، فلو لديكم رأي أسلم ومعالجة أفضل منا أعطونا اياها، فهذه كانت حكمة البدء من الحوار. أتتوقعون ردة فعل من الشارع؟ . قولت لكي أن الحكومة تعلم أن هناك ثمن سياسي، لكن الوضع الاقتصادي لو استمر بهذه الطريقة سيدخل البلد في متاهة، فماذا نفعل؟ هل سنوقف كل مشاريع التنمية، لأن الديون الخارجية حلت، والحكومة ليست مسئولة من هذه الديون، فهذه الحكومة أقل حكومة أخذت دين خارجي، فمعظمها جاءت من حكومات سابقة من أيام الرئيس نميري، ثم الديمقراطية ثم المشير سوار الذهب، ثم الديمقراطية التي جاءت بعد ذلك، لكن هذه الحكومة لخلافها مع الدول المانحة لم تأخذ دين، فهذه الديون الخارجية حلت الآن، والحكومة تسدد فيها، وهذا سيوقف مشروعات التنمية لأن نسدد للخارج، ومشروعات التنمية استراتيجية، وأسمي هذه المعالجة تصحيح مسار الدعم وليس رفع الدعم، فهناك كمية من الأموال أدفعها دعم، فنبدأ بعدم رفعه كله، فلن أقدر أرفع الدعم عن الدواء وغيره فهذا سيمس المواطن الفقير. مقاطعة لكن يادكتور رفع الدعم عن البنزين سيرفع كل الأسعار؟ . صحيح، ولكننا نريد أن نرفع القروش التي أدعم بها البنزين وأوجهها إلى أصحابها، فكل موظفين الدولة أعتبرهم كلهم فقراء، والأسر الفقيرة، فهذا الدعم على البنزين أرفعه لأعطية لهاتين المجموعتين بشفافية، والحكومة تعلن كم ماستأخذه من هذا الرفع ثم توجهه لمكانه الصحيح، ولذلك أسميه تصحيح مسار الدعم، فأنا لم أوافق الحكومة أن ترفع الدعم، وأنا موافق أن توجه الدعم توجيه صحيح، فما الذي يستفيد من البنزين الآن؟ أي سوداني فقير أو غني، والسيارات الموجودة في الشارع بما فيها الخاصة وهذه أصحابها أغنياء. هناك عربات أجرة لأسر فقيرة وليس كل من يمتلك عربه غنيا؟ . أنا أفتكر أن من لديه سيارة مرسيدس مثلا وغيرها من الماركات العالية هو غني وهذه موجودة بكثرة في الشارع، ولو اعتبرت أن كل الدعم للبنزين بيأخذه الفقراء والأغنياء، هل السودانيين فقط يأخذون هذا الدعم؟، لا لأن السودان به أجانب قرابة 50 ألفا، فهناك 30 ألف جندي في اليوناميد، وكلهم يأخذون البنزين المدعوم، ولينا قرابة ال 60 سفارة كلها تأخذه، سؤال هل هذا الدعم يصرف في داخل السودان، جزء كبير من البنزين يهرب إلى دول الجوار، اذن هذا الدعم يمشي إلى الفقراء بدرجة أقل، ويمشي أيضا للأغنياء، وماشي للسودانيين وغير السودانيين، يصرف داخل السودان وخارجه، ولذلك أريد أن أعدل مسار هذا الدعم، بحيث يصرف داخل السودان، وأن أوقف تهريبه، فهذا التهريب لن أستطع وقفه بالأمن، لأن حدودنا طويلة جدا، فصعب ذلك، ودول الجوار تأخذ البنزين بالسعر العالمي، ولذلك بنزينا مغري في التهريب، حتى لو منعته من التهريب، لماذا يأخذه الأجانب مدعوم، فأبيي بها حوالي 5000 جندي أجنبي والأمم المتحدة تدفع لها، فلماذا أدفع لها على حساب المواطن السوداني؟، أيضا لماذا أعطي الغني؟، وبالتالي أنا أصحح مسار الدعم، وقولنا نبدأ بالبنزين حتى يقتنع الشعب السوداني أنني أخذته من البنزين ودخلته في المرتبات للموظفين، أكثر الناس ينتقدون هذا القرار هم أصحاب العربات، والمعارضة لمكايدة الحكومة، فهل أنا حتى أقبل بضغط المعارضة أترك الإقتصاد يسير في الطريق الخطأ؟. المصدر: موقع أفريقيا اليوم 23/9/2013م